هيئة الدفاع تتابع اجراءات الإفراج الفوري عنهم.. مجلس القضاء: على المعسرين ترقب هلال رمضان

هيئة الدفاع تتابع اجراءات الإفراج الفوري عنهم.. مجلس القضاء: على المعسرين ترقب هلال رمضان

- «النداء»:
يتعين على السجناء المعسرين أن يترقبوا مجدداً ولادة هلال رمضان!
مصادر خاصة أبلغت «النداء» بأن رسالة صريحة وردت إلى عنابر السجن المركزي في العاصمة تفيد المعسرين بأن أية أحكام في دعاوى إعسار صدرت لصالحهم لن تنفذ قبل رمضان.
السجون المركزية في العاصمة والمحافظات تحتضن مئات المسجونين على ذمة حقوق خاصة. ويقول قانونيون إن سجن هؤلاء هو بمثابة احتجاز حرية، «لأنه مخالف للقانون، وجريمة توجب عقاب مرتكبها». وتطالب هيئة الدفاع عن المحتجزين بالإفراج عنهم فوراً باعتبار أن حجزهم «تصرف يتم خارج القانون».
لا يبدو مجلس القضاء الأعلى عازماً على وضع حد لـ«تصرف خارج القانون»، لكأن رئيس وأعضاء المجلس يأخذون الحملة الإعلامية والقانونية ضد هذا الانتهاك الصارخ للقانون على محمل شخصي. و هم اصطنعوا آليات مضادة للقانون عبر اختلاق وظيفة لقاض في شمال العاصمة (أي في محيط المأساة المستمرة داخل السجن المركزي)، تحت مسمى «قاضي الإعسار».
أوكل المجلس لقاضي الإعسار مهمة النظر في دعاوى إعسار قد يرفعها المحتجزون على حقوق خاصة. تم تزويد القاضي بنماذج مذلة مطلوب من الضحايا تعبئتها كيما يقبل القاضي النظر في دعاواهم.
وطبق مصادر «النداء» فإن القاضي أصدر 6 أحكام بالإعسار لصالح 6 سجناء من بين 100 سجين تقدموا بدعاوى إعسار. لكن هذه الأحكام لم تشفع للمستفيدين منها،إذ أن عليهم إحياء عاداتهم القديمة التي اكتسبوها داخل غياهب السجن، أي: ترقب هلال رمضان، ثم انتظار ما قد تجود به اللجان العليا التي يشكلها الرئيس لتفقد أحوال السجناء. وبدلاً من نفاذ القانون، يتوقف مصير ضحايا اللجان العليا ومجلس القضاء الأعلى، على منسوب الإحسان في ضمائر رجال السلطتين التنفيذية والقضائية.
سميرة داود، منسقة ملتقى 17 يوليو (النسوي) لأسر وأطفال المحتجزين، وجهت الأحد (2 ابريل) مذكرة إلى النائب العام تستنكر فيها عدم إدراج اسماء 9 من المحتجزين على ذمة حقوق خاصة، ضمن كشف النيابة العامة بأسماء السجناء الذين سينظر في حالاتهم من قبل نيابة شمال العاصمة والقاضي المكلف بالنظر في دعاوى الإعسار.
مذكرة منسقة الملتقى استغربت تجاهل اسماء السجناء التسعة الذين قاموا بتوكيل هيئة الدفاع عن المحتجزين. لافتة إلى أن أسر المحتجزين ليست مقتنعة بإجراءات السلطة القضائية التي أعقبت مبادرة عشرات المحتجزين إلى توكيل هيئة لمتابعة قضيتهم.
في نوفمبر الماضي أوكل قرابة 50 محتجزاً في السجن المركزي إلى هيئة دفاع مهمة مقاضاة الجهات المسؤولة عن حجز حرياتهم، وإلغاء القرارات الإدارية باحتجازهم باعتبارها مخالفة لصريح القانون، فضلاً عن تعويضهم عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن حجز حرياتهم.
كانت «النداء» نشرت منذ رمضان الفائت سلسلة تحقيقات وتقارير تكشف فداحة المأساة التي دفع إليها مئات السجناء وبالتبعية اسرهم وأطفالهم، جراء عنت الأجهزة القضائية والإدارية، وتعسف النيابة العامة في تنفيذ القانون.
وقرَّر عشرات الضحايا الكف عن انتظار هلال رمضان وإحسان اللجنة الرئاسية المشكلة سنوياً لغرض النظر في مصائرهم، وبادر هؤلاء إلى تحرير مذكرة توكيل إلى المحامي نبيل المحمدي لمقاضاة المسؤولين عن حجز حرياتهم.
تشكلت هيئة دفاع عن المحتجزين برئاسة أحمد الوادعي، وتضم، إلى نبيل المحمدي، المحامي هايل سلام ومحمد المداني ومحمد علي البذيجي.
شرعت الهيئة في إجراءاتها لوضع حد لمعاناة موكليها. لكن مجلس القضاء الأعلى قرَّر في خطوة مفاجئة (16 ديسمبر الماضي) تعيين القاضي محمد حمود المعمري قاضياً في محكمة شمال الأمانة، مهمته النظر في دعاوى إعسار قد ترفع إليه من السجناء في السجن المركزي في العاصمة. وطبق تصريحات صحفية منسوبة لمصادر في المجلس فإن اللجنة الخاصة بالسجناء المشكلة بقرار من رئيس الجمهورية، ستنظر تباعاً في حالات السجناء المعسرين.
وعلى الرغم من ترحيب أسر السجناء المعسرين بقرار مجلس القضاء الأعلى، الذي فهم على أنه خطوة قاصرة من الأجهزة المعنية لتدارك أخطاء تراكمت على مدى سنوات، فإن منظمات ودوائر قانونية وأهلية اعتبرت قرار مجلس القضاء محاولة يائسة للإلتفاف على حقوق المحتجزين، وامتصاص توابع الحملة التي تصدت لها صحيفة «النداء»، والحد من توقعات الضحايا من ان القانون كفيل بالانتصار لحقوقهم وجبر الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم وبأسرهم.
في فبراير الماضي وجهت هيئة الدفاع عن المحتجزين مذكرة إلى وزير العدل تطلب إلغاء القرار الإداري باحتجاز موكليها.
غازي الأغبري وزير العدل، العضو في مجلس القضاء الأعلى، أحال مذكرة الهيئة على النائب العام «للإطلاع وتوجيه النيابات المختصة بعرض قضايا هؤلاء المحتجزين وغيرهم من المحبوسين في قضايا إعسار على القاضي المذكور للبت فيها»، حسبما جاء في مذكرة الوزير الموجهة إلىالنائب العام في 7 مارس الماضي.
إحالة طلب هيئة الدفاع إلىالنائب العام، تعبِّر عن تجاوب مع الهيئة، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن سابق إصرار بعدم الالتفات إلى محتويات الطلب، وتمترس مستغرب من ممثلي الحكومة وراس السلطة القضائية حول قرارات ومواقف تؤكد هيئة الدفاع مخالفتها لصريح القانون، بما في ذلك قرار مجلس القضاء الأعلى تعيين قاض للنظر في دعاوى إعسار مطلوب تقديمها من المحتجزين.
هيئة الدفاع قررت الاسبوع الماضي متابعة الإفراج عن المحتجزين لدى النائب العام.
مصدر في الهيئة أكد رؤية الهيئة من أن احتجاز الموكلين عمل خارج القانون، لذلك فإنها «تعمل من أجل الإفراج عنهم».
المصدر أوضح أن القانون رسم طريقاً واضحاً للمطالبة بالحقوق الخاصة التي على ذمم الموكلين «وذلك عن طريق قاضي التنفيذ لدى المحكمة المختصة»، وشدَّد على أن الإفراج عن الموكلين لا يتطلب صدور حكم من «قاضي الإعسار» يقرر إعسارهم.