إب.. اللواء (35) مدرع مازال يثير الرعب.. 8 قرى تحت نيران صديقة

إب.. اللواء (35) مدرع مازال يثير الرعب.. 8 قرى تحت نيران صديقة

- صنعاء - بشير السيد
- إب - إبراهيم البعداني
«الزمن لايعود إلى الوراء» مقولة لا استطيع التشكيك بها، إلا أن أحداثه قد تتكرر مرة أخرى.
هنا يحضر الخراب الذي سبق 16 عاماً.
ممنوع الخروج من المنازل، ممنوع زراعة الأرض، ممنوع جلب مياه الشرب ورعي المواشي، ممنوع العيش هنا..!!
هذا هو حال ثماني قرى سكنية في قاع الجامع بمديرية السبرة محافظة إب، التي تحولت إلى أهداف لقذائف رشاشات ومدافع جنود إحدى كتائب اللواء(35) مدرع في مناوراته العسكرية التي لم تنقطع منذ أكثر من عام ولم تنقطع معها مصطلحات «المنع».
وعلى الأهالي في الثمان القرى الذين يتجاوز تعدادهم 4000 نسمة أن يظلوا حبيسي منازلهم، التي لم تنجو من شظايا القذائف طوال ساعات اليوم، بأوامر عسكرية ينذفها أولئك الجنود الذين يصطفون أمام ابواب المنازل.
نظرة إلى هذه القرى كافية ليتبادر إلى ذهنك أن المنطقة مهجورة إلا من العسكر. الحقول تصحرت والمنازل مغلقة الابواب والنوافذ، ولا توجد مواش أو رعاة.
فقط اصوات انفجارات ودوي قذائف وقوارح الرشاشات.
إنه نفس وضع المنطقة ما قبل الوحدة ولكن إذا ما تمهلت ستدرك أن المنطقة لم تهجر، وأن الاهالي في منازلهم، لكنهم لا يستطيعون الخروج خوفاً من سجنهم في زنزانات المعسكر كما حدث لبعض الأهالي.
يقول الأهالي إنهم يقيمون تحت الوصاية الجبرية التي فرضتها عليهم قيادة المعسكر بعد ان اقدمت علىمصادرة الاراضي والتلال التابعة لهم وضمها إلى أملاك المعسكر ونصبوا عليها نقاطاً ومعالم ورسوماً وجعلها هدفاً لذخيرتهم وقذائفهم اثناء المناورات العسكرية التي لم تنقطع منذ عام ونصف رافقها منع من زراعة حقولهم ورعي مواشيهم وجلب المياه من الآبار التي تقع في وسط المنطقة.
مطيع الجماعي (40)عاماً قال إن والده سجن في زنزانة المعسكر لمدة شهر كامل لانه حاول زراعة ارضه، واضاف كنا نزرع هذه الارض منذ 15 عاماً، أي بعد الوحدة، وهذا المعسكر لم يعد له فائدة هنا «فمهمته الدفاعية انتهت» وهذه المنطقة لم تعدمنطقة حدودية.
المعسكر الذي لا يزال يحافظ على بقائه في المنطقة برغم انتهاء الاسباب التي اوجدته فيها،كان يطلق عليه قبل الوحدة معسكر «حمزة» وهو حينها عبارة عن نقطة مواجهة حدودية بين اليمن الشمالي والجنوبي آنذاك بين (إب والضالع) وبعد تحقيق الوحدة فإن معسكر حمزة إب، ومعسكر عبود الضالع، إندمجا ليصبحا اللواء (35) مدرع ويتبع محافظة الضالع، وبدأت المنطقة التي يقع فيها المعسكر تزدهر بعد أن ظلت اثناء التشطير اراضِ مصحرة وغير مأهولة.
بدأ الناس يأنسون ويعمرون منازلهم ويصلحون الارض، إلا أن قيادة المعسكر رأت قبل عام ونصف (أي عند مصادرتها لأراضي الأهالي) أن الأرض لابد أن تتصحر وأن يعود الوضع كما كان عليه أثناء التشطير.
أحمد الحبيشي، أفاد إن الأهالي تقدموا بشكوى إلى قائد المعسكر بخصوص هذه التصرفات والمضايقات الصادرة عن الجنود، فكان رده أن طالبهم بمغادرة وإخلاء المنطقة، والبحث عن مسكن آخر!!
الشظايا الناتجة عن التدريبات العسكرية تعود لتصيب المنازل حد (إبراهيم ناجي) ويضيف: «أن اصوات المدافع والرشاشات أفزعت اطفالنا ونساءنا وبدأت المنازل بالتشقق نتيجة الهزات التي تعقب الانفجارات» كما أن القلق يساوره إذا ما أخطأت المدافع اهدافها وصوبت نحو المنازل.
وآثار الزمن بدت واضحة في ملامح الحاج محمد ناجي(80عاماً) الذي قال لـ«النداء» «صبرنا وتحملنا ويلات التشطير ومخاطر الحرب في المناطق الوسطى (الجبهة) وكانت أنفسنا وأموالنا ضحية بقائنا في منطقة هي فاصلة بين معسكر الشمال ومعسكر الجنوب. ويضيف: «بعد قيام الوحدة قلنا جاء الفرج ولكن!!؟ كما ترى ارضنا تحولت إلى شبه صحراء ومراعينا اصبحت جرداء ومياه الشرب صودرت وعادت المنطقة إلى ما كانت عليه أثناء التشطير» حتى اعمدة الكهرباء التي وصلت للمنطقة مؤخراً قام جنود المعسكر بإقتلاعها ورميها في الأرض: «يريدون إخراجنا من الوطن ليعيشوا هم فيه!!».
ويضيف أحد الأهالي أنه برغم إنتهاء مهمة المعسكر كنقطة مواجهة حدودية إلا أن قادته تسعى إلى توسيع مساحته على حسابنا وحساب اراضينا الزراعية.
عبدالله ناصر، يروي لـ«النداء» أنه خرج في إحدى الأيام ليزرع ارضه مستخدماً حراثة وعند مشارف حقله منعه الجنود من تنفيذ مبتغاه واصبحت ارضه معرضة للتلف.
هكذا تحولت ثماني قرى سكنية في قاع الجامع في مديرية السبرة محافظة إب، إلى ثكنات وأهداف ومواقع عسكرية لمشروع إطلاق النار على حساب حياة الأهالي وحريتهم وآدميتهم.
اثناء تواجدنا في المنطقة المنكوبة، تجمع الأهالي حولنا وكان الأمل والتوسل والرجاء، هو تعبير الأسى المطبوع في عيونهم وتقاسيم وجوههم، علهم يستطيعون توصيل أناتهم إلى مسامع مسؤولين يؤمنون بأنهم مسؤولون على هؤلاء.
فالإعتصام الذي نفذوه أمام منزل المحافظ لم يكن ذا جدوى، وقالوا إن جنود المعسكر استصلحوا بعض الاراضي وزرعوها لصالحهم.
واقدموا على هدم بعض المنازل اثناء بناءها ووصل بهم الأمر إلى قطع طريق السيارات المؤدية إلى القرى بحجة التدريبات.
كما مُنع الأهالي من توصيل أنابيب مياه الشرب من الآبار الكائنة في المنطقة المسلوبة، الى القرى لأنها تمر في ارض المعسكر.
ويصبح مصير كل من تقدم بشكوى أو تظلم لقيادة المعسكر هو السجن وتهديده بمصادرة ما تبقى له من اراضٍ.
قيادة المعسكر كجهة مسؤولة ومسببة لهذا الخراب اعاق جنود بوابة المعسكر الوصول إليها وأخذ رأيها.
وفي وسط مشهد التهجير القسري، الذي يمارس ضد الأهالي، تنتصب أعمدة وكابلات التقوية الخاصة بشركات الهاتف الجوال، على تلال المنطقة التي أُجبرت على العودة إلى زمن التشطير.