المستقلة.. دعمها التحالف وخذلتها الأحزاب، والحزبية ليست أفضل حالاً

المستقلة.. دعمها التحالف وخذلتها الأحزاب، والحزبية ليست أفضل حالاً

- بشرى العنسي
«مائة ألف ليست شيء، وهي لا تفي حتى قته بالملصقات وفريق العمل الميداني».
كان هذا رد إحدى المرشحات المستقلات في الأمانة، أزهار العجي، على الدعم الذي قدمه «تحالف وطن»، في حين استنكرت نبيلة العمري بقولها: «حق أيش المائة ألف؟! كودها تسير في مواصلات». وأضافت في حنق: «ينزلوا المطابع ويشوفوا كم تطلع أجور الطباعة، أنا إلى الآن صرفت (250) ألف لكروت وملصقات وفريق عمل».
كان ذلك في السابع من الشهر الجاري عندما التقت بهن «النداء» في مقر «يمن تايمز» خلال الفعالية التي اقامها «تحالف وطن» لتسليم الدعم الذي تبرع به عدد قليل من مناصري المرأة (المرشحة المستقلة) ويقدر بمائة الف ريال لكل مرشحة.
التذمر كان واضحاً على الكثيرات بسبب قلة الدعم الذي تحصلن عليه، لكن الأمر اختلف تماماً - كما كان واضحاً- بعد أن أصبحت الشيكات بين أيديهن و يبدو أنهن اقتنعن بأن شيئاً أفضل من لا شيء. وبحسب الإحصائيات النهائية التي اعلنها التحالف خلال فعالية توزيع التبرعات فإنها قد وصلت إلى (تسعة ملايين ومائتين وستة وثمانين ألف ريال»، منها خمسة ملايين تبرع بها يحيى محمد صالح، أربعة ملايين تبرع بها كل من مدين ياسين والشيخ حميد الأحمر، بينما تبرع بالبقية عدد من منظمات المجتمع اليمني النسوية وناشطات.
«تحالف وطن» تأسس منذ سنة وثلاثة اشهر ويتكون من عدد الحقوقيات والناشطات سياسياً وممثلات منظمات المجتمع المدني، وذلك لدعم المرشحة المستقلة من خلال جمع التبرعات. ولهذا الغرض انشأ التحالف لجنة مالية تكونت من ممثلي ثلاث جهات عضوات في التحالف (اللجنة الوطنة للمرأة، منتدى الشقائق، واتحاد نساء اليمن). اقتصرت مهمة هذه اللجنة والتي بدأت اعمالها في 30 أغسطس، على: استلام التبرعات مع تقييد العملية الحسابية بالوارد والمنصرف وفقاً للعرف الحسابي، التوقيع على كروت الصرف للحساب الخاص باسم اللجنة المالية لدعم المرشحات مع إعتماد صرف الشيك بتوقيعين واستمارات الصرف بتوقيع كافة اعضاء اللجنة، والقيام بإعداد كشف يومي يدون فيه اسماء المتبرعين وجهاتهم والمبالغ المتبرع بها. وتخضع اعمال اللجنة لمراجع حسابات معتمد.
 
الحزبية ليست أفضل حالاً
الدعم المادي لم يقف حجر عثرة امام المستقلة فقط فالحزبية لم تكن احسن حالاً وحزبها لم يوفر لها الدعم الكافي لحملاتها الانتخابية ربما مقارنة بالمرشح الرجل.
وفاء عوض مرشحة حزب الخضر في مديرية معين -الدائرة (15) احتجت خلال حديثها مع «النداء» على قلة الدعم الذي لاقته من حزبها بقولها: «رغم أن الحملة قد بدأت منذ فترة إلا أنه إلى هذه اللحظة لم استلم الملصقات والصور، وليس لدي إمكانية مادية للتحرك ميدانياً».
مرشحة الناصري الديمقراطي لمديرية السبعين -الدائرة (9) مركز(ط)- هويدا كرمان اتفقت مع سابقتها حول الدعم الحزبي «الدعم الذي قدمه الحزب ضئيل جداً وهو غير كاف لتغطية الحملة وهذا أخر حملتي حيث اضطررت للنزول لكل المطابع كي اختار أقل سعر».
أفراح السلالي من التنظيم الوحدوي الناصري مديرية الثورة -الدائرة (77) مركز(ط)- لم تستطع هي الأخرى أن تخفي قلقها بسبب قلة الدعم، وقالت: «حتى المؤسسات المدنية التي تدعي انها تدعم المرأة هو مجرد كلام ومحاضرات وندوات تلقى من داخل القاعات؛ لكن هل من الممكن ان تنزل فرق عمل للتوعية بالمرشحات؟! أما توعية المرشحات أنفسهن فهذا غير مجد»، وأردفت: «حتى الدعم الذي قدم كان للمستقلة فقط دون الحزبية وذلك الدعم لم يكن كافياً لها».
 
طموحات رغم الضغوط
الصعوبات التي وقفت وستقف امام المرشحة للمجالس المحلية سواء الحزبية أم المستقلة، كثيرة جداً لكن وبالرغم من ذلك صممن على التحدي والمواجهة حاملات معهن طموحات كبيرة رغم بساطتها.
هويدا كرمان (طبيبة اسنان) لم تسلم للضغوط التي واجهتها داخل الاسرة اكثر من الخارج بسبب النظرة القاصرة لدى المجتمع ابتداء من الاسرة الذين يرون ان مشاركة المرأة عيب واكبر عيب؛ وبالتالي فهي تبذل جهوداً مضاعفة حسب كلامها.
ورغم انها لا تتوقع الفوز بسبب تأخر حملتها وشهرتها القليلة إلا أنها تتمنى ذلك كي تستطيع تقديم الخدمات لابناء دائرتها ولكي ترفع الوعي الثقافي والسياسي لدى المرأة.
الرجل لم يتقبل مشاركة المرأة داخل المدينة فكيف بالمناطق القبلية، التي تجرأت فيها رشيدة الهمداني، وكسرت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة حاجز الخوف باعلانها الترشح في ضلاع همدان كمستقلة لتتفاجأ بالتفاف الكثيرين حولها الرجال قبل النساء واعلانهم مناصرتها حسب كلامها لـ«النداء» مضيفة: «اتعبتني الحملة الانتخابية كون القرى متناثرة ويجب عليَّ أن أزور خمسين قرية لذلك اقود سيارتي بنفسي واتنقل بمفردي من قرية لأخرى».
عدم قدرتها على تغطية حملتها بالدعم الكافي وطلبات ابناء دائرتها المختلفة والمبالغ فيها، كانت من ضمن الصعوبات التي واجهتها ومع ذلك فهي لا تخشى الفشل وتفتخر كونها ترشحت في منطقة قبلية وهو ما اعتبرته خطوة كبيرة.
وهكذا، ونتيجة لتخلي الاحزاب عن المرأة في الترشح للإنتخابات المحلية وسحب البساط من تحتها ليمشي عليه الرجل، فضلت كثيرات منهن ان يعدن الراية والتي حملنها لسنوات طويلة لتلك الاحزاب، وان يعلن تحديهن ويعربن عن سخطهن، بنزولهن كمستقلات رافضات مظلة أي حزب لا يحترم وعوده ولا يعترف بالمرأة إلا كناخبة تستخدم لفوز الرجل.
نبيلة العمري (38 سنة) مرشحة الدائرة (14) على مستوى المحافظة، زوجة وام لخمسة ابناء وهي إحدى النساء اللاتي تخلى عنهن الحزب فتخلين عنه.
شجعها زوجها ودفعها للترشح كما دفعها للمؤتمر من قبل لتصبح عضوة في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام.
تحكي لـ«النداء»: «أنا عضوة في اللجنة الدائمة للمؤتمر»، واستدركت قائلة: «أكيد سيفصلوني الآن»، ثم واصلت بقولها: «زوجي كان ضابط في الحرس والآن متقاعد وكان من عناصر المؤتمر ومن شدة ولائه دفعني ايضاً للإنضمام للحزب، لكن المؤتمر لا يعطينا حقوقنا كاملة ويمشي دائماً بالوساطة والمعرفة ولا يوجد تنسيق كما أنه يتجاهل بعض اعضائه حتى انهم لم يدعوننا في استبيان أو تزكية ورغم ان الرئيس دعا المؤتمريين إلى أن يفسحوا المجال للمرأة لكن قواعده لم تنفذ، إضافة إلى أن رئيس الفرع يحارب المؤتمر بطريقته مما جعل الاعضاء يحاربوه لذلك قررت النزول مستقلة».
وعن توقعاتها للفوز من عدمه قالت: «ان شاء الله إذا كانت الديمقراطية والفرز جيدة فسوف انجح رغم ما ألقاه من مهاترات كلامية وتمزيق لصوري الانتخابية».
فاطمة الحريبي، عضوة في المجلس المحلي، كان تصرفها مختلفاً تماماً، حيث آثرت الانسحاب على أن تتخلى عن مظلة حزبها رغم انها -في مقابلة اجرتها مع «النداء» من قبل- عبرت عن رغبتها في الترشح؛ لكنها وبسبب مشاكل مع احد المرشحين في المؤتمر تنازلت مفسرة بقولها: «المرشح الآخر كان لا يستحق الترشح لذلك صممت بأنه إذا ترشح فإنني سوف أنزل مستقلة، وهدد هو بمحاربتي إذا ترشحت، لذلك قرر الحزب ابعادنا نحن الاثنين ورشح واحداً آخر وهو طه الهمداني ولأنه إنسان كويس وافقت أن اتنازل له. وبعد توجيهات الرئيس بالتنحي للمرأة اتصل بي طه وأبدى رغبته بالتنازل لي لكني رفضت ذلك بقناعة لأني أظن بان خمس سنوات في المجالس المحلية كافية بالنسبة لي، كما أن السلطة المحلية تُظلم حيث ان القرار بيد المدير العام ونحن مجرد جهة اشرافية ورقابية فقط حسب قانون السلطة المحلية ولا نملك اي صلاحيات».
وعن سبب عدم نزولها كمستقلة بررت ذلك بقولها: «لو كنت فعلت ذلك لكنت حققت نجاحاً ايضاً ولكني لم أرد التخلي عن ولائي لحزبي».