أوجاع البيئة

أوجاع البيئة

*أفراح علي أبو غانم
للبيئة أوجاع لا نشعر بها ولا ندركها إلا عندما تشتد ويحيط بنا الخطر من كل جانب، عندها فقط نعرف أن بيئتنا تتألم أو تحتضر، ولكن هل ندرك هذا قبل فوات الأوان؟
في ظل الظروف الحالية والأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والحروب وغيرها، قد يتساءل بعض الناس عن أهمية البيئة مقارنة بأهمية الحالة الاقتصادية والبحث عن لقمة العيش.. لا يبالون ولا يسألون هل تعتبر من مسؤوليتهم الحفاظ على بيئتهم، أم مسؤولية حكومية لا غير؟
الحفاظ على البيئة ليس وظيفة حكومية أو مسؤولية حكومة دون شعب. الحفاظ على البيئة لا نريد به في الظروف الصعبة أن تزرع الحدائق والغابات الغناء، وتفرش الأرض خضرة وجمالاً.. نريد به أن يحافظ الناس على أبسط حقوقهم للعيش في مكان نظيف ومناسب وآمن صحيا. هل من الصعب عليهم أن يتوقفوا عن رمي القمامة في الشوارع؟ هل من الصعب عليهم أن يتوقفوا عن تلويث الهواء بالمزيد من عوادم السيارات والباصات والموتوسيكلات وغيرها؟ هل من الصعب عليهم أن يتوقفوا عن رش السموم في الخضراوات والفواكه وحتى في أعلاف الحيوانات؟ هل من الصعب عليهم أن يمنعوا أو يقفوا ضد المساحات الأسمنتية التي تكتسح شوارعهم ومدنهم، وتطرد أي مساحات خضراء فيها؟ هل من الصعب عليهم أن يتوقفوا عن العبث بالماء واستهلاكه بشكل عبثي حتى في أصعب ظروف الحصول عليه؟
كل ما سبق مسؤولية الناس، ومسؤولية الحكومات ما هي؟
مسؤولية الحكومات هي في التخطيط السليم للحفاظ على البيئة، في التخطيط السليم للمدن ومناطق الطبيعة، في التخطيط السليم للاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل يضمن تجددها واستدامتها، في إصدار قوانين وتنفيذها للحفاظ على البيئة والصحة والموارد الطبيعية، وتنفيذ القوانين على الكبير قبل الصغير، في توعية الناس بشكل سليم وراقٍ.. فالأساليب القديمة للتوعية في المدارس أو عبر الإعلام بالنصائح المملة القديمة، لم تعد مجدية، فالناس دائما بحاجة لأشياء جديدة تقنعهم، لحلول وبدائل تساعدهم، فليس من المنطقي أن نقول لهم اعملوا واعملوا.. ولا نقوم به نحن أولا. ليس من المنطقي أن نمنع الناس في المحميات مثلا من الاستفادة من مناطقهم دون إيجاد البديل المناسب. ليس من المعقول أن نقول للناس لا تتجرعوا السم ونحن من نبيعه لهم.
وهذا ليس في بلادنا والبلاد النامية فقط، ولكن حتى في الدول المتقدمة التي تعتبر التقدم التكنولوجي في التصنيع والتسلح هو ما له الأولوية عندها، حتى هذه الدول تعاني من تدهور بيئي كبير غير ما تسببه من تدهور بيئي على غيرها من بقاع الأرض، وهي تغالط وتدفع أموالاً للتعويض عما تدمره، لكن المال لن يحل المشاكل إلى الأبد، والصمت كذلك لن يحل المشاكل، والاتكال على الغير لن يحل المشاكل ولن يوقفها.
هل سنظل نحرق في أرضنا على أمل أن نستوطن القمر، كلام غير منطقي وغير عقلاني، ومن يدمر بيديه بيته لا ينتظر أن يعمره له غيره.
بيئتنا حياتنا مسؤولية مشتركة.. وإهمالها سيكون فيه عقاب مشترك كذلك.
وأخيرا.. لتغير الجميع يجب أن تبدأ بنفسك...
                                                             الهيئة العامة لحماية البيئة