فواتير الخدمات التجارية دفعت المستأجرين إلى الهروب: حدائق وملاعب الاطفال في عدن.. ضحية أخطبوط الاستثمار الوهمي

فواتير الخدمات التجارية دفعت المستأجرين إلى الهروب: حدائق وملاعب الاطفال في عدن.. ضحية أخطبوط الاستثمار الوهمي

- عدن:
أدت حالة الإهمال المزرية التي تعاني منها ملاعب وحدائق الاطفال في محافظة عدن إلى تدهور أوضاعها وتدني مستوى الخدمات المتوافرة فيها؛ فتحول عدد منها إلى ملاجئ للطيور والحشرات والزواحف، بعد ان اغلقت هذه المتنفسات/ المتنزهات العامة ابوابها في وجه مرتاديها من أبناء المحافظة والزوَّار القادمين إليها من الخارج أو من بقية محافظات الجمهورية.
وقال مسؤولون في السلطة المحلية أن وصول الحدائق والملاعب الخاصة بالأطفال إلى هذه الحالة التي لا ترضي أحداً سببه عزوف كثير من المستثمرين من القطاع الخاص عن الاقدام  على تشغيل هذه المتنزهات نتيجة للأعباء التي يتحملونها والخسائر الفادحة التي يتكبدونها آخر كل شهر عند استلامهم لفواتير الخدمات اللازمة للتشغيل وأهمها فواتير استهلاك المياه التي يتم احتسابها وكأنها تدخل ضمن نطاق الشرائح التجارية مع أن الأصل في ذلك هو أن هذه الاماكن العامة عبارة عن متنفسات يرتادها الناس لقضاء اوقات قصيرة بعيداً عن توترات الحياة ومشكلاتها التي تتفاقم بصورة متسارعة!
المعلومات الواردة إلى الصحيفة -حسب إفادة بعض المواطنين- أكدت أن إغلاق بعض الحدائق ليس بسبب هذه المشكلة فقط وإنما هناك نزاعات مع بعض الجهات التي تدعي ملكية هذه الاماكن ومنها، على سبيل المثال، حديقة حي عمر المختار في منطقة الشيخ عثمان التي يقال بأن احدى الجمعيات أو ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني تسعى للبسط عليها والإدعاء بأنها تمتلك الوثائق اللازمة لتبعية هذه الحديقة لها الأمر الذي تنفيه السلطة المحلية في المديرية والتي افاد متحدث بلسانها انه لا يوجد حتى الآن من يعرض الوثائق الثبوتية لملكية الحديقة وأنه سيتم تشغيلها في الاشهر القادمة من العام الحالي بعد إعادة تحسينها وتطويرها بالتعاون مع مكتب الأشغال العامة وصندوق النظافة وتحسين المدينة الذي أفاد مصدر مسؤول فيه أن هناك نحو 13 حديقة عامة وملعب اطفال سيتم إعادة تشغيلها بعد تحديثها وبكلفة اجمالية تزيد عن اربعمائة مليون ريال.
وفي موقع آخر مضت نحو أربع سنوات منذ أن تم تسليم موقع في منطقة القلوعة بمديرية التواهي لأحد المستثمرين وهي ساحة بيضاء كبيرة ليقوم المستثمر ببناء مركز تجاري له، بمحاذاته حديقة صغيرة تحوي مجموعة من ألعاب الأطفال إلاأن الاعمال في المشروع العام تسير كالسلحفاة إن لم تكن متوقفة في الاصل. بينما بات المركز التجاري قاب قوسين أو أدنى من الانجاز ولم يتبق فيه سوى اعمال التركيبات والتشطيبات النهائية علماً بأن هذه الحديقة هي المتنفس الوحيد للمنطقة التي يزيد عدد سكانها عن ثلاثين ألف نسمة ولا يجد الاطفال وصغار السن المكان المناسب للقيام بأنشطتهم سوى اللجوء إلى الشوارع العامة والطرقات لممارسة هواياتهم وبذلك تكون حياتهم عرضة لمخاطر حوادث السيارات. كما أن اتخاذ شوارع الاحياء السكنية والحارات الشعبية أماكن للمارسة الرياضية يتسبب في مضايقات للسكان ليل نهار.
احد المهتمين بهذا الشأن قال إن السبب في وصول حدائق عدن إلى هذه الوضعية الصعبة يكمن في سوء التخطيط إذ كيف يعقل ان يتم العمل حالياً في إنشاء حديقة عامة في مساحة موقع الجندي المجهول بالتواهي ضمن مشاريع برنامج تطوير مدن الموانئ في الوقت الذي توجد فيه حديقة كبيرة جوارها وهي حديقة عدن التي اغلقت ابوابها وعجزت السلطة المحلية عن تشغيلها في حين أن هناك مناطق لا توجد فيها أي متنفسات عامة ومناطق أخرى بها حدائق وملاعب متجاورة.
وسواء كانت الاسباب الكامنة وراء وصول متنزهات عدن إلى هذه الوضعية هو الاستثمار غير الجاد أم هروب المستأجرين بسبب فواتير الخدمات أم النزاع حول المواقع أم سوء التخطيط فإن النتيجة في الأخير واحدة وهي وقوع الاطفال والعائلات في عدن ضحية هذه الإرباكات وحرمانهم من مواقع عديدة كانت هي الملاذ الآمن لقضاء اسعد الأوقات، خاصة بعد أن اصبحت السواحل والشواطئ هي الأخرى تحت طائلة الاستثمار الذي مد اذرعه ليبتلع كل شبر فيها.
والسؤال هنا، هل تستطيع السلطة في عدن سحب المواقع المهملة من المستثمرين الذين لم يلتزموا بالشروط أم أن وراء الأكمة ما وراءها!؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الحقائق وتظهر المستور. حينها سيكون لنا حديث آخر.