عشية عيده.. أحرقوه حياً

عشية عيده.. أحرقوه حياً

- بشير السيد
ظهيرة التاسع عشر من مايو الفائت، بدا إبراهيم نعمان الحميدي (18 عاماً) سعيداً للغاية؛ فقد كان متلهفاً لشروق شمس اليوم التالي كي يحتفل باستعادة عافيته، بعد أن يتخلص من أسياخ حديدية (مسامير) مزروعة في عظمة ساعده الأيمن.
حرص على حجز ملابس جديدة قبل أسبوع من يوم تحرره الذي حدده أطباء مختصون بجراحة العظام صباح ال20 من مايو. أراده بداية لحياة جديدة، لكن جريمة بشعة حدثت، هي أكبر من أن تحتمل.
خرج إبراهيم، الحالم بإمتهان الطب، من منزله الكائن في حي المهندسين -شميله أمانة العاصمة- في الخامسة من عصر ال19 من مايو الفائت، قاصداً محلاً في سوق شميلة، حيث حجز ملابسه الجديدة التي كان سيرتديها في اليوم الثاني عند ذهابه إلى المستشفى المغربي في شارع الزبيري محتفلاً بإزالة مسامير ساعده الأيمن.
لكن إبراهيم، الشاب الأسمر المنتمي إلى قرية السارة، مديرية العدين محافظة إب، لم يعد إلى منزل أسرته كما أنه لن يتمكن من الالتحاق بكلية الطب.
عند الساعة الثانية عشرة من مساء اليوم ذاته تلقى والد ابراهيم اتصالاً من رجال الأمن أبلغوه أن ابنه عثر عليه يحترق في سائلة 22 مايو وأسعف إلى قسم الحروق في مستشفى الجمهورية بأمانة العاصمة.
وطبقاً لمحاضر التحقيقات وشهود عيان، كانت النار تشتعل بقوة في جسد إبراهيم الملقاة في سائلة 22 مايو. وأخمدت النار بعد 5 دقائق من مشاهدة إبراهيم وهو يحترق؛ إذ إن الجناة فروا دون أن يتعرف عليهم أحد.
ظل محتفظاً بوعيه لثلاث ساعات في العناية المركزة في قسم الحروق، وقال خلالها لمندوب البحث إن أربعة أشخاص لا يعرفهم اختطفوه من سوق شميلة بعد صلاة المغرب إلى مكان يجهله، ثم عادوا به في المساء مكبل اليدين، وعلى فمه قطعة قماشية وألقوا به في السائلة، وصبوا كميات من البترول على جسده واشعلوا النار فيه، ثم لاذوا بالفرار.
بعدها توقف الشاب الأسمر المتفحم عن الحديث ليدخل في موت سريري.
قبل أذان فجر يوم ال20 من مايو توقف قلب إبراهيم، وهو اليوم الذي انتظره منذ 8 أشهر عندما تعرض لحادثة صدام، وسط ميدان السبعين مع طقم عسكري تابع للأمن المركزي توفي فيها شقيقه الأصغر أيمن (12 عاماً) بينما أصيب هو بكسور عدة في فخذه وساعديه، شفيت جميعها ما عدا ساعده الأيمن المزود بمسامير حديدية. وظل يكافح جراحاته منذ تلك الحادثة.
لكنه فارق الحياة عشية عيده، وجثته المتفحمة ما تزال في ثلاجة مستشفى الجمهوري. وبحسب مصادر مقربة فإن أُسرة إبراهيم لم تتهم أحداً حتى الآن، وتطالب بالكشف عن الجناة لنيل عقابهم.
التحقيقات لم تسفر عن معرفة الجناة لم تتوصل إلى الدوافع التي تقف وراء ارتكاب الجريمة.