الدستورية

الدستورية - محمد الغباري

وإن كنت ممن لا يؤمنون بتجريب المجرب أو توضيح الواضح كما يتشيع لذلك الزميل نبيل الصوفي، إلا أن القاضي عصام السماوي والدائرة الدستورية، أمام اختبار صعب فيما يخص الدفع المعروض أمامهم بعدم دستورية إنشاء النيابة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.
إذا ما انتصرت الدائرة للدستور، فإنها بذلك ستضع أول حجر في بناء طويل لاستعادة ثقة المواطنين بجهاز القضاء، وتساهم في مشروع بناء دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، ولكنها لن تخسر شيئاً جديداً يغير من الواقع إذا خُذل الأعزاء هايل سلام ونبيل المحمدي ومحمد المداني محامو الزميل عبدالكريم الخيواني الذي يواجه تهمة الارهاب لمجرد حيازته صوراً للحرب في صعدة.
 حين أوجدت المحكمة ونيابتها مع نهاية العام 1998، وسط ذروة الاختطافات للسياح الاجانب والتفجيرات المتتالية لأنابيب النفط سكت الجميع أمام هذه المخالفة الدستورية، إن لم يرحب بها البعض أملاً في إنقاذ البلاد من جحيم تلك الافعال التي ضربت الاقتصاد الوطني في العمق، ومع تكشف حجم الكارثة التي مثلها هذا النوع من التقاضي ما تزال حركة الاحتجاجات دون مستواها ونشاط المنظمات المعنية بالحقوق والحريات والمثقفين والناشطين السياسين مقيد بالواقع البائس لحال السلطة القضائية.
الآن وقد أحسن القاضي محسن علوان بقراره رفع الطعن إلى الشعبة الدستورية فإن جميع المعنيين بالانتصار للحقوق والحريات مطالبون بممارسة كافة أساليب الضغط لإنجاح مهمة إلغاء القضاء الإستثنائي، وإعادة الاعتبار للقضاء الإعتيادي، حتى الرئيس علي عبدالله صالح باعتباره مسؤولا دستورياً عن صيانة الدستور والعمل به معني اليوم بالانتصار لهذا العقد الاجتماعي وتثبيت قواعد احترامه والاحتكام إليه.
مأساة اليمن في غياب الدولة والمواطنة المتساوية تتعاظم بغياب القضاء العادل والنزيه، وبعدم احترام المسؤولين للدستور والقوانين، وإذا ما وجدت نوايا صادقة لبناء دولة مدنية حديثة كما يأمل اليمنيون منذ مئات السنين، فإن الامر يتطلب رفع الوصاية ووقف التدخل في شؤون القضاء وإلغاء أي فعل أو توجه لا يقدس نصوص الدستور ولا يحترم القوانين.
malghobariMail