الحميدي.. ست سنوات في المحاكم وثلاث في دار الرئاسة: القضاء بلا إمضاء

الحميدي.. ست سنوات في المحاكم وثلاث في دار الرئاسة: القضاء بلا إمضاء

- علي الضبيبي
«هذه القضية، الحُكم فيها موقَّف، حيث ان وزير الداخلية سلمني توقيفاً خطياً من رئيس الجمهورية»، هذا ما قاله مسؤول دائرة المظالم في مكتب الرئاسة، القاضي محمد لطف الصباحي، للشيخ علي مشلي الحميدي، حين فرغ الأول من قراءة مذكرة النائب العام، الدكتور عبدالله العلفي، الموجهة إليه تحديداً، بشأن قضية رقم (52) لسنة 98م والخاصة بالمحكوم عليه بالقصاص الشرعي محمد ثابت ابو مفلح لقتله المجني عليه جعفر عبدالله ناصر الحميدي.
طالب جامعي، في السنة الثانية -تربية صنعاء، و(مقوّت) اجبرته ظروف الحياة وتعقيدات الدراسة على امتهان مثل هكذا عمل، وضحية بندقية قناص حاشدي.
مكان الجريمة: نقطة ضرائب «ذروان»، حيث طوابير السيارات و«المبزغين» وضريبيين بزي العسكر. لم يكن جعفر فوضوياً او «مغفِّراً» (مهرِّباً) حتى يتجاوز رجال الضرائب ببضاعته (قات) دون أن يدفع. دفع وأخذ سند القبض، لكن كيف له أن يمر دون أن يدفع تذكرة العبور. حياته، نفسه، دفعها هناك! حين رفض أن يتخلى عن «ربطة قات» لرجل أمن «مولعي» أرداه قتيلاً، ليُرسل إلى الثلاجة بدلاً من أن يتجه إلى السوق.
تم تسليم القاتل. وبعد أيام تمكن من الفرار من مكتب ضرائب امانة العاصمة إلى حاشد القبيلة و«الوجيه»؛ فبقي هناك، وظل القتيل في ثلاجته.
بالطبع لا تستطيع اسرته مقاضاة حاشد: القبيلة أو الدولة، فالقتيل من ريف العدين لجأت أسرته إلى أحد المشائخ في خولان (الشيخ علي مشلي الحميدي) وبدوره تابع الموضوع عبر قائد لواء الامن المركزي اللواء محمد عبدالله صالح آنذاك, حيث وجه بدفنه, والتزم خطياً بإحضار المتهم. وحسب مصادر مطلعة حضر القاتل بوساطة ضابط كبير من ابناء قبيلته!
دخل الامن المركزي ورفض هذا تسليمه إلى المحكمة, ولم يفعل إلا بأمر من رئيس الجمهورية في تاريخ 3/8/99م.
صدر الحكم, في 12 نوفمبر 2000م عن محكمة بني الحارث, بالإعدام قصاصاً مع دفع مخاسير ورثة المجني عليه مبلغ (400.000) ريال. وأيدته محكمة استئناف م/صنعاء بجميع فقراته في 27/3/2002م، ثم أُقر من المحكمة العليا على أن يوقف التنفيذ حتى يصادق عليه رئيس الجمهورية عملاً بالمادة (479 أ.ج).
أُرسل الملف إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة... ولا مصادقة!! ليبلغ عمر القضية أشده ويبلغ ثمانية اعوام قابلة للزيادة.
ها: إن القضاء يقول كلمته باستقلالية، ولكن...