علي تيسير وكيل وزارة حقوق الانسان لـ«النداء»: إذا لم يغلق بطريقة صحيحة.. سيفتح يوماً ما

* الفريق الدولي هو من أغلق هذا الملف، ولم تتسلم الوزارة رسالة شكوى من أسرة «السيلي» عن اختفائه
قال وكيل حقوق الإنسان إن كل عمل من أعمال الاختفاء القسري يعتبر جريمة ضد الكرامة الانسانية وإنكاراً لمقاصد الأمم المتحدة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
واشار علي تيسير في مقابلة مع «النداء» إلى أن الإختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له من حماية القانون وينزل به وبأسرته عذاباً شديداً، وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل حق الشخص في الإعتراف به كشخص في نظر القانون وحقه في الحياة والحرية والأمن، وفي عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية.
وكيل وزارة حقوق الإنسان الذي كان يتحدث في مكتبه قال أيضاً إن الحكومة اليمنية تعاطت بجدية وشفافية في هذا الموضوع مع فريق الإختفاء القسري من الأمم المتحدة الذي قدم إلى اليمن بخصوص طلب معلومات حول عدد من حالات الإختفاء القسري التي نتجت معظمها من جراء الإقتتال الداخلي في جنوب اليمن قبل تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990م، والذي بات يعرف بأحداث 13 يناير 1986م.
وأضاف: «لقد استقبلت بلادنا الفريق العامل المعني بالإختفاء القسري منذ أغسطس 1998م، لبحث الوسائل الممكنة لحل هذه المسألة الإنسانية وبيان الجهود الحكومية وشرح الصعوبات والمعوقات التي تقف حائلاً أمام الحكومة في سبيل الحل وتمكينها من مقابلة المسؤولين الحكوميين وأسر الضحايا، وحتى الآن مازال التعاون الشفاف قائماً.
الواضح من حديث المسؤول الثاني في وزارة حقوق الإنسان أن الجهود الحكومية كانت تنصب لإقناع الخارج الممثل في الفريق المعني بالإختفاء القسري، في جنيف. غير أنه يبرر هذا بأن لقاءات عدة قامت بها الوزارة مع أسر وذوي المختفين وأنها ما زالت تتابع بقلق هذا الأمر. وأشاد بالدور الذي لعبته اللجنة الوطنية لحقوق الانسان منذ البداية وبذلت الجهود المضنية، كما قامت بنشر إعلان صحفي لكافة أسر الضحايا لتقديم معلومات حول إختفاء ذويهم ونفذت العديد من الاجراءات الفاعلة لإستجلاء مصير المختفين، وقد قامت بتقديم تقرير في العام 2002م يتضمن المعلومات المتحصلة نتيجة لتوصيات الفريق العامل عن حالات الإختفاء القسري في اليمن. كما قام وفد رسمي بالعديد من الزيارات بدعوة من الفريق وتم مناقشة التقارير المقدمة من الجانب اليمني في لقاء عقد في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك في اغسطس 2002م.
وأوضح الوكيل: «كان نتيجة تلك الجهود أن أوقف الفريق النظر في (56) حالة من الحالات المبلغ عنها لاقتناعه بالردود المقدمة حولها، واعتبارها منتهية بعد مرور ستة أشهر كاملة دون تلقي تعقيبات أو مراسلات حولها من قبل الجهات التي أبلغت عن تلك الحالات أو الأسر المهتمة بمعرفة مصير أقاربها المدعى اختفاؤهم، وأبقى الفريق تحت النظر (35) حالة طالب الفريق الحكومة اليمنية ببذل المزيد من الجهود في التحقيقات حول هذه الحالات حتى يتم استجلاء الموقف عنها. كما وافى الفريق اليمن بالحالات الأخرى المسجلة لديه وعددها (150) حالة اختفاء يدعى بحصولها في فترات مختلفة منها في الستينات والسبعينات والثمانينات ومنها يدعى حصولها في حرب صيف 94م أو أثناءها».
وتابع: «لقد قمنا بصفة دورية بإرسال كافة المعلومات التي حصلنا عليها إلى الفريق العامل المعني بالإختفاء القسري حيث أعلن الفريق العامل تعليق النظر في (6) حالات وتطبيق قاعدة الستة الأشهر عليها لاعتبارها منتهية في شهر سبتمبر 2004م».
وحول اعتبار الوزارة تاريخ الإعتقال تاريخ وفاة للاشخاص المختفين وقيامها بتقديم معلومات للفريق الدولي حول العديد من المختفين باعتبارهم متوفين قال: «عندما لا نعرف مصير شخص له سنوات طويلة مختف حينها نعتبره متوفى ونقدم للفريق الدولي معلومات عن استلام ذويه لراتبه بانتظام».
يعتبر وكيل وزارة حقوق الانسان تسليم الراتب لذوي المختفي الذي تعتبره الوزارة متوفى وتطالب جهة عمله بشهادة الوفاة إنقاذاً لسمعة البلد [وردت هذه العبارة في احدى مخاطبات الوزارة] تعويضاً كافياً لأسرته، وأن غير الموظفين قد تم اعتماد مكافأة شهرية لذويهم «لا يعرف مقدارها». وفي يونيو 2005م، أعلن فريق الإختفاء القسري أن الحالات التي ما زالت قيد النظر من قبل الفريق عددها (90) حالة فقط، بعد أن تم إقناعه من الجانب اليمني بأن الحالات الأخرى (60) حالة، تعتبر منتهية و غير محتاجة إلى إعادة البحث والتحري حولها.
خلاصة حديث وكيل وزارة حقوق الانسان أن هناك التزاماً رسمياً يمنياً دؤوباً لإقناع الفريق الدولي بإغلاق قضايا مختفين قسرياً ما زالت حالاتهم تمثل قلقاً كبيراً أمام الحكومة اليمنية، وأن هذا الجهد الذي ينصب بتفان نحو الخارج يكسوه الصمت وربما الغياب في التواصل مع أسر وذوي المختفيين قسرياً في الداخل. وأن أسارير الوجه تبدو عريضة حالما يحقق الفريق اليمني نجاحاً في إقناع الفريق الدولي بإغلاق قضايا مختفيين قسرياً غالب أهاليهم يعيشون ظروفاً صعبة وإنتظاراً قاسياً.
ويقول علي تيسير إن الفريق اليمني الذي يضم ثمانية أعضاء قام بالنزول الميداني لأغلب المحافظات والمدن التي يتواجد فيها أهالي المختفين لرفدهم بالمعلومات التي يمكن رفد التقرير الرسمي بها- وهذا يعني أن الجهود المبذولة تنصب في إثبات حالة الوفاة بالنسبة للمختفين، دونما تقديم شهادات تثبت وفاتهم من قبل الجهات التي قامت باعتقالهم.
ورغم نفي عديد من ذوي المختفين لـ«النداء» الذين كانوا غير موظفين مع الدولة، استلامهم لمرتبات حكومية، إلا أن وكيل حقوق الإنسان أكد أنه تم التواصل مع عديد جهات رسمية وهي تتكفل بمنح إعانات ومرتبات شهرية لذويهم اعتبرها الوكيل تعويضاً.
وقال وكيل وزارة حقوق الإنسان: «سنغلق هذا الملف غلقاً أمنياً، قسرياً. وإذا لم يغلق بطريقة صحيحة فإنه سيفتح يوماً ما».
وأضاف: «إن ملف المختفين قسرياً من الملفات الكبيرة وتستحق الأطراف الرسمية التي تعمل في هذا الشأن التقدير».
وحول مسؤولية الدولة ومساءلتها إزاء حالات إختفاء قسري كانت طرفاً فيها قال: «كيف أحاسب أشخاصاً ليس لديهم يد في الموضوع، ولم تكن الدولة الحالية هي من تحكم، والمسؤولون ليسوا هم انفسهم عندما حدثت عمليات الإختفاء؟! ولو كانت الدولة هي التي تحكم لحاسبناها بشكل كبير».
وتابع: «لا تتحمل الدولة مسؤولية مباشرة فيما حصل ولكنها تظل مسؤولة أخلاقياً وانسانياً حتى تقوم بالسيطرة عليه وتعويض المتضررين وهي تجتهد من أجل هذا وإن كان ليس بشكل كامل».
وقال علي تيسير إن وزارته مستعدة لبذل كل جهودها إذا تبين أن أياً من ذوي المختفين لا يتسلمون رواتب ذويهم أو تعرضت للإيقاف لأنها وسيط بين الأشخاص والجهات الرسمية. «أقول عبر «النداء»: أي أسرة تم إيقاف راتب عائلها المختفي قسرياً لن تقف الوزارة مكتوفة الأيدي وستتابع بجدية هذا الأمر».
وبشأن إختفاء صالح منصر السيلي قال: «ليس لدينا معلومات كافية ومؤكدة عن حالته. وما نعرفه أنه كان لديه إمكانيات مالية كبيرة وقد يكون إختفاؤه مناسباً له بل ومن في حالته سيبذل كل الجهود حتى يختفي.. علاوة على أن وزارة حقوق الإنسان حتى الآن لم تتسلم أي شكوى من أهله وذويه عن إختفائه لذا فإن الغموض يحوم حوله».
وأوضح أن العديد من الجماعات استخدمت هذا الملف استخداماً سياسياً للمناكفات. لكنه يحترم الآراء من أي جهة كانت ما دام الموضوع بهكذا أهمية.
وحول نية العديد من أسر المختفين تفعيل قضيتهم دولياً حال استمرت الجهات الرسمية متجاهلة لهم قال: «المسألة لا تحتاج إلى هذا الحمل الثقيل».
وعن قانونية إغلاق الملف من قبل وزارة حقوق الإنسان قال: « الفريق الدولي هو من أغلق الملف طبقاً لشروطه المتبعة»
وأشار وكيل وزارة حقوق الانسان إلى أن جملة من الصعوبات واجهت عملهم منها عدم وجود سجل مدني متكامل لتسجيل جميع حالات الولادة والوفاة خلال الفترة التي وقعت فيها الأحداث، وأن العديد من الظروف والأوضاع التي رافقت تلك الأحداث أدت إلى فقدان الكثير من القرائن التي يمكن الإعتماد عليها كأدلة إثبات للحالات، فضلاً عن عدم وفرة البيانات المقدمة من المفوضية لتوضيح الحالات المحددة في كشوفاتها، والصعوبات التي رافقت عملية البحث عن المعلومات وعدم ذكر ألقاب بعض الحالات الواردة في كشوفات المفوضية ووجود تشابه كبير في الاسماء الثلاثية لبعض الحالات.
«إن ما تأمله اليمن من الفريق الدولي هو أن يتم تطبيق قاعدة الستة أشهر على كافة الحالات المدرجة في كشوفات الفريق العامل المعني بالإختفاء القسري».
هذا ما يؤكده الوكيل علي تيسير والعبارة التي تجدها الوزارة مناسبة لتذيل بها تقاريرها المقدمة إلى المفوضية السامية.
[email protected]