حميد.. سرعة الحضور والغياب

حميد.. سرعة الحضور والغياب - محمد الغباري

بنفس السرعة التي انطلق بها الزميل حميد شحرة في دنيا الصحافة غادرنا، لكنه فعل الأخيرة بدون مقدمات عدا احساس سطرته بعض كتاباته.
 من مجلة «نوافذ» مثل كثيرين كانت بداية لقائي به ومنها كانت الرحلة الأولى لتأسيس صحيفة «الناس» ووعد قطعه الأجل بأن تكون هناك خطوة أهم بإصدار صحيفة يومية لا تحاكي بالقطع ما هو قائم.
الضيق من مخاطبة النخبة والتوجه نحو البسطاء ومحاكاة تطلعاتهم والكتابة عن اوضاعهم كانت السمة التي اراد حميد من خلالها ان يطبع الصحيفة عند بداية التأسيس وكان له ذلك ولأني كنت أميل إلى الخطاب السياسي الجاف فقد ألححت عليه، حتى قبِل، بإزالة الكف التي وضعت بإقتراح منه كشعار لصحيفة «الناس» كتعبير عن انحيازها للفقراء والمعدمين.
قبل أن تنشأ فكرة التعايش بين الأفكار السياسية كانت الفكرة الأولى للفقيد، رغم ما كان يظهر عليه من التزام شديد لتجمع الإصلاح الذي كان عضواً فيه، أن تكون صحيفة «الناس». محط التقاء أفكار متباعدة أو متصادمة احياناً..
التقيته وأنا حديث العهد بمغادرة صحيفة «الوحدوي» الناصرية وكان ثالثنا الزميل مروان دماج الاشتراكي المنفتح وكان العزيز علي الجرادي رابع التشكيلة التي اقيمت عليها الدعائم الأولى للصحيفة، التي استطاعت أن تحافظ على ذلكم النهج حتى الآن..
بطبيعتي المتحفظة على الافراط في الطموح كنت لا أتوقع أن تستطيع الصحيفة أن تتجاوز مراحل التأسيس في ظل وضع سياسي وتجاري لا يؤمن بدور الاعلام ولا يضع اعتبارا للإعلان التجاري باعتباره مصدراً أساسياً لقيام المؤسسات الصحفية، لكنه كان غير ذلك، كان على يقين أنه سينجح، وها قد فعل، كان موقناً بأنه سيتجاوز صحف أخرى كانت قائمة وتمكن من ذلك، لكني لم أكن اتوقع أن يغادر عالمنا بهذه السرعة وبتلك الطريقة الفاجعة رغم الايحاءات التي ضمنها بعض كتاباته..
قبل فترة قصيرة كان قد عاتبني لعدم استمراري في الكتابة في صحيفة «الناس» وزاد فأكد أنه بصدد تحويلها إلى صحيفة يومية وجدد طلبه بأن أعود لنعمل سوياً وكما هي طبيعة العلاقة التي ربطتني به لم أُجد الاعتذار.. وعدته واتقفنا على لقاء لكن ارادة الخالق رأت ان لا يكون قريباً.
وبالقدر الذي ترك فيه حميد تأثيراً واضحاً في الوسط الصحفي فإن رحيله ترك أثراً مؤلماً في نفوس من عرفوه ومن سمعوا عنه، ذلك أن مغادرته الحياة باكراً كان ابعد ما يتوقع منه. فقد كنت أنا وغيري كثيرون في انتظار انجاز آخر وتحول جديد في مشروع عماده طموح مفعم بحيوية صاحبة.
 
 
الحوادث المرورية..
ونحن نناقش حادثة وفاة العزيز حميد انتقد احدهم عدم اهتمام الصحافيين بالكتابة عن قضايا الناس غير السياسية وتحديداً الحوادث المرورية واسبابها.
الرجل الذي يواظب على قراءة الصحف استشهد بالأعداد المتزايدة لضحايا حوادث السير وتساهُل إدارة المرور مع سائقي السيارات ومع مستوردي قطع غيارها ومن غياب الوعي المروري لدى الكثيرين.
فيما افاد آخر أن احصائية اعدتها جهة رسمية كشفت عن ان اعداد الوفيات نتيجة الحوادث المرورية وحمل الأسلحة يفوق أعداد حالات الوفاة الطبيعية، إنها أمنية مشتركة بين الصحافة ووزارة الداخلية للعمل معاً من أجل الحد من ضحايا القتل الجماعي لوسائل النقل.
malghobariMail