الخيواني والمقاولون

الخيواني والمقاولون - محمد شمس الدين

من المخيف أن يصل نفوذ المقاولين إلى المحكمة الجزائية المتخصصة (محكمة أمن الدولة) التي أصدت حكمها بحبس الصحفي المعروف عبد الكريم الخيواني لمدة ست سنوات, وإلحاقه بخلية صنعاء التابعة للـ"حوثيين", في حين يعرف الحاكم وأصدقاء الخيواني من صحفيين وكتاب وكذلك المجتمع الدولي، أن الرجل لا علاقة له بالخلية التي ضم إليها.
فإذا كانت السلطة قد حاولت تبرئة نفسها من اختطاف الرجل إلى خولان والاعتداء عليه العام الماضي, حرصاً منها على سمعة اليمن أمام المجتمع الدولي, وللتخفيف من حالة السخط الموجه ضدها في الداخل والخارج, مدعية أن الخيوني كان في مهمة اجتماعية لحضور حفل زفاف في خولان، أو أن الرجل اختطف بناء على عقد بينه وبين خاطفيه حباً منه في الشهرة والتشهير بالنظام, ورغم ذلك التبرير الهزيل الذي لا يقبله عقل ولا منطق, إلا أنها محاولة تستحق الاهتمام إذ رأى البعض أن السلطة بتبريرها ونفيها قد أدركت فداحة ما قامت به من تنكيل في حق الرجل, وأدركت أهمية الحفاظ على سمعة اليمن وديمقراطيته الناشئة, التي تتغنى بها أمام المجتمع الدولي, ونتغنى ونعتز بها كأفراد, أمام من يتغنون بمشروع الكبسة والثروة من جيراننا في المنطقة.
الحكم الصادر في حق الخيواني لن ينطلي على أحد, ولا يخدم اليمن حاكماً ومحكومين لا من قريب ولا من بعيد, بل إنه يؤكد أن القائمين على الأمر لم يعد يعنيهم سمعة اليمن ولا المشاعر الغاضبة كما كنا نتوقع, وان المقاولين الذين زعمت السلطة أن الخيواني اتفق معهم لاختطافه, هم نفس المقاولين الذين ألحقوا الخيواني بخلية صنعاء, دون أن يكلفوا أنفسهم توضيح حيثيات الحكم.
وفي حين أن الخيواني قد حرم من العيش وسط أسرته وأطفاله, فإننا كيمنيين قد حرمنا من التغني بحقوق الإنسان وحرية التعبير نتيجة استحواذ المقاولين على الحكم والثروة, وممارسة القمع, وإخلالهم بالمواصفات والمعايير, وعدم قدرتهم على تنفيذ المشاريع الكبيرة التي قدمتها الوحدة اليمنية.
mshamsaddinMail