ابن شملان يقود باص نزاهته لإنقاذ الجسد من النفق المظلم من المحافظات النفطية

ابن شملان يقود باص نزاهته لإنقاذ الجسد من النفق المظلم من المحافظات النفطية

- رشاد الشرعبي
اسبوع واحد فقط لم يكد يختم ايامه على تدشين حملة الدعاية الانتخابية للمتنافسين على منصب رئيس الجمهورية، التي تعتبر التجربة الثانية، فيما يعتبرها آخرون الأولى لكونها تشهد منافسة شديدة بين مرشحين اثنين من خمسة زكاهم مجلس النواب: الأول دشنها في العاصمة صنعاء منطلقاً إلى مسقط رأسه في سيئون ليواصل مشواره في مثلث الصحراء والنفط (حضرموت, شبوة, مارب) ويستبعد الجوف من برنامجه بسبب الصراع الأخير فيها.
الثاني حملته لم تتوقف منذ انتخب في 1999م بطريقة غير مباشرة كرئيس وكثيرون يعتبرون السابع عشر من يوليو 2005 هو يوم التدشين، حينما اعلن عزمه عدم ترشيح نفسه, فيما سيبدأها حسب قانون الانتخابات من اليوم الاربعاء كما ذكرت بعض الانباء.
المرشحان وحدهما من تعلق ملصقاتهما الدعائية وصورها على الجدران وفي الشوارع. وهما وحدهما فقط من تمزق شعاراتهما تلك على إمتداد خط السير الذي بدأتُه الجمعة الماضية برفقة موكب مرشح اللقاء المشترك المهندس فيصل بن شملان من صنعاء إلى مأرب وسيئون والمكلا وعتق ومن ثم العودة إلى مأرب حيث يبدو التنافس على أشده وقد يغيب أحدهما في منطقة كاملة لكنه يحضر في منطقة اخرى دون منافسه ايضاً.
فالسويري، الواقعة بين سيئون وتريم وعلى بعد 25 كيلومتراً تبدو خالية تماماً من صور مرشح المؤتمر الشعبي (علي عبدالله صالح) لكنها مزهوةً جداً وكأنها تعيش عرساً افتقدته منذ سنوات فنقشت جدران منازلها الطينية وكل ما كان جامداً وواقفاً بصور ابنها فيصل بن شملان. وكذلك الحال بالنسبة لمناطق تقع ما بين شبوة ومأرب عبر حريب، حيث يحضر مرشح المشترك بقوة وحيداً او إلى جوار مرشح المؤتمر الذي يستأثر حضوره فوق ذلك بالملصقات الموضوعة على جدران المؤسسات الرسمية والسيارات الحكومية خاصة التابعة للجيش والامن وبعض نقاط التفتيش العسكرية.
المربعات المحددة من اللجان الانتخابية تخلو تماماً من ملصقات المرشحين الثلاثة (سعيد والعزب والمجيدي) في كل الاماكن التي مررت بها في خط السير ذاك وتلك المدن, ما عدا صورة صغيرة وواحدة للمجيدي في منطقة العبر وضعت على عمود حديدي امام احد المطاعم قبل ان يعبث بها العابثون خدشاً وتمثيلاً.
 
الرأس والنفط
ترابط كبير يبدو واضحاً في حملة مرشح المشترك حيث التكرار في خطاباته لما يعني أنه إذا صلح الرأس صلح الجسد كله ومطالباته بتغيير شكل النظام وتوزيع الصلاحيات وإنهاء تمركز السلطة بيد رئيس الجمهورية, لتنطلق حملته اولاً من حيث رأس اليمن كجغرافيا سياسية ورأس الدولة كموظفين يديرون شؤون البلاد كلها من داخلها من خلال رئيس واحد يمتلك صلاحيات واسعة ويمسك بزمام السلطات كلها – حسب الدستور وإتهامات المشترك- وليس عليه أي محاسبة اورقابة, لتكتمل الصورة اكثر بعد هتاف الجماهير التي احتشدت بالمدينة الرياضية متسائلة عن موارد البترول ومصير عائداتها لينطلق موكب من صار يسمى بالرئيس اكثر منه المرشح لدى انصاره وخاصة الموكب الذي رافقه في جولته الاولى هذه بإتجاه مسقط الرأس ومن ثم منابع النفط والبترول في حضرموت وشبوة ومأرب والجوف كما كان مخططاً في البرنامج.
إحتشاد جماهير بن شملان في مهرجانه في سيئون كان صورة ثانية وواضحة لتأكيد حجم المنافسة بينه ومنافسه الأقوى صالح بعد الاحتشاد لمهرجان العاصمة رغم ما وضع امامه من عراقيل، واصبحت الرسائل توجه من خلال قيادات الاصلاح العليا او المحلية او الهتافات الموجهة عبر اعضاء الاصلاح ذاته الذين تكون لهم الغلبة في الاعداد والحضور والاعلام والحضور الضعيف لبقية الشركاء في المشترك ما عدا الحضور الخفيف للاشتراكي في المكلا وعتق.
 
رسائل
"بن شملان يا أصيل.. غيرك ابداً ما نرضى بديلـ"، شعار تردد في كل مكان، يسنده الحديث نثراً وشعراً وفناً عن نزاهته ونظافة يده ولسانه وجيبه وكانت بمثابة القاسم المشترك للجميع تشير الى أن رسائل الاصلاح وشركائه في المشترك وصلت للشارع دون رتوش رغم انه يمكن قصد توجيهها إلى جهة أخرى وربما لايزال يوجهها عبر الشارع ذاته.
إصرار شديد على الاحتشاد لابن شملان رغم لفحات الشمس الحارقة والمناخ شديد الحرارة كما هو الحال في سيئون والمكلا, ولم تكن النزاهة فقط القاسم المشترك, فالنفق المظلم الذي تعرض له الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر وتجرأت صحافة المؤتمر على شتمه بسببه كان حضوره قوياً ايضاً, ولم يعد الناخبون كما في صنعاء يخفون رغبتهم في بن شملان بديلاً لصالح الذي يحكم اليمنيين شمالاً 28 عاماً وشمالاً وجنوباً 16 عاماً وعندما تسأل احدهم وليس عليه أي اشارات تدل على مناصرته لابن شملان يؤكد لك انه مرشحه، على عكس من يتوارون خوفاً من الكشف عن خياراتهم، كما توصل لذلك الزميل عبدالعزيز المجيدي.
وصل موكب بن شملان دونه إلى السويري وترجل عن السيارات التي لا تزيد على عدد اصابع اليد، إحداها مدرعة -كما هو لزوم الحملة – امام منزل طيني من ثلاثة طوابق وضعت فوق بابه الرئيسي صورة واحدة وقيل لنا هذا منزل بن شملان، واشار الشاب خميس مزهواً بأنه يأتي للسكن فيه بين فترة وأخرى مع اسرته المستقرة في مدينة عدن, شاب آخر كان يمر بجوار المنزل وقال ان إسمه محمد انه سيرشح بن شملان لنزاهته ولأنه محترم كما اختصر رأيه فيه, سألته عن سبب عدم وجود صور لمرشح المؤتمر الشعبي فبدا غير مكترث للسؤال او حتى لذكر اسم من يحكمه منذ 16 عاماً وألححت عليه بالسؤال ليرد بإختصار قبل ان يذهب إلى مبتغاه: "اصحابه حتى الآن لم يعلقوا صوره".
الشباب في الأغلب هم من كانوا يمرون في الازقة حيث المنزل. فيما كان الشيوخ يفترشون الارض على مدخل المنطقة ويلعبون "الدمنة" غير مكترثين بالموكب، لينتفضوا للسلام عليه حينما وصل بعد نصف ساعة على وصول الموكب يقود باصاً متوسط الحجم وبجوار شخص آخر وكأنهم كانوا يعرفون أن ابن شملان لن يأتي إليهم بموكب كبير ولكن ببساطته كما ألفوه.
 
مناطقية وافدو المكلا
السياسة تبقى عنواناً للتنافس، وأحد اسبابه, لكن المكلا التي احتضنت موكب ابن شملان ظهر الاحد، وقبله قيادات المشترك العليا، تحتضن صراعاً مكتوماً قد تكون السياسة ايضاً سبباً له؛ حيث اعترضت الموكب إمرأة عجوز تدعو الله ان ينصر ابن شملان ليخلصها وبلادها من "الدحابشة" إذ أهلكتونا برع يا دحابشة" فشكواها من سوء الادارة والممارسات الخاطئة دفعها لهذا المنطق لترفض الجميع وتنفث غضبها وتجلد برغبتها الباعة واصحاب المحلات بعيداً عن المتسببين، في حين كان رد فعلهم هو الآخر سيئاً من خلال ما قابلوا به الموكب من عبارات تحدي بصورة خاطئة "والله ماهي إلا حق علي", وغيرها من التصرفات والأقوال التي تكشف عن صراع ينبذه الجميع ولو كانت السلطة والنظام الحاكم يعزفون على اوتاره بقصد اوبدونه فإنهم يعملون على تهديم الوحدة الوطنية والقضاء على ما تبقى منها.