تعلمت الطبيبة الحالمة درساً قاسياً عن شروط الاستثمار في اليمن وتريد استعادة 25 مليون دولار.. وفاء تسأل الرئيس الوفاء بوعده مكافحة الفساد

تعلمت الطبيبة الحالمة درساً قاسياً عن شروط الاستثمار في اليمن وتريد استعادة 25 مليون دولار.. وفاء تسأل الرئيس الوفاء بوعده مكافحة الفساد

-  عبدالعزيز المجيدي
في غمرة اندماجه الحماسي برفض ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية فضل الرئيس علي عبد الله صالح ملامسة ما يئن تحت وطأته من الشعب اليمني في خطاب متلفز، فانتقد الفساد والفاسدين كعادة خطاباته.
وقال في المؤتمر الاستثنائي لحزبه «المؤتمر الشعبي» نهاية الشهر الفائت الذي عقد خصيصا "للضغط على الزعيم" لإثنائه عن قراره بعدم الترشح: "إنه لن يقبل بان يكون مظلة للفاسدين، وهي العبارة التي تحولت إلى لوحة دعائية مرصوصة في شوارع المدن والمحافظات لكن طمع المواطنين لا يتجاوز مطالبة الرئيس بان يكون صادقا هذه المرة".
إنهم يعتقدون أن على الرجل تطبيق شئ من خطابه وهو المتمكن من سلطة مطلقة لفعل ما يحلو له في كل الأحوال.
لقد أخذت مواطنة مغلوبة على أمرها خطاب الرئيس على نحو جاد وهاهي تلجأ إليه، بعد التزام قطعه الرئيس على نفسه بين الأشهاد، وهي لا تريد بلوغ شئ أكثر من استعادة أموالها وكف أيدي فاسدين نافذين عن الاستيلاء على أموالها. إنها تضع خطابات الرئيس على المحك الآن.
وفاء علي عبده، مواطنة يمنية تندب حظا ووطنا أوقعها في فخ الاستثمار في هذا البلد وهي إذ تحاول الدفاع المستميت عن مالها البالغ 25 مليون و600 ألف دولار فإنها لا تجد الوقت الكافي للتذكر أنها كانت طبيبة جراحة لأحد الأمراض المستعصية في اليمن: السرطان.
مشكلة د. وفاء أنها أطمأنت إلى نصيحة زوجها الطبيب أيضا عندما كانا في المهجر فعادت لاستثمار ما لديها من أموال هنا في اليمن، وعقب عودتها عام 1995 م ضخت أموالا بالعملة الصعبة في السوق اليمنية، وزاولت أنشطة تجارية متعددة في الاستيراد والتصدير وحتى الخدمات النفطية عبر شركة مسجلة لدى الجهات المعنية في اليمن.
ولم تمهلها الفوضى المحتدمة هنا سوى ثلاث سنوات لتجد نفسها ومستقبل أطفالها أمام تهديد حقيقي يعرض مبلغ 25 مليون و600 ألف دولار، هي معظم ما تملك، للمصادرة " هكذا عيني عينك " في بلد يطويه الفاسدون كورقة في جيوبهم إذ يظل الركون إلى القانون محض جنون والاستناد إلى حماية الفاسدين أنفسهم الضمانة لاستمرار النشاط وعين العقل.
وزاد من شعور وفاء بالضياع أن مصرفا يختط على واجهته مسمى «البنك العربي» خاض دوامة الحصاد المر لنشاطها متخليا عن سمعته التجارية طامعا في مقاسمة الغنيمة مع من تقول " وفاء " إنهم متنفذون في السلطة والحزب الحاكم.
كسيدة أعمال فإن وفاء بالتأكيد تمتلك حسابا ورصيدا في احد البنوك، وتطمع المصارف في حالتها باجتذابها إلى قائمة أهم عملائها.
لكن البنك العربي لم يكن كذلك وفضل استغلال مساحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة لتسهيل مهمة السيطرة على أموال وفاء لمصلحة نافذين للحصول على شي من الغنيمة.
بدأت المحاولات الأولى" لتطيير" المبلغ عام 1998م عندما تلقت وفاء حوالة مالية من شركة النفط النيجيرية بـ"25 مليون و600 ألف دولار نظير تعاملات وصفقات بينها وشركة وفاء وكان منطقيا أن يصل المبلغ إلى حسابها في البنك العربي في اليمن حيث تعاملاتها المصرفية ورصيدها هناك.
لقد تكتم البنك على الحوالة الكبيرة التي وصلته وصادف أن رسائل بريدية من الشركة بشان المبلغ وقعت في يد أحد أقربائها أثناء سفرها للعلاج في دولة الإمارات العربية المتحدة -بحسب ما جاء في إقرار مصادق عليه من محكمة بني الحارث في المنطقة الغربية بصنعاء.
بحسب وفاء وزوجها الدكتور عبد الحكيم منصور فإنهم لم يعرفوا بوجود المبلغ إلا من خلال تواصل هاتفي مع الشركة، وكان حينها قدتم التصرف بجزء من المبلغ بضغط من قبل من تقتصر تسمية الدكتورة وفاء لهم الآن بالنافذين بعد انتحال شخصيتها بحكم صادر عن المحكمة التجارية وكان رئيسها آنذاك وزير العدل الحالي.
ورفض البنك مطالب "شركة وفاء عبده ناشر وشريكها التضامنية" بوقف التصرف بالمبلغ لتبدأ رحلة معاناة طالت لسنوات.
اشتكت لـ" النداء " بمرارة من سوء تعامل إدارة البنك العربي مع القضية وقالت إن مدير البنك (أردني الجنسية) رفض مناقشة الأمر فيما أبدى نائبه حينها استعداده "لبحث المشكلة" ليعود بعدها إلى رفض أي نقاش. لكن الأمر الأكثر مرارة بالنسبة لوفاء تجاهل البنك المركزي للقضية.
ورغم توجيه محكمة جنوب غرب أمانة العاصمة لإدارة البنك، نهاية عام 1999م، بعدم اعتماد أي وكالة بالصرف من المبالغ المودعة في حساب الدكتورة وفاء إلا لها شخصيا أو شريكها الدكتور عبد الحكيم منصور وقررت أن أي" تصرف بنكي آخر يعتبر لاغيا" إلا أن البنك مازال حتى اللحظة يرفض الامتثال لقرارات القضاء.
وظهر البنك المركزي اليمني المرجعية المصرفية في البلد للبنوك الأخرى غير مهتما البتة باسترداد مال مواطنة يمنية لكن هذا الإهمال يبدو ذو صلة بمحاولة تجريد صاحبت الحق من مالها.
وتقول وفاء أنها تقدمت بشكوى لوكيل محافظ البنك المركزي لقطاع الرقابة على البنوك لكنه رفض التعاون، وقد اتضح للمراة أن للمسئول مصلحة في البنك المشتكى به إذ يعمل ولديه في نفس البنك العربي.
لقد طالت يد الفساد ملف القضية في المحكمة و تمكنت أذرع النافذين من الوصول إليه وإخفائه وكأن القضية لم تكن فيما نقل القاضي الذي أصدر قرار إيقاف التصرف بالأموال إلى محكمة أخرى لتثبت بعدها حقيقة تحاول " وفاء" الفرار منها ‘ إنها السيطرة المطلقة للفاسدين تنال من الحق الخاص كما العام.
ولم تسلم المرأة التي شاهدت الويلات بسبب هذه القضية من استخدام دنئ لأبشع وسائل الإيذاء، فقد تعرضت لمحاولات تصفية جسدية بوسائل مختلف منها، حسب إفادتها، رش مواد سامة في مكتبها وغازات قالت إنها محرمة دوليا أدت إلى تشويه أجزاء من وجهها. وضيَق النافذون الخناق عليها وعلى زوجها بقطع مرتباتهما عن طريق مكتب الصحة في أمانة العاصمة، وتبين للزوجين أن مسؤولين من العيار الثقيل يقفون لأموالهم بالمرصاد وفساد بنك هو الآخر بدا وثيق الصلة بنافذي السلطة.
الآن تأكد للزوجين أن من يطلقان عليهم "النافذين في السلطة والحزب الحاكم" قد تصرفوا بعدة ملايين من المبلغ وتقول د. وفاء " هذه الأموال يتم استثمارها عبر شركات وبنوك تجارية أخرى " وثمة ما يرونه مؤشرات لسحب بقية المبلغ إلى الخارج.
لقد تعرضت وفاء وزوجها لإيذاء نفسي ومادي وحتى جسدي وتحولا من طبيبن حالمين إلى "مشارعين" وهما لا يبحثان الآن عن الأرباح والمكاسب فكل همهما استعادة ثروتهما التي يقبض عليها الفساد ونافذيه.
إن خيبة الأمل تسيطر على وفاء وزوجها وهما لا يكتفيان باعتبار ما حدث لهما " انتهاك صارخ لحقوق الانسان ترفضه الأعراف والمواثيق الدولية والدين الإسلامي الحنيف " كما قالا في رسالتهما إلى الرئيس.
إنهما ينتظران أكثر من ذلك، فقد سمعا علي عبد الله صالح يلقي خطابا حماسيا ويقطع على نفسه عهدا: "لن أسمح بأن أكون مظلة للفاسدين ". وتناشده وفاء ترجمة أقواله إلى أفعال ومحاسبة المتسببين في معاناتها هي وزوجها.
إن لم يكن الرئيس مظلة للفاسدين وناهبي أموال الناس فليثبت أنه ليس كذلك، هذا ما يردده معظم المواطنين. إن مصداقيته على المحك الآن.