في رحلة إلى أدغال عدن وضواحيها المهمشة.. اين خطط التنمية من هذه الأحياء الشعبية؟!

في رحلة إلى أدغال عدن وضواحيها المهمشة.. اين خطط التنمية من هذه الأحياء الشعبية؟!

- عدن:
ستة عشر عاماً بالتمام والكمال مرت على المواطن بعد اعادة تحقيق لحمة اليمن ارضاً وانساناً كانت مليئة بالمنعطفات، التحولات، والتقلبات»!.
كثُر الحديث خلال هذه الاعوام عن عظمة الانجازات التي تحققت للشعب وارتفعت اصوات الإجلال والتهليل المشيدة بالمكاسب التي عادت على المواطن وصبت في مجمل جوانب وقطاعات التنمية وتطوير الخدمات وتحسين وتجميل المدن والشوارع ووصلت عمليات تحديث البنية التحتية، من كهرباء ومياه واتصالات وطرقات إلى مناطق كانت محرومة من متطلبات العصر الحديث وملامح الحضارة.
هكذا يقولون ويكتبون دون خجل ولا حياء من الواقع الذي يعيشه المواطن في عدن الذي يؤكد عكس تلك الاقاويل، بل إن الصحيح هو أن مستوى الخدمات في عدن -عاصمة الجنوب اليمني- كانت افضل وتتمتع بمزايا كثيرة منها مجانية التعليم والتطبيب والعلاج ولم يكن هناك اي مسميات لرسوم المعاينة أو مقابل عمليات أوقيمة كتب مدرسية او تسجيل للدخول إلى أُولى مراحل التعليم الابتدائي.
كانت الأوضاع الصحية أفضل ممّا هي عليه الآن ما عدا في جانب واحد وهو كثرة عدد المستوصفات الصحية والعيادات الخاصة، التي تكتض بها عدن وكله بالفلوس واللي ما يقدر على الدفع يموت ولا احد يحزن عليه.
أما في قطاع المياه فكانت هذه ايضاً من اكبر وأجمل الخدمات والنعم التي تمتعت بها المدينة الباسلة طوال فترة التشطير وحرمت منها بعد التوحيد. ونحن هنا لا ندعو إلى عودة التشطير ولسنا من دعاة الانفصال.. كلا ولكنهاكلمة حق يجب ان تقال!
فاليوم تعاني عدن من انقطاع تموينات المياه لساعات طويلة بسبب تدني الانتاجية، ارتفاع الاستهلاك وكذا الحال بالنسبة لكميات الفاقد من المياه التي تُهدر نتيجة للتسربات التي تعاني منها الشبكة المتهالكة، وفي المقابل محدودية حفر آبار جديدة لتغطية النقص المتزايد الحاصل في الانتاج بعد أن اخذت الآبار الخاصة تشفط المخزون الجوفي دون حسيب ولا رقيب. واليوم اصبحت المياه تباع بالفلوس فعجبي من هكذا وضع صرنا عليه في العهد الوحدوي الميمون.
ما تطرقنا إليه سابقاً هو غيض من فيض وأشرنا إليه إجمالاً وليس تفصيلاً. وحين يريد القارئ أن يتأكد من بعض جوانب القصور المزري الذي إصاب عدن فعليه ان يقوم بجولة بسيطة في ضواحيها وأطرافها المترامية التي تزداد توسعاً يوماً بعد يوم حتى صارت مناطق الأطراف أشبه بأدغال افريقيا لا تعرف لها اولاً ولا آخر.
صحيفة «النداء» اخذت تتجول في مديريتي الشيخ عثمان ودار سعد وخلال رحلتها هذه توغلت في بعض الأحياء الشعبية مثل الممدارة، السيسبان، كودبيجان، المطاريق، العثماني، الدار الشرقية، وغيرها من الاحياء الفقيرة التي تصارع الحياة من اجل البقاء. تعيش هذه المناطق في وضع مأساوي حقيقي فالمنازل عبارة عن أكشاك وصنادق خشبية مع قليل من البرويز، والمجاري تطفح من هنا وهناك والقمامة تنتشر في الارجاء ومعها تسرح الاغنام والمواشي، بعض مواقع الخدمات غطت عليها المباني العشوائية ومساحات أخرى صارت كخرم الابرةلا تستطيع ان تمر منها لتمديد كابل كهرباء او مواسير مياه أو تحديث شبكة صرف صحي، فأين هي التنمية التي يتغنى بها اصحاب الوهم الزائف.. هل التنمية فقط هي ما نشاهده في المدن والأحياء الراقية أم ان التنمية بمفهومها العام يجب أن تشمل كل المناطق مهما كانت شريحة السكان التي تقطنها ودون تمييز أو تحيز مع أو ضد بعض المواطنين!
بعض المواطنين الذين التقيناهم شكو حاله مع ارتفاع رسوم الكهرباء وعدم القدرة على دفعها لانهم من الفقراء والعمالة الفائضة والمتقاعدين برواتب بسيطة لا تكفي للطعام فكيف بدفع رسوم خدمات! ولهذا يلجأون إلى سرقة التيار وربط الاسلاك من الخط الرئيسي مباشرة إلى منازلهم في الليل وفكها في النهار إلا أن بعضم يتركها حتى يتم اكتشافها بالحملات التي تنفذها فرق التفتيش وتفرض على المخالفين غرامة هي الأخرى تقصم الظهر، في إحدى المناطق كانت القمامة مكدسة بجانب محول كهربائي وفي حالة انطلاق اي شرارة نار في الموقع سوف تحل الكارثة على الحي وأهله!
شبكات المجاري تكاد تكون شبه معدومة ولهذا يتم حفر البيارات بأعماق بسيطة وتجدها دائمة الإنسداد والطفح إلى السطح، اما الطرقات فهي في علم الغيب اذ لا وجود لها على قاموس هؤلاء المساكين.
وخلاصة القول إن ضواحي عدن مهمشة وإن وجدت فيها خدمات فهي دون المستوى المطلوب فلا تخطيط ولا تطوير ولا اهتمام تنموي حقيقي طال هذه الاحياء كأن سكانها من كوكب آخر أو مواطنين من الدرجة العاشرة!!