هؤلاء الجيران: «صدمة المستقبل» (3)

هؤلاء الجيران: «صدمة المستقبل» (3) - منصور هائل

توجست كثيراً من الاشتباك مع شيطان التفاصيل المتعلق بعملية دهم بيوت مجموعة من الإيرانيين المقيمين في اليمن لاعتبارات كثيرة، معقدة، متلابسة، متشابكة، يتصدرها الاعتبار الخاص بحساسية وضع العائلات الإيرانية المنهوشة بأنياب الوساوس القهرية، ومشاعر الكمد والغبن والسخط المكتومة بفظاعة فضحتها، مؤخراً، سحنات وهيئات زوجات وبنات أولئك الذين اعتقلوا ومنعت عليهم الزيارات العائلية ولم يسمح للمحامين، المفوضين من قبل شركاتهم وأسرهم للدفاع عنهم، بحقهم القانوني في مقابلتهم.
والمصيبة أن النساء والفتيات الإيرانيات اللواتي تحولن إلى أشباح هزيلة، شاحبة، تائهة أصبحن لا يستنكفن من التعاطي مع أية التفاته تضامنية فحسب، وإنما ينظرن إلى ذلك بحذر الفئران، وتكشيرة الجنادب، لأن خبرتهن المرة مع الجيران المحليين في يوم المحنة، وما تلاها، لم تكن سارة بالمرة.
ورسخ في أذهانهن الاعتقاد بأن أي تعاطف من قبل الجار اليمني سينطوي على أحد أمرين: إما على كيد فلاحي أو على (فيد) قبيلي.
وجاء ذلك في ضوء تزاحم اليوميات الروائية البوليسية اعتباراً من 19يونيو بعد التاسعة من ليل تلك الجمعة، حينما صعق الناس بنفير (ونانات) سيارات الشرطة التي تقدمت الأطقم العسكرية لتنفيذ الاقتحامات والاعتقالات.
ذلك المساء وقبل أن يعلم الجيران من هو المستهدف، كانوا يكتفون بترداد تمتمة مبهمة: «خير اللهم اجعله خير».
بعد الحادية عشرة تكشف أن المداهمة استهدفت العائلة الإيرانية، وذهب هؤلاء (الجيران) يتبادلون نظرات ذات مغزى قديم، بل و قدم من تاريخ «الفتنة»: «مش قا قلتولك».. وهمهموا بـ«مؤامر خطيرة» سبق لهم أن اكتشفوها عندما أدركوا بأن طيبة هؤلاء «الإيرانيين» لم تأت من فراغ.
في اليوم التالي ذهبوا يتخاطفون الأخبار التي نشرتها بعض الصحافة وينسجون على منوالها ويتعجبون من دهاء الاجهزة الامنية التي كشفت عن شبكة استخبارية إيرانية إسرائيلية.
وفي اليوم الذي بعده انضافت إلى قصة الشبكة الاستخبارية حكاية جديدة تفيد بأن تلك الشبكة تعتبر «خلية حوثية» تمكنت السلطات الأمنية من القبض عليها في الوقت المناسب.
وفي اليوم الرابع أصبحوا يتحدثون عن «الشبكة» و«الخلية» ويسبحون بحمد الخالق الذي ألهم الأجهزة الأمنية ومكنها من السيطرة على سيارة مفخخة كادت تنسف الحي بما ومن فيه.
وبعد الشبكة والخلية والسيارة المفخخة تخصب الفضاء الهوليودي.
وفي اليوم السابع قالوا بأن الجماعة كانوا من «الكفار»، وتعجبوا إزاء هذا الاكتشاف، وتفاخر أحدهم بأنه كان قد أهدى العائلة إياها نسخة من القرآن الكريم.
وتعجبوا أكثر من انطلاء خدعة طيبة العائلة الإيرانية عليهم، وكيف بدت ذات طيبة مثالية عندما كانت تقدم لهم الخدمات وتتعامل بصورة جاذبة استحوذت على قلوب وأذهان الصغار والكبار.
وبلغت الروايات درجة الأبهة عندما وصلوا إلى توافق عجيب حول اكتشاف أدهى: ف«الجماعة» من البهائية... إنهم بهائيون.
فما هي قصة هؤلاء «البهائيين» في اليمن، و«البهائية» اليمنية.. يتبع.