حرب الاتصالات الثالثة.. تفهُّم ودهشة وامتعاض

مع اندلاع المواجهات العسكرية بين الدولة وجماعة الحوثيين في صعدة والتي دخلت طورها الثالث، بادرت الأجهزة الأمنية بفرض رقابة صارمة على مستخدمي الاتصالات وبوجه الخصوص مراكز الاتصالات العمومية في العاصمة الذين ألزمتهم بتطبيق إجراء احترازي مؤقت مع زبائنهم وذلك بتسجيل بياناتهم الشخصية ومن واقع بطائق هوياتهم. الأمر الذي قلص أعداد زبائن هذه الخدمة المنتشرة بشكل كثيف. كما أثير العديد من التساؤلات حول هذه الإجراءات الأمنية التي تسببت ببعض المتاعب لأصحاب مراكز الاتصالات، كاشفاً بالوقت نفسه ردود أفعال المستخدمين المتباينة بين القبول بهذا الأمر الطارئ، والاستغراب، والنفور من هذا الإجراء أو الإعتداء على الخصوصية.
ولمعرفة بعض بواطن هذا الأمر وتأثير هذه الإجراءات الأمنية على أصحاب مراكز الاتصالات ومرتادي هذه الخدمات، كان هذا التحقيق المبسط مع الطرفين:
> رائد العصري، صاحب مركز للاتصالات جوار الجامعة القديمة، أكد أن هذا الإجراء يتخذ أمنياً وبشكل مؤقت وذلك بسبب الحرب الناشبة في محافظة صعدة بين المتمردين الحوثيين وأجهزة الدولة التي تتخذ هذه الاجراءات بهدف أمن وسلامة المواطنين من الأعمال التخريبية التي قد تطالهم. مضيفاً أن العديد من مستخدمي مراكز الاتصالات يبدون تفهماً عند طلب إبراز بطائق هوياتهم الشخصية عند اجراء اتصالاتهم. فيما تبرز بعض الاشكاليات البسيطة مع البعض ممن لا يحملون بطائق الهويات الشخصية في حينها. إضافة إلى امتناع العديد من النساء والفتيات عن ابراز الوثائق التي تثبت شخصياتهن، الأمر الذي يضطر الكثير من مراكز الاتصالات للتغاضي عن تطبيق هذه الاجراءات مع النساء والفتيات.
> بدوره يشير عبدالفتاح الحاج، العامل في احد مراكز الاتصالات في شارع «الرقاص»، إلى تسلمه الاستمارات الخاصة ببيانات المتصلين وكذلك الاخرى الخاصة ببيانات مالكي المراكز وذلك من قبل مندوب مركز شرطة المنطقة. مضيفاً أنه قام بواجبه على أكمل وجه في تنفيذ هذه الأوامر مع كافة الزبائن، إلا أن هذه الاستمارات التي استلمها في حينها ما زالت في حوزة المركز ولم يمر أي من مندوبي شرطة المنطقة لاستلامها منذ ثلاثة اسابيع.
> وعلى العكس من ذلك أكد معاذ حزام، العامل في مركز للإتصالات بشارع «هائل» مرور وتعقيب مندوبي قسم شرطة المنطقة التي يتبعها، يومياً. ونفى أي اشكالية مع الزبائن في هذا الخصوص.
> فيما يشير خلدون الحميري، مالك مركز للاتصالات في شارع حدة، إلى اشكاليات يواجهها مع العديد من الزبائن الذين يبدون حالة شديدة من الاندهاش والتساؤل عن هذا الأمر كما يبدي العديد من الزبائن نفورهم من هذا الاجراء الذي يعتبرونه تعدياً على خصوصياتهم.
منير العواضي الذي يعمل في مركز للاتصالات أشار إلى تضرر الكثير من هذه المراكز جراء هذا النظام. مبيناً في الوقت ذاته حجم الضرر الذي رافق هذه الإجراءات التي أدت إلى تراجع مداخيل الكثير من المراكز بنسبة 50٪_، «وهذا ما جعلنا نغض الطرف عن الزبائن المعروفين لدينا وتطبيق الاجراءات على بعض الزبائن الذين نشتبه بهم».
< على الطرف الآخر التقينا بعض المستخدمين للاتصالات عبر خدمات مراكز الهواتف العمومية. ونسجل آراءهم المختلفة تجاه هذه الاجراءات الأمنية.
> نور الدين العكاد، مهندس نفطي، أكد تفهمه لطلب إبراز بطاقة هويته عند استخدامه لخدمات الاتصالات عبر المراكز العمومية، والتي أرجعها لأسباب أمنية بحتة وبشكل مؤقت. واعتبر الأمر طبيعياً تم اتخاذه مع مسار الاشكاليات التي تمر بها الدولة مع كل أزمة عسكرية تنشب مع حركة التمرد في محافظة صعدة.
> فيما يبدي جلال العامري، خريج كلية التجارة، بالغ دهشته من هذه الاجراءات الأمنية والتي سبق وإن واجهها منذ ثلاثة أعوام مع بداية إندلاع الحرب الأولى مع جماعة الحوثي في صعدة. مضيفاً أنه واجه الاسبوع الماضي موقفاً ظريفاً بهذا الخصوص وذلك عندما دخل إحدى كبائن مركز اتصالات، ولم يطلب منه صاحب المركز إبراز بطاقته الشخصية، وطلبها، الاخير، من احد الزبائن بإلحاح شديد أدى إلى مشاجرتهما، مرجعاً هذا الأمر إلى الريبة من بعض الزبائن والارتياح للبعض الآخر.
> وبدوره عبر الزميل الصحفي، عزت مصطفى، عن إنزعاجه من هذا الاجراء المتعدي على الخصوصية الذاتية. مفضلاً بالمقابل الاعتماد على استخدام هاتفه المحمول تجنباً لتدوين بياناته الشخصية في مراكز الاتصالات المختلفة.