بإيماءة من الوزير: شركة مأرب للدواجن «تُفقِّس» أوامر استغناء

بإيماءة من الوزير: شركة مأرب للدواجن «تُفقِّس» أوامر استغناء

* محمد العلائي
بإشارة من وزير الزراعة استغنت شركة مأرب للدواجن عن 23 من موظفيها مطلع الاسبوع.
وحينما أحس هؤلاء (المبعدون) أنه، الذي اجتثهم، وحده بيده الأمر أفضو بشكواهم إليه، هو من جهته، وبتقشف، كتب على الزاوية اليسرى للصفحة: «رئيس مجلس الادارة للإفادة» مع توقيع بيضاوي لحروفه الأولى.
حسن الفسيل بادل شفرة معالي الوزير بشفرة مماثلة ولكن ملعوبة هذه المرة إلى مرمى «الأخ نائب المدير العام»؛ وفقط، «للرد على الاخ الوزير بما لديكم»، ولم ينس «وشكراً».
هم/ الموظفون، شعروا ألاَّ شيء يستحق التطويل حيالهم. فقرارات الحذف/ حذفهم وجهت لكل على حدة وبتكثيف واختزال ملغز «نود إبلاغكم بأنه تم الاستغناء عن خدماتكم وإنهاء عقدكم مع الشركة وسيتم صرف حقوقكم حسب القانون». الحياة أحياناً في الاختصار مميته.
الاستغناء هذا لم يكلف كثير جهد، فقط قطرتيْ حبر مدلوقة على ورقة رسمية بيضاء، فهو مثلاً ما سوغ إلا بأنه «نظراً لتوقف نشاط الشركة فإن»، لا غير.
المحو بمجرد إيماءة رامشة يثير اليقظة، وقد يصيب الممحو بالسكوت الفادح وباهض الكلفة، فثلاثة وعشرون موظفاً لا يمكن أن ننعت مذكرتهم المرفوعة لمعالي الوزير -كرد فعل- إلا «بالمهادنة» المغرية لمزيد فتك.
 لغة رقيقة كانت، ملفوظيتها استعطافية في مواجهة لغة ماحقة جارفة: «استغني عنا بناء على توجيهاتكم بدون أي ذنب اقترفناه وحيث أننا نعول أسراً وأطفالاً ولا ذنب لهم ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل سوى راتب الشركة»، كتبوا. تهذيب في غير محله- على أي حال.
كان يجب أن يصرخوا، أن يهددوا باستخدام أدوات اعتراض تليق بالمهلكة التي ألقوا فيها عنوة.
أياً تكن الأسباب فالقطاع المختلط يلزمه رعاية موظفيه، ولئلا يظلوا على أهبة الطرد فيما لو أخرس الفساد أمر هذا القطاع أو ذاك.
«نرجو منكم التوجيه بإعادتنا إلى اعمالنا وتثبيتنا أسوة بزملائنا الذين ثبتوا ولم يمض عليهم سوى سنوات»، اضافوا في ذات المذكرة.
وثم، راجين «النظر إلى موضوعنا بعين الانسانية والعطف». لا ندين الآن الضحايا إلا لطماً مبرحاً لضمير من أودى بهم قبل أن يرتد إليه طرفه.
إذ ويطلبون من صاحب المعالي قبول تحياتهم، أية نبالة؟، «شاكرين لكم حسن تقديركم لظروفنا وتفضلوا بقبول خالص تحياتنا».
بدر علي أحمد عبادي، أحد المستغنى عنهم، كان أوقف عن العمل نهاية الشهر الفائت تحت ذريعة تحريض عمال المزرعة. وهو أكد لدى قدومه إلى مقر الصحيفة أن التحريض المزعوم ليس أكثر من الاعتراض على عملية «إقصائنا غير العادل من اعمالنا، فألصقت بي تهمة زعامة مجموعة ال23 المساكين».
وعن أهم مطالبهم قال عبادي: «نريد تثبتنا اسوة بالذين سبقناهم في التعاقد بأعوام فسبقونا بالتثبيت ونطلب إلغاء قرارات الاستغناء تلك فوراً».
إنها لمأساة لا يجدر استحلاب الشفقات معها، رغم أنها توقظ الوجع، قدر ما هي محتاجة لصرامة متينة في سبيل إعادة الحق لهؤلاء المظلومين والدمثين في نفس الآن.
الوزير عليه أن يواجه دماثتهم بما يوازيها، وحسن خطابهم كذلك، فضلاً عن استعطافهم له أيضاً.
ذلك أن قانون العمل، الذي استقوي به على الموظفين يلزم الجهة التي آل القطاع إلى ملكيتها، بعد أن كان حكومياً، التكفل بهم، وإلا فالخصخصة والاختلاط مشروعا حصد عام لآلاف الموظفين المعتاشين من مجهوداتهم.
يشار إلى أن الشركة المذكورة على مهب الإفلاس، أو هي كذلك. وهنا لا تعين سوى نقلهم إلى قطاع آخر عوض عن الإلغاء الحاد والنهائي ذاك.