عن الانتقام

محمد الغباري يكتب عن: الانتقام

اثناء فترة الدعاية الانتخابية اثارت وسائل الاعلام العربية سؤالاً مفجعاً عن الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس علي عبدالله صالح مع خصومه إذا فاز في الانتخابات الرئاسية.. وقد اضافت احدى المذيعات في فضائية عربية عبارة مفادها ان الرئيس قد ينتقم من معارضيه اذا فاز..
في كل الاجابات التي سمعتها وشاركت فيها شخصياً، كان الرد أن الأمر غير وارد، لا لأن اليمن تخلو من القمع تماماً، ولكن لأن تجربة الرئيس في الحكم أفهمته ان القمع لا يولد استقراراً، وان غياب المعارضة عن ساحة العمل العلني سيولد عهداً جديداً من الانقلابات. وقد اضاف آخرون آن الرجل اعتمد طوال فترة حكمه على اللين والشدة والارتكاز على شعرة معاوية.
بعد يومين من الانتخابات اعلن الرئيس الصفح عمن عارضوه. وشملت هذه المكرمة النائب حميد الأحمر. وسار حديث الباصات والمقاهي في الشوارع ان الرئيس قد عفا عن معارضيه، وكأن هؤلاء ارتكبوا جريمة اخلاقية وبات من اللازم العفو عنهم، ولم ينظر لهم على أنهم مارسوا حقاً دستورياً وجب شكرهم على أنهم قبلوا المنافسة وسط هذه الظروف والتعقيدات التي تجعل المقاطعة افضل خيار..
بعد ايام من الاعلان الشهير بالعفو، وانباء عن مساعي مصالحة بين الرئيس والنائب حميد الأحمر يبذلها الشيخ عبدالمجيد الزنداني، كانت المعارضة تتحدث عن قيام مدير مدرسة بالاستغناء عن المرشحة الناصرية افراح السلامي بسبب دخولها المنافسة على مقاعد محليات امانة العاصمة. ومرشح آخر للحزب الاشتراكي في أبين جرى اعتقاله، وفي حجة كذلك وإب شكاوى المطاردين من اعمالهم بسبب مواقفهم في الانتخابات لا تنقطع.
الاثنين الماضي كانت الامور قد بلغت الذروة فقد منع علي الديلمي -القيادي في اتحاد القوى الشعبية اليمنية- من السفر إلى الدنمارك للمشاركة ضمن وفد من الناشطين في مجال حقوق الانسان. وفي اليوم التالي اعتقل ومازال ولا يعرف في أي زنزانة هو..
ظهيرة ذلك اليوم كان عدد من منتسبي إدارة ا لبحث الجنائي يلاحقون الزميل عابد المهذري، وحين رصدوا مكان اقامته في احد الفنادق ابلغوه انه مطلوب لمناقشة بلاغ سابق كان قد تقدم به إلى الإدارة عن سرقة سيارته والتهديد بقتله من قبل مسلحين يدينون بالولاء لتاجر سلاح شهير..
بالطبع اقتيد الزميل إلى إدارة البحث الجنائي، وهناك عرف بالفخ الذي نصب له، فقد كان مطلوباً لنيابة الصحافة والمطبوعات، وبسرعة غير مألوفة نقل إلى هناك، لكن وكيل النيابة لم يستجوبه ولم يوجه له أي اتهام وانما أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي إلى حين التحقيق معه..
عدا نسخ من صحيفة «الثوري» كانت موضوعة فوق مكتب الوكيل الهدف منها إفهام الزميل عابد بأن ما يكتبه في هذه الصحيفة قد يسبب له المتاعب والنكد الدائم، لم يعرف زميلنا ما هي تهمته.
صحيح أن الجهود التي بذلتها نقابة الصحافيين واحزاب اللقاء المشترك، قد ساعدت على سرعة الافراج عن الزميل يوم أمس الثلاثاء، إلا أن بوادر حملة الانتقام التي يريد البعض تنفيذها ضد من وقفوا مع المعارضة ومرشحها تستدعي تدخلاً عاجلاً من شخص رئيس الدولة؛ فحق المواطنة وحق الحصول على وظيفة او تبوُّؤ منصب غير سياسي لا يجرمه الدستور ولا يجوز ان يصبح حكراً على منتسبي الحزب الحاكم.
malghobariMail