أصدقائي الذين أكلوا الحمير والخنازير!!

أصدقائي الذين أكلوا الحمير والخنازير!! حسن عبدالوارث

الرئيس افترس كبشاً... والوزير الْتهم ضفدعة!!
أصدقائي الذين أكلوا الحمير والخنازير!!
حسن عبدالوارث*
wareth
للناس في ما يعشقون مذاهبُ..
هكذا قال أجدادنا.. وقد كانت مشاعر الحب الفياضة تحتويهم من جهة القلب.. أما نحن -أحفادهم– فإن هذه المشاعر تنسلٌُ إلينا من جهة المعدة.. لذا فإن لنا مذاهبَ، ليس في ما نعشق.. وإنما في ما "نبلع"!!
وبرغم أن منطق الحياة وقانون الطبيعة يؤكدان على أن الإنسان يأكل ليعيش، وليس يعيش ليأكل.. إلا أن الأكل –لدى عديدين– صار مشروعا استراتيجيا بالغ الأهمية، وما دونه من قول أو فعل أو نشاط إنساني هو مجرد "تكتيكـ"!
وبمناسبة ِذكر الأكل.. كان لي مع عدد من الزملاء والأصدقاء –وبعضهم مشهور– حكايات لطيفة ومواقف ظريفة، يستحق عديد منها أن يُروى.. لكنني سأحجب أسماء ذوي المواقف التي قد يعتبرها أصحابها ضربا من التشويه، أو الإحراج في أهون الأحوال.. مثل الوزير السابق الذي التهم - في أحد مطاعم بيروت – كمية ضخمة من اللحم الذي وجده شهيا جدا، قبل أن يعرف انه لحم ضفادع، وبعدها "عينك ما تشوف إلاً النور"!!
.. أو ذلك الكاتب الكبير الذي تلذذ بوجبة دسمة من اللحم لم يذقها في حياته قبلا، ثم فوجئ بأنها لحم خنزير!!
وفي قرية بلغارية يشتهر أهلها بكرم الضيافة، راح صاحبنا يلتهم " مقلبا" في غاية القرف، وقع فيه تحت تأثير حسن النية وشدة الثقة ووطأة الجوع.. فقد احتار في صنف اللحم الذي بلعه للتو بكمية تكفيه لأسبوع على الأقل.. فهو لم يستطع تمييزه: أكان لحم عجل، أم خروف، أم ماعز؟!.. لكنه مرض لعشرة أيام، إثر أن عرف أنه لحم تعرفه أشهر المآدب في عديد من نواحي بلغاريا... إنه لحم الحمير!!
< اثنان من اعز أصدقائي وزملائي هما: د. عمر عبد العزيز ومنصور هائل، ثمة ثأر تاريخي وعداء استراتيجي بينهما والطعام.. فهما يجدان الأكل مجرد "كماليات".. ولطالما ردّدا أمنيتهما الغالية بأ يخلق الله لهما وعاء يوضع أعلى الحنجرة ليتم إلقاء الطعام فيه، من دون أن يضطرا إلى أداء تلك العملية الصعبة والمرهقة، المتمثلة في المضغ والهضم!!
الأمر ذاته ينطبق على الزميل الصديق علي السقاف، الذي تخاله – من هيئته – يفطر بدجاجتين ويتعشى بسمكتين، وبينهما يتغدى بخروف استرالي.. غير أن " الاسم كبير والعشاء قليَة"!!
وعلى العكس منه تماما، الأستاذ الكبير عبد الواسع قاسم –رحمة الله تغشاه– ومع فارق يبلغ حد المفارقة، وهو أن جسمه الضئيل للغاية لا يوحي بأنه قادر على تناول جناح دجاجة!!.. وهو ما اثار " الرعبـ" في قلب المستشرق الروسي فيتالي ناعومكين، خلال مأدبة جمعتنا –ثلاثتنا وآخرين– في العام 1986م!!
وذات يوم بعيد، دُعيتُ إلى وليمة غداء عامرة بالآكلين والمأكولين.. وفوجئت باثنين (أحدهما رئيس جمهورية، والآخر سياسي قيادي) يفترسان لوحدهما -لا ثالث لهما- كبشا بحجم فيل أبرهة الأشرم!!
< في كل أصقاع العالم، يجتاح الجراد البلاد فيأكل الأخضر واليابس.. وما إن ينتهك الحدود اليمنية، حتى يؤكل!!
وفي بعض بلاد آسيا يأكلون القرود والثعابين والسحالي!!
وفي بعض بلاد أوروبا يأكلون الحمير والضفادع والديدان!!
وفي بعض البلاد الأخرى يأكلون الكلاب والقطط والفئران!!
العرب لا يأكلون –كما أظن– هذه الحيوانات.. غير أنهم يأكلون ما هو أكثر مدعاة للإشمئزاز، بل وأكثر بعثا على القشعريرة... إنهم يأكلون الحمام والعصافير، وهي من أجمل وأنبل ما خلق الله من الطيور.. عدا أنهم يصطادون وينهشون صنفين من أروع وأودع الحيوانات على الإطلاق: الأرانب والغزلان!!
اليمنيون –ولله الحمد– لا يأكلون الأصناف سالفة الذكر..  غير أن الله ابتلى بعضهم بما هو أكثر بشاعة، بأن جعلهم يأكلون بعضهم بعضا.. ومن دون شوكة أو سكين!!
* رئيس تحرير صحيفة «الوحدة»