البلد السعيد

البلد السعيد - محمد الغباري

قتيل في شارع رئيسي وأربعة جرحى، وثلاثة قتلى وثمانية مصابين في معركة أخرى، دارت وقائعها في الضاحية الجنوبية للعاصمة، ودولة مجندة لخدمة شيخ ينكل بالمواطنين في محافظة ستحتضن احتفالات البلاد بالانتصار على الظلم والتشطير. هذا هو ربيع العام الجاري.
أي بلد هذا الذي يحتفي فوق جثث أبنائه بما يدعي انها انتصارات، فهناك يتساقط العشرات يومياً بين قتيل وجريح في محافظة صعدة، دون ان يعرف احد لماذا هذا الثمن؟! وفي «العود» المواجهات القبلية محتدمة، والقبيلة وحدها حائط الصد الأكثر صلابة في هذا المحيط المتهالك.
 منظمات المجتمع المدني وقوى الحداثة تدفع ثمن هذا العبث الذي يمتد من البحر إلى تخوم الحجاز، فالصحافيون «جزم» و«كس امهاتهم»، هذا ما انداح من فيض الثقافة العالية لمنتسبي أجهزة الأمن، إذ كان لابد لهم ان يسمعوها لصحافيين حضروا إلى مبنى محكمة الاستئناف لمتابعة أمر الافراج عن الزميل علي السقاف، رئيس تحرير «الوحدوي» الذي مارس الأشاوس معه كل صنوف البلطجة.
الابطال الذين لم يعرف المهانون اسباب ثورتهم والهيجان الذي انتابهم عند سماعهم كلمة صحفي، لم يكتفوا بالشتم والاهانات، بل لاحقوا الزملاء في الشوارع وشحنوا اسلحتهم بوجوهم قبل سماعهم تدخل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الذي منحهم فرصة النفاذ بجلودهم.
الحادثة ليست جديدة ولن تكن الأخيرة ما دام هناك خطاب رسمي تحريضي وعدائي ضد الصحافيين ، ومجلس نقابة متساهل إزاء تكرار الحوادث والاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون، ومع ذلك ما تزال هناك مهمة نبيلة يتوجب على قيادة النقابة عملها.
حين أقر صندوق الألفية إعادة ضم اليمن إلى قائمة الدول «المرشحة» للاستفادة من مخصصات الصندوق هللت السلطات للنصر الكبير على المعارضين والداخل واعتبرت ذلك تأكيداً على زيف ادعاءات المعارضة و سلامة النهج الديمقراطي.
لم يفهم هؤلاء أن الهدنة التي اعلنتها السلطات مع الصحافيين تحديداً، وبعض الاجراءات الشكلية فيما يخص مكافحة الفساد كانت هي السبب وراء هذه الخطوة المؤقتة، وأن النشوة التي انتابتهم اليوم ستعود على البلاد بالوبال لأن العالم سيكتشف سريعاً اننا نعيش على الكذب ومن اجله فقط. وفي كل الأحول لا بد من الإقرار بأننا ما زلنا البلد السعيد.
malghobariMail