اشتباكات بين أنصار صالح وبن شملان في مدينة الحديدة

اشتباكات بين أنصار صالح وبن شملان في مدينة الحديدة

- رشاد الشرعبي
ترافقك في طريقك من صنعاء إلى الحديدة صور مرشح المؤتمر الشعبي كرئيس عربي ينافس ظله وبملصقات دعائية فخمة انعكست سلباً على ما تبقى له من شعبية بسبب ما تردد عن مبالغ مهولة بالعملة الصعبة صرفت لأجلها لإقناع شعب، لا يجد في الأغلب قوت يومه، برئيس يحكمه منذ 28 عاماً.
حتى ما بعد منطقة مناخة التابعة لمحافظة صنعاء يظل الرئيس علي عبدالله صالح وحيداً صفعت ملصقاته بقوة على الجدران والمنازل وحتى جذوع الأشجار، باستثناء القليل من الملصقات والصور المتواضعة لمرشح المشترك بن شملان برفقة مرشحين إصلاحيين للمحليات، مع صور معدودات للمرشح المستقل نافست صور بن شملان في أحد اسواق الحيمة التي ينتمي إليها فتحي العزب. إلا ان المشهد يختلف كثيرا مع دخولك إلى مدينة باجل التابعة لمحافظة الحديدة حيث تبدو المعركة محتدمة وان رئيساً عربياً قد يتعرض لمحنة ان “يحلق له شعبه قبل ان يحلق له الآخرون” حسب نصيحته لزملائه عقب سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين على يد الإحتلال الاميركي.
تنافس محموم ومعركة انتخابية حقيقية تبدو ظاهرة على الأقل في الصور المتناثرة على جدران المباني الواقعة على جانبي الطريق، قد تخفف من حدتها الأمطار الغزيرة التي رافقتنا في الطريق حتى مدينة الحديدة بإسقاطها للصور ذات الامكانيات المتواضعة.
يستقبلك ابناء تهامة بإبتسامة فاترة ترتبط بحياتهم الهادئة والبسيطة إن لم يكن للأمطار، وما ستجره من برودة ليسو معتادين عليها، دورٌ في ذلك كلما لمحوا موكب مرشح معارض غامر لمنافسة الرئيس صالح الذي كان يؤكد في ذات اليوم انه “مرشح الوطن كله”, ويعتبر الحديدة وجل منطقة تهامة مستطيلاً مغلقاً لحزبه بفضل نفوذ المشايخ فيها إلى جانب انها تعد من اكثر المناطق اليمنية فقراً وأمية ويشتد فيها نفوذ المشايخ بسجونهم الخاصة وتسخير اجهزة الدولة.
قليلون هم من يلوحون بالتأييد لمرشح المعارضة في الطريق إلى المدينة دون ان تطلب منهم. والبعض الآخر يدعو بالنصر والفوز ل”بن شملان” والقليل جداً من يصرخون في وجه الموكب معبرين عن التأييد لصالح بطريقة في بعض الأحيان تفتقد لإحترام الآخر وتتعارض مع ما يعرف عن ابناء تهامة.
مع إقترابك أكثر من مدينة الحديدة يخالجك شعور وانت تتلفت يمنة ويسرة ان المعركة تشتد وتتصاعد من خلال الصور والملصقات على جانبي الطريق كلما تعمقت فيما يمكن إعتباره حياة مدنية حيث لا يتعرض الناس كثيراً للنفوذ الاجتماعي كما هو حاصل في الريف. وتؤكد لك معالم المعركة ان المنافسة شديدة بين صالح وبن شملان رغم فارق الامكانيات إلى حد تعرض موكب الأخير، الذي كان مع قيادات المشترك على متن طائرة، للمضايقة وتوجيه الألفاظ البذيئة في وجههم، ترافق مع إستقبال كبير من اعضاء وانصار احزاب المشترك.
المضايقات تصدر لها شباب وصبيان لم يخفوا مناصرتهم لمرشح المؤتمر كونهم يؤدون مهمة التضييق والاساءة للآخر ضمن التعبير عن التأييد لصالح ورفض مرشح المعارضة وكانوا يهتفون بالفداء والتضحية لصالح مع عنف لفظي تطور إلى عنف جسدي يتعارض مع ما انطبع في الاذهان عن أبناء تهامة البسطاء والمسالمين, في حين كانت معركة أخرى تدور رحاها بين مؤيدي صالح ومؤيدي بن شملان رغم ان الأخيرين اكثر امام الفندق حيث كان مقرراً إقامة بن شملان ومرافقيه, وبدأت بتحرش مؤيدي صالح وهتافاتهم وتحولت إلى ملاسنات ومن ثم إشتباكات بالأيدي والعصي.
أعضاء بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات ظلوا يتابعون المشهد، وعندما تحول إلى معركة ومناطحات تقافزوا (خاصة الاناث) إلى باحة الفندق قبل ان تتطور المعركة إلى مواجهة مسلحة حسب إعتقادهم.
مصادر المعارضة أشارت إلى ان وزير الاوقاف رئيس دائرة التوجيه والارشاد بالمؤتمر ومشرف المحافظة، مر من هناك قبل وصول موكب بن شملان وألمح لمجاميع الشباب والصبيان بذلك وأيضاً كان يقول لهم بصوت مسموع ان مرشح المشترك هو “شارون” رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، بسبب تشابه الشعر الابيض وحلاقة الشارب واللحية.
أحد شباب المشترك عرف انني صحفي من خلال معداتي التي احملها في يدي فأخذ يحدثني وكأنه يستنجد بي ان لا انقل للناس صورة غير حسنة عن تهامة وابنائها وانصار المشترك, وقال: “لاندري لماذا يفعلون ذلك رغم اننا لا نقرب إحتفالاتهم ولانزعجهم ابداً, نصيحتي لهم بالاتصال بالامن لمنع مايحدث دفعت آخر للرد “الامن سيحضر لحمايتهم ولن يمنعهم عن اذانا”.
المنافسة شديدة في الحديدة مثلما هي بل قد تكون اشد في الطريق إلى حجة ومنها إلى صنعاء عبر محافظة عمران والصور هي من يحكي ذلك مع المهرجانات الانتخابية الحاشدة التي اقيمت فيها والهتافات الجماهيرية, وفي الحديدة فقط اختلفت اللافتات عن بقية المحافظات التي اقيمت فيها مهرجانات بن شملان حتى الآن رغم تشابه الآية القرانية التي تتلا في بداية كل مهرجان (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء...).
بدت اللافتات في الحديدة مختلفة حيث لامست الواقع اكثر وتضمنت عبارات ك:”من أجل توفير مدن سكنية لأحياء المغتربين”، “وداعاً لمدن الصفيح”, “معاً للحفاظ على حقوق المواطنين وإيقاف نهب الاراضي وإغلاق سجون المتنفذين”,”انتخبوا بن شملان الذي ترشح لجل المتسولين والعاطلين والمشردين والمهمشين”... وتأكيداً للافتة “اللقاء المشترك من أجل وطن يتسع لجميع ابنائه” كان أن احتضن ملعب الحديدة وبعده في حجة رموز واعلام كل احزاب المشترك المنفردة وليس كما كان في المحافظات الشرقية حيث لم يكن هناك حضور سوى للإصلاح والاشتراكي.
 
عمران.. إستثناء ورسائل
مهرجان محافظة عمران التي تتشكل فيها قبيلتي حاشد وبكيل والأولى ينتمي إليها الرئيس صالح كانت من نوع خاص. تقاطرت على الملعب جماعات منظمة افضل من محافظات مدنية، والذي اعتبره البعض فاصلا جديدا لحملة بن شملان من حيث الكم والدعم القبلي, فمحافظات العمق السكاني لليمن (ذمار,إب, تعز,عدن, الضالع, البيضاء, ومحافظة صنعاء بالإضافة إلى لحج وابين) سيبدأ بن شملان حملته فيها من الاسبوع لقادم.
اكتظت الجماهير في ملعب عمران الرياضي وساد أجواء المهرجان حماس جماهيري مؤيد لابن شملان. وتصدر لإلقاء كلمة فروع المشترك نجل شيخ مشايخ حاشد. وكانت المفاجأة وصول شقيقه القيادي المؤتمري السابق (حسين) وبرفقته اكثر من 10 آلاف شخص مؤكدين دعمهم لابن شملان والمشترك وهو ما اعتبر تأكيداً لوقوف والدهما الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر مع مرشح المشترك وليس مع صالح.