شابةُ أميِّة أخلصت لزوجها ولأعراف مجتمعها فحصدت حكماً بالإعدام.. ليمة في «البحرين»

شابةُ أميِّة أخلصت لزوجها ولأعراف مجتمعها فحصدت حكماً بالإعدام.. ليمة في «البحرين»

- «النداء»:
تمكنت «ليمة» حتى اللحظة من مقاومة إغراء الغرق في «البحرين» طيلة سنوات ثلاث، وهي تكافح حالياً من أجل إسقاط حكم بإعدامها صدر بعد محاكمة تفتقر إلى الضمانات القانونية.
عندما أُقتيدت ليمة سعيد هادي، 30عاماً، إلى «البحرين»، السجن المركزي في جعار، كانت ما تزال في فترة نفاس، وكان مقدراً لطفلها ذي الأربعين يوماً أن يؤنس في الظلمات وحشة أم مقهورة استدرجها الجهل والقهر الاجتماعي الى مصيدة القانون.
والحاصل أن عوامل اجتماعية وأسرية دفعت «ليمة» قبل أكثر من 3 سنوات إلى الاعتراف بقتل «يسلم لسود» وهو زوج شقيقة زوجها. وطبق إفادات عديدة فإن «ليمة» خضعت لضغوط من زوجها للإعتراف بجرم لم ترتكبه. أوهمها الزوج بأن المرأة «لا تُقاد برجل» في القانون اليمني، كما في العرف. ولوَّح بحرمانها من أطفالها إن لم تستجب لمشيئته.
صدّقت المسكينة المعدمة، المحرومة من التعليم، زوجها، لكنها ما لبثت أن نقضت أقوالها، معترفة أمام المحكمة الابتدائية في جعار بأن إقرارها ناجم عن انقيادها لمشيئة زوجها، ولغرض حماية أسرتها.
لكن المحكمة، كما النيابة، لم تلتفت لأقوالها، وبنت حكمها على اعتراف مشكوك فيه، لا تسنده حيثيات ودلائل قاطعة.
وإلى أفراد من أسرتها، تجد «ليمة» نصرة من اتحاد نساء اليمن فرع أبين، مستفيدة من مشروع الحماية القانونية والمناصرة الذي يتولى، بدعم من منظمة أوكسفام، تقديم العون والحماية القانونية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف أو الخطر.
آمنة محسن، رئيسة فرع اتحاد نساء اليمن في أبين، ورئيسة لجنة مناصرة المرأة، أفادت بأن اللجنة أوكلت إلى محامٍ مهمة الدفاع عن «ليمة» أمام الإستئناف. وأضافت في اتصال هاتفي أجرته «النداء» معها أمس، بأن مشروع الحماية القانونية والمناصرة أعد خطة لنصرة «ليمة»، وحشد التأييد لقضيتها في الأوساط الحقوقية والإعلامية. وتتضمن الخطة ندوة تعقد صباح اليوم في زنجبار لمناقشة أوراق قانونية وحقوقية وإعلامية أعدها مختصون.
وطبق مصادر عديدة، فإن «ليمة» كانت تقطن مديرية المحفد شرقي محافظة أبين، رفقة زوجها وأطفالها الأربعة. وهي تنتمي لأسرة من البدو الرحل. وبسبب طبيعة مجتمعها فإنها لم تحظ بفرصة دخول المدرسة. وارتبطت «ليمة» بعلاقة عاطفية قوية بزوجها. وكانت شقيقة الزوج قدمت إلى منطقة سكنها، لتقيم مع زوجها (المجني عليه).
ورجحت المصادر أن يكون زوج «ليمة» تورط في قتل صهره (زوج شقيقته) لدوافع ذات أبعاد إجتماعية وأخلاقية.
وبُعيد مقتل يسلم لسود، انصاعت «ليمة» الأميِّة المحبة المُنذَرَة لزوجها، لفكرة الزوج بأن تعترف بارتكاب الجريمة لأن «المرأة لا تقاد بالرجل» بحسب أعراف القبيلة، وبالتالي القانون.
هكذا تقدمت الزوجة المقهورة لحقن دماء آخرين في اسرتها، بينهم، وربما في مقدمتهم الزوج.
نُقلت المتهمة البريئة (بالمعنيين القانوني والإنساني) من المحفد إلى مدينة جعار، حيث يقع سجن «البحرين» الصرح الوحيد في المحافظة الذي توجد فيه غرفة مخصصة للسجينات، الغرفة التي تستضيف منذ نحو 3سنوات، ليمة وطفلها الأصغر الذي جاء إلى الحياة في رحابة السجن، وعمره من عمر محنة حملت أمه إلى «البحرين».
تخلت «ليمة» عن أعز حقوقها من أجل زوجها، وما كان لها إلا أن تحصد حكماً بحرمانها من حقها الأخير: الحق في الحياة.
وفي المقابل تخلى زوجها عنها، وطلقها، واختفى حاملاً أطفالها الأربعة.
صدر الحكم الابتدائي قبل عدة شهور. وقد عقدت محكمة الاستئناف بالمحافظة عدة جلسات، للنظر في استئناف المتهمة.
وكانت آمنة محسن ناشدت في فبراير الماضي رئيس الجمهورية ووزراء العدل وحقوق الانسان والشؤون الاجتماعية والتأمينات، ومحافظ أبين فريد مجوَّر، ومنظمات حقوقية ومدنية العمل على نصرة المتهمة وتأمين ظروف طبيعية لتحظى بمحاكمة عادلة، تُسقط حكم الاعدام الصادر في حقها، والعمل من أجل «إعادة أطفالها الذين أنتزعوا منها بالقوة»، بحسب المناشدة.
وكانت إشراق المقطري مديرة مشروع الحماية القانونية والمناصرة، آملت في تصريح لـ«النداء» ألاَّ تكون المتهمة «ليمة» ضحية عنف قانوني وقضائي بعدما ظلت لسنوات ضحية عنف أسري ومجتمعي. كذلك حال «ليمة» التي تكاد تغرق في «بحرين»: بحر من الظلمات القانونية وآخر من الظلمات الاجتماعية!