الفعلة النكراء المسكوت عنها في وزارة الأوقاف: لائحة تنظيمية أقرها مجلس الوزراء وأخرى أصدرها رئيس الجمهورية

الفعلة النكراء المسكوت عنها في وزارة الأوقاف: لائحة تنظيمية أقرها مجلس الوزراء وأخرى أصدرها رئيس الجمهورية

- «النداء» - خاص:
يخوض المسؤولون في قطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف حرب اختصاصات في مواجهة وزارة السياحة والجمعية اليمنية لوكالات السفر (والحج والعمرة). وشهد الشهر الماضي ما يمكن وصفه بالفلتان في تصريحات المسؤولين في الجهات الثلاث.
وزارة السياحة وجمعية الوكالات رصدتا في ندوة عامة جملة من المخالفات على المسؤولين في قطاع الحج والعمرة ووجهتا اتهامات من العيار الثقيل تتعدى الإهمال والتسيب إلى استغلال الوظيفة العامة لمصالح شخصية، كما جاء في تصريحات رئيس الجمعية يحيى محمد عبدالله صالح.
في المقابل رد وكيل قطاع الحج والعمرة في حديث لصحيفة «أخبار اليوم» بأن تصريحات وتقارير الجمعية والوزارة مجرد أكاذيب صادرة من دخلاء على شؤون الحج والعمرة «بسبب المجاملات» في إشارة منه إلى اللجنة المشتركة التي شكلها مجلس الوزراء العام الماضي من الجهات الثلاث لغرض الإشراف على أعمال الحج والعمرة.
وتتهم جمعية الوكالات الوزارة بالهيمنة علىنشاط الحج والعمرة بدلاً من الاكتفاء بتنظيمه، عازيةً الإرباك في تفويج المعتمرين والحجاج الى الديار المقدسة إلى تعقيدات يفرضها قطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف، ومخالفات واجراءات انفرادية يرتكبها من وراء اللجنة الإشرافية المشتركة.
في غمرة الاتهامات المتبادلة بين الأطراف الثلاثة أعلن وكيل قطاع الحج والعمرة الشيخ حسن مقبول الأهدل الهدنة تجاه الطرفين المعنيين، منصرفاً لخوض الحرب على الصحافة المستقلة، ربما بسبب خلفيته الحزبية التي تجعله متحرجاً من توسيع نطاق «عملياته العسكرية» لتشمل صحف المعارضة ومواقعها الإخبارية على الأنترنت.
بدأ الأهدل عامة الماضي بملاحقة صحيفة «الناس» واختتمه بملاحقة صحيفتي «الوسط» و«النداء» على التوالي.
لماذا غيَّر الوكيل ميدان عملياته فبدلاً من استئناف المواجهة مع أطراف بلغت الحد الأقصى في تصعيدها، انسحب من ميدان الاقتتال المكشوف مع أعدائه الحكوميين و«التجاريين»، متخذاً وجهة أخرى ومواجهة, مأمونة في اعتقاده, ضد صحف مستقلة نشرت ما أشتهر من مخالفات؟
الشاهد أن وكيل القطاع اعتاد القيام بانسحابات استراتيجية، كما حدث قبل عام ونصف عندما انتفض ضد المدير المالي في قطاعه رافضاً استكمال اجراءات تعيينه مديراً عاماً للتنظيم وحسابات الحج والعمرة، ثم ما لبث أن سلَّم بالأمر الواقع.
جاءه المدير طالباً تكرمه باستكمال اجراءات تعيينه مديراً عاماً بحسب قرار رئيس مجلس الوزراء، مرفقاً طلبه بصورة من اللائحة التنظمية لوزارة الأوقاف، فعنفه بشدة مذكراً إياه بمشروع اللائحة التنظيمية (!) الذي أقر إدارة عامة للحج، وأخرى للعمرة، «ولكل منهما اختصاصاته ومهامه» [هكذا].
الوكيل واصل تعنيف مديره المالي: «ذهبتم إلى بعض المختصين في وزارة الشؤون القانونية بدون علم وزيرها ولا وكيلها، وغيرتم في مشروع اللائحة بعد إقرارها من مجلس الوزراء».
واستطرد في رده على الطلب: «اخترعتم إدارة عامة للتنظيم وحسابات الحج والعمرة، واعطيتها أنت اختصاصات ومهام القطاع كله (...) دون أن يناقشها القطاع ولا الوزارة، ولم يطلع عليها الأخ الوزير والأخ وزير الخدمة المدنية ومجلس الوزراء».
ووصف الوزير اللائحة التي يحاجج بها المدير بأنها فبركت في الخفاء «وبأسلوب ماكر متلصص، خلسة في المضمون والأسلوب والطريقة».
كانت تجاوزات المدير لا تحتمل في نظر الوكيل الذي اختتم مرافعته، كما ينبغي لغيور على سمعة الوزارة: هذا أمرٌ عظيم، وفعلةٌ نكراء، لا يرتضيها عاقل ولا يقرها نظام ولا قانون ولا يجوز السكوت عليها».
سكت الوكيل عن الفعلة النكراء، بعدما نبه صاحبها إلى أنه لا يستطيع «إحالة صورة قراره إلى شئون الموظفين حتى التقي مع الأخ الوزير ونتفاهم».
جرت هذه المواجهة في 27 سبتمبر 2005، أي بعد 10 أيام من صدور القرار الجمهوري رقم 240 لسنة 2005 بشأن اللائحة التنظيمية لوزارة الأوقاف والإرشاد، مذيلاً بتوقيعات وزير الأوقاف ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية.
قبل 5 أشهر كانت لائحة أخرى قيد الصدور، أعدها وزيراً الأوقاف والخدمة المدنية، وحررا مذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء تفيده بأنه قد تم مراجعتها من الناحية الفنية والإدارية والتنظيمية مع المختصين بوزارة الأوقاف والإرشاد. بما يخدم مهام واختصاصات الوزارة وتوجهات الاصلاح الإداري».
الوزيران الحريصان على خدمة توجهات الاصلاح الإداري طلبا من باجمال التوجيه باستكمال الاجراءات اللازمة.
طبق رد الوكيل على «صاحب الفعلة النكراء» فإن مجلس الوزراء أقر المشروع في جلسة ما قبل 17 سبتمبر 2005. غير أن لائحة أخرى وصلت بطريقة ما إلى مكتب فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي أصدر بها قراراً جمهورياً.
ليس معلوماً التفاهم الذي جرى بين الوكيل والوزير، لكن المؤكد أن الاختصاصات داخل ادارات قطاع الحج والعمرة كانت موضع حرب ضارية بين الوكيل والمديرين العاملين في قطاعه، وبخاصة في المسائل المتعلقة بالشؤون المالية.
والثابت أن التفاهم بين الوزير والوكيل والمدير ما زال قائماً، والفعلة النكراء جرى التكتم عليها، والقرارات صدرت، والشقاق ولَّى، والصفوف تراصت في مواجهة أعداء القطاع وعلى رأسهم الصحافة.
مصدر قانوني قال إن صراع اللوائح في القطاع يؤكد فداحة الاختلالات القائمة في الوزارة بشأن الأمور المتعلقة بالحج والعمرة. وأضاف بأن السجال حول اللائحتين يفيد بأن هناك تسابقاً على وضع اليد على شؤون الحج والعمرة «بما يمثل به ذلك من تجاوز وخروج عن نطاق الواجبات الوظيفية إلى دائرة المنافع الشخصية».