«الجمهوري».. قبراً للأصحاء

«الجمهوري».. قبراً للأصحاء

- بشير السيد
كان في عجلة كأي أب يحاول أن يخفف حدة الألم عن ابنه. لم ينتظر وصول المصعد إلى الطابق الرابع في مستشفى الجمهوري بأمانة العاصمة قسم رقود رجال حيث يستقر ما تبقى من جسد إبنه «علي»، كانت خطواته تتقافز على سلالم المبنى متجهاً نحو صيدلية المستشفى في الطابق الأرضي، لكن الموظف هناك أبلغه بأن الدواء غير متوفر (دواء خاص بمرض الكبد). فتوجه صوب الصيدليات الخاصة خارج مبنى المستشفى وربما كان حينها يفكر بتكلفة الدواء ومقارنة بما تبقى معه من نقود.
لكن شيئاً ما حدث!! شيئ قطع تفكيره نهائياً منذ مساء السبت الماضي، لقد سمع اصوات فرامل قوية وارتطاماً مدوياً لكن لم يصل إلى مسامع الابن المريض في الطابق الرابع. كان حادثاً مروعاً: صدم الأب «حسين هبة» بعد أن تجاوز بوابة المستشفى بسيارة برادو حكومية يقودها شاب وبسرعة جنونية على أنغام أغنية، رغب الشاب ابن القاضي (م. م. ش) -قاضي المحكمة العليا- اسماعها للجميع عبر مكبرات الصوت، ويقول من رأى الواقعة ان السيارة قذفت بـ«هبة» عشرة أمتار بعيداً عنها.
«هبة» لا يزال في غيبوبة منذ مساء السبت حتى آخر لحظة زارته «النداء» ظهر الاثنين الماضي في الطابق السادس. أما ابنه «علي» ذو 22 عاماً الذي مضى عليه في المستشفى 22 يوماً ومصاب بتلوث كبدي، لم يجد من يجيب على سؤاله يوم الحادثة: «أين أبي؟! لماذا لم يعد؟». كما ان الطبيب لم يأبه لتأخر الدواء على الابن برغم أهميته.
ويقول: «كان أبي يرافقنا ويطمني بأني سأخرج من المستشفى الآن ما بش معي مرافق، وينفعني الطارف». كما أنه عندما عرف بحادثة والده امتنع عن الأكل ليومين إلى أن قدم أحد أقربائه. ويتمنى أن يشفى كي يتمكن مرافقة والده المريض ويحاول تطمينه على صحته.
هذه الحادثة، ليست الأولى في هذا المستشفى الذي إذا قدر لك مرافقة أو زيارة مريض فيه، أن تأخذ حذرك مبكراً كيما لا تفيق وأنت على أحد الأسرة في المستشفى تستقبل الزيارات. بوابة المستشفى تقع مباشرة على الشارع، لا شيء يفصل بينهما.
ويفيد عبدالكريم السعيدي، مندوب المرور في المستشفى أنهم (مندوبي المرور) ملوا من تقديم بلاغات وإفادات عن خطورة الوضع الراهن. كما أنه مستاء من تجاهل أمين عام المحافظة الحالي والسابق اللذين ابلغا بالوضع وزارا المكان دون أن يبادرا لوضع حل لها.
ويكشف السعيدي بأن ما لا يقل عن (70-80) حادثة تقع في هذا المكان سنوياً (مدخل البوابة). غالبية ضحاياه من قاصدي المستشفى.