(المونديال) وجهاد الشعب اليمني - عادل الأعسم

(المونديال) وجهاد الشعب اليمني - عادل الأعسم*

عندما تتابع نهائيات كأس العالم بألمانيا، ترى العالم الذي تحلم به، وتتأكد أن بلدك (اليمن) خارج نطاق العالم والعصر، وان كرة القدم العربية ليس لها علاقة بكرة القدم الحقيقية، حتى أن لقاء قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك في نهائي كأس مصر والذي عادة ما يستقطب أنظار الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج، توارى خجلاً وتاه في دهاليز مباراة المكسيك وأنجولا، المتوسطة المستوى بمقياس مباريات كأس العالم.. ولا داعي لذكر أي كرة يمنية، إلا من باب لزوم إكمال معنى الجملة.
وعندما تشاهد الجماهير اليمنية وهي تلاحق مباريات كأس العالم من شاشة إلى شاشة، يترسخ يقينك، كم هو هذا الشعب (مجاهد)، ليس فقط ضد سياسة (التجويع)، وانما أيضاً ضد (التشفير) والتعكير، والمقصود بـ«التعكير» هنا «فضائية يمنية» بالكاد يغادر بثها فضاء وطنها!!
كأس العالم.. إنها كرة القدم فعلاً، الممتعة والمثيرة، المجنونة والساحرة معاً.. قطعة الجلد الصغيرة المنفوخة التي يلتف حولها العالم، ويستمتع بها الصغير والكبير، وتنسف إثارتها كل الفروق الظالمة بين الغني والفقير، بين الخادم والأمير، بين الرئيس والغفير.. وإلا ماذا يمكن ان تقول عن جمهورية التشيك وهي تكتسح سيدة العالم (أمريكا) بالثلاثة؟! بل ماذا يمكن ان تقول عن فقراء اليمن الذين (يتسمرون) أمام الشاشات العامة في أنصاف الليالي ومعظمهم بطونهم خاوية بلا وجبة عشاء، وكثيرون منهم نام أطفالهم جياعاً في بيوت تعيسة أقرب إلى «الزرائب»؟! ماذا يمكن ان تقول سوى إنه جنون كرة القدم؟!
ال(مونديال 18) في ألمانيا.. كل مبارياته، منذ بداياتها الأولى، سريعة وقوية ومثيرة.. طاردة للتثاؤب والملل، لا تستطيع ان تتوقع من سيفوز بهذه المباراة او تلك حتى صافرة النهاية.. واظن ان هذا «المونديال» جاء عظيماً، كعظمة المانيا، التي قهرها الحلفاء في الحرب وقهرتهم في السلم!!
وإذا تحدثنا عن ميول وأهواء المشجعين، فأنا شخصياً أشجع المنتخب الفرنسي (المنهك) ومع أني لا اثق في انه سيذهب بعيداً، إلا أنني اشجعه تعصباً لـ«زيدان»، وهذا ربما يندرج ضمن الإدمان العربي لخيبة الأمل.. كما أنني صفقت بحرارة لفوز غانا على التشيك، ولكني بعد نهاية المباراة اصبت بخيبة أمل (عربية أيضاً) حينما شاهدت أحد لاعبيها يلوح بالعلم الاسرائيلي.
وسط روعة ومتعة «المونديال» وجهاد الجماهير اليمنية.. وخيبة الأمل العربية من رؤية النجمة السداسية, مازلت اشجع فرنسا واراهن على فوز ألمانيا بكأس العالم2006.
* ناشر ورئيس تحرير «الفرسان»