يا شقي في يوم عيدك..

يا شقي في يوم عيدك.. فضل مبارك

فضل مبارك
كل شيء كان حاضراً في «عيد الحديدة» وأهم شيء كان غائباً..كل الاشياء حضرت وغاب المواطن.
حضرت القيادات منفوخة الأوداج وحضر جحافل الجند الذين ضيقوا على العيد حتى أنفاسه. وتسابق الدراويش ومعلنون آيات الولاء الأهوج والطاعة العمياء.. في حالة يرثى لها وحالهم كحال من «يغمز في ظلمة».
وتزاحمت ماركات وموديلات السيارات الفارهة.. وضاع المواطن، صاحب المصلحة الحققية في الوحدة.. الذي مات مدهوساً تحت عجلاتها ولم يلتفت إليه أحد.
تزينت الشوارع بالصور والأعلام واللافتتات واللوحات الكهربائية والإعلانية، ونابت عن شعور المواطن المقهور بالغبن والمتكدس بالمعاناة لتحمل آية معكوسة لا يريد الحاكم سوى قراءتها وسماع نغماتها وإن كانت نشازاً، ويدرك انها لا تعبر عن مضمون ولا تؤدي إلى هدف وانها مغشوشة في صورة حق...
لله درك من وطن مسحوق.. ولك الله يا شعب؛ كل شيء يصرف باسمك ولأجلك ولا تطال منه شيئاً..
مليارات تصرف على البهرجة والأشياء الفاضية التي «لا تودي ولا تجيب» سوى ان يترزق من وراء تلك العمليات المشبوهة حمران العيون.. الذي يكتنزون الذهب والفضة على حساب تجويع الناس.
واقسم، بمن جعل البيت المحرم قبلة للمؤمنين، لو ان ما ينفق على ملذات هؤلاء فقط في اثناء ايام الاحتفالات او ما يخصص للصور المعلقة على اعمدة الإنارة بالشوارع او على شراء ذمم البعض او علىكتب وملصقات الدعاية او على... أو على...
«كم الواحد با يعدد»! لو أن هذه انفقت في الصالح العام لكفت الجياع، البالغ عددهم نحو عشرين مليونا، لعام كامل، ولو سخرت للبنى التحتية لأنهت ازمة الكهرباء وفي عموم مناطق اليمن ولوفرت مياه الشرب لكل مواطن.
ولست أدري أية مصادفة تلك، وأنا في طريقي السبت الماضي، إلى الحديدة ان أهتدى السائق لأن يسمعنا اغنية الفنان الشعبي فيصل علوي «شقي في يوم عيدك يرحمك رب السماء» ليتوافق مع ما يحدث من فعل بحق الاشقياء والتعساء في هذا الوطن.. الذي يُتغنى بعذاباتهم وآلامهم وكل شيء لهم.
ممنوع الوقوف.. ممنوع الانتظار.. ممنوع التنفس.. ممنوع... حتى عندما تريد ان تجري مكالمة هاتفية تطمئن اسرتك على بقائك حياً حتى اللحظة لابد ان تحط لدى كشك الاتصالات صورة من بطاقتك الشخصية وصاحب الفندق يحتجز البطاقة لديه رهينة.. خوفاً منك عليك وما كان لهذه التناولة.. إن ترى النور إلا بشق النفس؛ ممنوع ارسال الفاكسات إلى الصحف؛ إلا بعد يطلّع عليها صاحب الفاكس.. وغيره.. وغير...
العيد ينبغي أن تتوافر فيه الفرحة البهجة.. الإنطلاق، لكنها تغيب وتصبح اعيادنا كآبة وهماً وغماً لا يطعم فيها العافية- رغم أنها معدومة- ولاراحة بال.
وحيث ان الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده.. فإن ما يتوسع يوماً بعد آخر من فعل شاذ وسلبي لايقاع الاحتفالات يئد بهجة الناس بها؛ حيث تغدو مظاهر للنفاق والصرف الباذخ وتثيرحفيظة المواطن الذي يربط على بطنه حجراً جراء الجوع موهماًً نفسه أن البلد يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً، فيما ينفق على الاحتفالات، التي لا تعود بالنفع، بالهبل ناهيك عمَّا يفرض على التجار من رفع للزينة وكتابة يافطات وشعارات نفاق بالقوة...
متى نتعظ ونوجه اذونات الصرف إلى مجالاتها الصحيحة؟؟!