لا يكتفون بالتصويت لهم.. كيف يسخر اليمنيون من مرشحيهم؟!

لا يكتفون بالتصويت لهم.. كيف يسخر اليمنيون من مرشحيهم؟!

- علي الضبيبي
من الاشياء الظريفة عن اهالي مدينة الحديدة انهم سمعوا ان هناك «مرشحي ظل» فمرشح المؤتمر ظله ياسين والمجيدي وشملان ظله العزب، وفي الوقت الذي كان المرشح المستقل ياسين عبده سعيد في الحديدة وصالح في المهرة كان احد البسطاء واقفاً على باب إحدى اللوكندات يشاهد التلفزيون على مرشح المؤتمر وهو يخاطب الجماهير «يا ابناء محافظة المهرة البطلة لقد جئتكم من اقصى الغرب (يعني الحديدة) إلى أقصى الشرق...» فأخذت التهامي العاطفة وقال بعفوية هادئة «ما شاء الله أليك يا ألي أبدالله.. يختطب بامّهرة وظله إندنا».
تقابلك النكتة اينما حللت هذه الأيام وتتلقفها أفواه الناس، بعضها عفوية وغالبها مقصودة يستخدمها انصار هذا الحزب أو ذاك للتقليل من شأن الآخرين، وتقزيمهم. إلا أنها تمحورت بشكل أكثر حول مرشحَي الرئاسة وبالذات علي عبدالله صالح، وفيصل بن شملان اللذين حظيا بنصيب أوفر منها.
ويتناقل الناس عن الذماريين -على سبيل النكتة- أنهم كانوا يهتفون في مهرجان بن شملان: «بالروح بالروح نفديك ياشملان.. بالروح بالروح نفديك يا شملان» الامر الذي جعل مرافقه يتساءل باستغراب: «ليش ما يقولوا بالروح بالدم؟!» فأجاب بن شملان بأسف وغضب: « الله يسامح الرئيس السابق، ما خلاش لنا دم حتى شوية فيهم للمهرجانات».
ولأن أنصار المشترك لا يطلبون هذه الايام إلا قارورة ماء «شملان» دون سواها تعصباً لإسم مرشحهم، فيقال في الشارع ان شركة.. «حدة» رفعت شكوى إلى الرئيس عن عزوف الكثير عن شرائها، وتطالبه بإلحاح: «شوفوا لنا حل يا فخامة الرئيس رجاءً وانتم خير من يقدرون الظروف»، وبينما كان الرئيس يفكر في حل لهذه المشكلة الاقتصادية المعقدة جداً والمحرجة، في نفس الوفت، إذا بياسين عبده سعيد يتصل على موبايل الرئيس: «أنا مستعد أغير اسمي من ياسين عبده سعيد إلى ياسين بن حدة» الرئيس كاد يطير فرحاً: «شكراً شكراً يا ياسين، والله إني قلت ما بش حل إلا هذا».
ومن ضمن النكت الجديدة ان الرئيس اجتمع فوراً بكبار مساعديه بعد المهرجان الكبير لمرشح المشترك في تعز ويطلب منهم الإعداد لمهرجان جماهيري أكبر في تعز: «اشتي أعرف أين السر؟! كيف كيف لماَّ خرجت هذه الجماهير كلها يا حجري؟! إذا كان السر في اسمه فأنا على استعداد تأسيس شركة سنحان للمياه الصحية وأنزل للمرة الثانية بسم علي بن سنحان!!»، فغضب أحدهم وقال: «وإلا واحد بركاني».
أمَّا انصار المؤتمر فيستغلون تقدم مرشح المشترك في العمر، ليوظفوها في دعاياتهم واساليبهم التنكيتية مدللين على ذلك: «شعره ابيض يا خبرة». كان الجدل يدور بين اثنين في إحدى بوفيات باب شعوب في الامانة، وقد حوش عليهما الناس، عضو المشترك يحاول اقناع الرجل بأن العمر ليس شرطاً وان الاهم العقل والنزاهة...الخ، مستحيل أن يقتنع الرجل إذ يزداد عتواً واصراراً على رأيه، وبدا ناقماً على المشترك: «ماعاد ارشحش شيبة» هكذا يقسم ويرفع صوته، يقف ويعاود الجلوس ويدق على الطاولة، شيخ عجوز يبدو انه من صنعاء القديمة كان على مقربة منهم، التفت متجهم الوجه بعد أن امتشق سيجارته ، وخاطبه بنزق صنعاني «جننتنا يا ولدي لا تصيحش إذا ما اعجبكش الشيبة العزب موجود».
كانت صورتا المرشحين (صالح وبن شملان) ملصقتين في تقابل على زجاج إحدى حافلات الركاب، الأول مبتسم والثاني لا. احد الركاب استغل المشهد واشار بسبابته نحو مرشح المشترك «شوفوا.. شوفوا حضرمي بخيل حتى في المشاعر». المعارضة كانت موجودة؛ فمن على المقاعد الامامية للحافلة التفت شابٌ وأشار إلى مجنون نائم على الرصيف، وقال: «لا بخيل ولا شي بس صاحبكم مفتهن والمواطن نايم على الرصيف».
بعض العمال يتخذ من النكتة وسيلة ترويح عن النفس من تعب النهار كتعويض عن التعب والمعاناة إلا ان بعضها تمثل موقفاً معيناً من مرشح بعينه رغم تفضيل الكثير منهم عدم الخوض في السياسة والتعصب الحزبي -حد تعبير احدهم الذي دخل إلى الباص منهكاً ليستقبله سجال جدلي حاد بين شابين سأله أحدهما: « من شاتنتخب ياخبير؟!» فأجاب: «بن شملان»، وسأله الشاب الآخر: «ليش؟! انت تعرف بن شملان؟!» فأجاب: «لا، ما اعرفوش؛ لكني أعرف علي عبدالله صالح».
إجمالاً تبقى النكتة السياسية من وجهة نظر علم النفس الاجتماعي ذات دلالة رمزية لما تتضمنه من تعليقات على الوضع أو عن شخصية سياسية طالما انها تعتمد على اللغة المحكية، حسب الدكتور فؤاد الصلاحي رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الذي يرى انها: «نوع من التنفيس عن قضايا يحرم القانون الحديث عنها، وهي نوع من الالتفاف في التعبير بثقة حول موقف او شخص بهدف الانتقاص منه أو إبراز عيوبه أو ضعف فاعليته مما يجعل منه شخصاً مستهجناً لا يحظى برغبة المواطن في ترشيحه وتزكيته»، واضاف الصلاحي أن هناك بعض النكات يحاول صاحبها إبراز عيوب شخصية سياسية ما بهدف تقزيمها وهو الأمر الجاري اليوم، حيث تدور اغلب «النكت» عن الرئيس ونائبه والمتنافسين على الرئاسة، «والنكتة تنتشر في المجتمع اليمني والعربي عموماً معتمدة على الثقافة المحكية «المشافهة» التي هي في الأساس تعبيرات تنفيسية عن واقع ظلم ومعاناة، ولها ابعاد غير مباشرة من خلال نص غير مكتوب، كما هو مشاهد في اليمن عبر الكاسيتات او التناقل الشفاهي».