أقامه منتدى التنمية السياسية.. الاحتفاء بجار الله عمر.. فارس الحوار ومهندس الوفاق

أقامه منتدى التنمية السياسية.. الاحتفاء بجار الله عمر.. فارس الحوار ومهندس الوفاق

جاءت ذكرى جار الله عمر، الرابعة 28 ديسمبر، في أيام عيد، فلم ينتبه أحد. قليل مقالات سريعة كُتبت هنا وهناك عن الرجل وذكره، ولا شيء غير ذلك. جاءت الذكرى والكل مشغول بعيده، فكان لزوماً ترحيلها إلى وقت لا ازدحام فيه ولا أشغال كثيرة.
وكان صباح أمس الأول. فعالية احتفت بجار الله عمر، على طريقتها مستذكرة إياه في قالب لم يساير الاحتفاءات الكلامية المكرورة ولم تقع في دلوها. فعالية أقامها «منتدى التنمية السياسية» ورفعت عنواناً كبيراً يقول: «جار الله عمر.. فارس الحوار ومهندس الوفاق».
لم تكن هناك أوراق مكتوبة ومقدمة مسبقاً. كانت فعالية هي أشبه بحلقة نقاشية مفتوحة أكثر مما كانت ندوة، بحسب ما تم تثبيته على خلفية منصة المتحدثين.
الفاتحة كانت مع بسام جار الله عمر، في حضور لأصغر أبناء الراحل سناً. وبعده كانت كلمة للمعهد الديمقراطي الوطني الامريكي بصنعاء ومديره بيتر ديمتروف، والذي تقام الفعالية برعاية اشترك فيها.
وقبله كان علي سيف حسن -الرئيس التنفيذي للمنتدى- قد تحدث في كلمته عن جار الله عمر، الذي، قدم حياته ثمناً لمواقفه المبدئية وخياراته الاستراتيجية في إحلال الحوار والانفتاح والتوافق، محل الصراع والاحتراب والانغلاق». وقال: «كما هو واضح من عنوان الندوة فإننا اليوم سنقف أمام عدد من المفاهيم التي تمثلها الشهيد جار الله عمر والتزمها منهجاً له أثناء مسيرته السياسية الطويلة والممتدة بامتداد حياته». وأكد حسن أن الحوار بالنسبة لجار الله عمر كان مراساً صعباً وكان هو فارسه.
وبعدها فتحت محاور الندوة التي راحت مقسومة على ثلاثة اتجاهات: محور يقول في «ذكريات وتجارب حوارات وتسويات سياسية مع الشهيد جار الله عمر»، وعرضها عدد من قادة الاحزاب السياسية اليمنية، تحدث منهم عبدالملك المخلافي وعبدالوهاب الآنسي وكلاهما ذهبا في الحديث عن جار الله عمر، رجل الحوار، كدلالة على حاجتنا لتأصيل مبدأ الحوار. جار الله عمر الذي كان رجل حوار في وقت «كان السائد فيه هو الشد والتأزمات كان جار الله يمثل كحالة حوار ويدعو له»، بحسب عبدالملك المخلافي، الذي أكد على دور الشهيد في مبادرة الاصلاح السياسي ومواجهة ما كان سائداً في تلك الفترة، أي ما قبل الوحدة، وحتى ما بعدها وخصوصاً في فترة الأزمة الطويلة التي سبقت حرب 1994. وهو فوق هذا كان وبحكم عمله السياسي لا بد أن يصادم الاتجاه السائد على الرغم من توجهات الحزب ولو دفع حياته ثمناً لهذا الموقف. وفي ملمح آخر أكد المخلافي على أن جار الله عمر كان شديد الارتباط بالحزب الاشتراكي لكن هذا لم يكن «مقدمة للتقوقع ولكن منطلق للتفاهم مع الآخر»، في تأكيد على أن الحوار لا يمكن أن يكون عامل إضعاف للرابطة الحزبية. وقال ان جار الله عمر قبل الوحدة كان داعية للحوار بين التنظيم الوحدوي الناصري والحزب الاشتراكي ودار حوار في العام 1988 وفيه جرى اختلاف على نقاط كثيرة ولم يحسمها سوى جار الله عمر. أما في فترة ما بعد الوحدة فكان ان ظهر التباين داخل مجلس تنسيق اللقاء الاعلى للمعارضة، لكن جار الله عمر كان صاحب رؤية واجه فيها كل الآراء «وأنه في هذا الميدان كان يطرح رؤيته كمفكر أكثر منه كحزبي ويقول ان المستقبل هو للحوار مع الآخر».
من جهته أكد عبدالوهاب الآنسي أن جار الله عمر الحديث عنه حديث واسع إذ هو حديث عن رجل بتلك القامة كان يدرك أن معرفة ما يريد هو ومعرفة ما يريده الآخر تجعله يصل إلى أمور مشتركة. أن استمرار جار الله عمر في العمل السياسي صنع له خبرة في كيفية ان «يولي ظهره للماضي متوجهاً لصنع المستقبل». وأشار إلى أنه كان يحرص دائماً على الحوار، «وكان يؤمن أنه كانت توجد مناخات لحل أصعب الاشكاليات التي تواجه العمل السياسي في البلد. وكل هذا إنما يعتمل في إطار قضية التوازن. فالحوار في ظل التوازن ينهي عامل هيمنة طرف على طرف. وأكد الآنسي على نقطة أن جار الله عمر كان مثابراً، «على الرغم من أن بنيته الجسدية تبدو على أنها لا تحتمل الصعاب، لكنه كان يثابر». وقال الآنسي انه كانت لجار الله عمر قدرة كبيرة على «ترويض» من يتعامل معه وفي أن يقول رأيه بشجاعة.
في المحور الثاني تركز الحديث على «إستخلاصات لأهمية التسويات السياسية كنتيجة للحوارات والشروط الموضوعية لانجازها». وتحدث فيه نبيل الصوفي عن فشل الديمقراطية في حل الازمات، وتقف حرب 1994 دليلاً على هذا. لكنه قال ان الظروف اليوم مختلفة كما وأن التسوية السياسية تقتضي حواراً للوصول إلى هدف جزئي. لونه اشار إلى تمترس كل طرف سياسي في جغرافيته، فالمعارضة غير راضية عن كل شيء فيما الحزب الحاكم يتغن بكل شيء.
محمد أبو لحوم بدوره تحدث عن مناسبة لقائه بجار الله عمر في الخارج وكيف ان الوطن كان همه الاكبر . كما تحدث عن الحالة التي تعيشها اليمن وخصوصاً في هذا المنعطف الجديد الذي تمر به. داعياً إلى ضرورة التخلص من عادة الترحم على الماضي. وكان هذا في إطار حديثه في المحور الثالث للندوة الذي كان عنوانه «تصورات لحزمة من قضايا الحوار والتسويات السياسية التي توفر الشروط الموضوعية لانجازها». وفيه ايضاً تحدث ياسين سعيد نعمان عن قيمة الندوة كعامل إرساء مبادئ الحوار ومفهومه. قائلاً بضرورة مغادرة الحالة القديمة وتأسيس الشروط الذاتية. مشيراً إلى مفهوم الحوار عند الحاكم والذي يأتي مشروطاً ومحدداً في شكل أقرب للتفاوض. وأكد نعمان على ضرورة أن يفتح الحوار وأن يؤدي إلى آفاق جديدة. كما أن الحوار ليس هبة ولا يمكن ان يكون مشروطاً بمطالب مسبقة.
إلى ذلك تحدث محمد علي السقاف عن العقلية التي تشير أنها تحكم هذا البلد في مقارنة مع دول جوار تقل مواردها الطبيعية وظروفها عن اليمن لكن حالها لا يشبه حال الأخيرة. وأكد على ضرورة أن يشمل الحوار فئات أوسع من الشعب اليمني، وأن لا ينحصر في الاحزاب السياسية.