ملاحظات على حوار الشيخ عزان - محمد علي حسن

ملاحظات على حوار الشيخ عزان - محمد علي حسن

في إجابة الشيخ محمد يحيى عزان على سؤال وجه إليه في برنامج «لقاء اليوم» الذي بثته قناة «الجزيرة» القطرية عن سبب استمرار الحرب، قال الشيخ عزان إن السبب يعود إلى أن الوسطاء لم ينصحوا الحوثيين بتسليم أسلحتهم الثقيلة. ومعنى إجابته أن سبب استمرار الحرب هو رفض الحوثيين تسليم اسلحتهم الثقيلة وإصرار الدولة على نزعها منهم، فهل هذا هو السبب؟
قد يكون الآن هو السبب مع أنه لم يطرح (على الأقل كشرط من الحكومة) على الحوثيين إلا في الحرب الحالية. فالشيخ حسين الحوثي حورب لأنه رفض الاستجابة لدعوة الرئيس إياه للمثول أمامه في صنعاء (كما قيل آنذاك) كتبرير رسمي للحرب التي استمرت 87 يوماً قتل فيها حوالى ألف يمني من الجنوب والمتطوعين واصحاب الحوثي.
لقد قيل آنذاك إنه ادّعى الإمامة والنبوة والمهدية. كما قيل أنه شيعي إمامي، وأنه رفع أعلام حزب الله عوضاً عن العلم اليمني. وقيل أنه يسب الصحابة، ولم يقل أنه يملك اسلحة ثقيلة وقد ثبت أنه و من قاتل معه آنذاك لا يملكون من السلاح إلا البندقية الفردية والكلاشينكوف.
لقد طلب منه تسليم نفسه ولم يطلب منه تسليم سلاحه وعندما استسلم لم يكن مسلحاً ومع ذلك أُعدم بدم بارد وهو جريح، وبعد إعدامه فرض على والده الكهل الشيخ بدر الدين الحوثي الوصول إلى العاصمة والبقاء فيها مع أشهر من عدوا آنذاك القادة: عبدالله عيضة الرزامي وصالح الحمزي وعبدالكريم الحوثي (ابن أخ بدر الدين) وبسبب مقابلة صحفية نشرتها «الوسط» لبدر الدين الحوثي جاء فيها استمرار اعتقاد الشيخ الحوثي بمذهبه الزيدي حول الإمامة، أعلنت عليه وعلى قبيلة همدان أو جزء منها الحرب الثانية التي هدفت إلى القضاء على بدر الدين والرزامي، ولم تتوقف الحرب إلا بعد ان اعلنت الحكومة قتل بدر الدين الحوثي واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وكذلك عينت الحكومة محافظاً متحرراً من العقد التي كان المحافظ العمري يعيشها ضد الحوثيين نسباً ومذهباً، فمرت الانتخابات بسلام وأمن ولكن خميرة تجدد المواجهات ظلت باقية وتمثلت كما يعرف الشيخ محمد عزان اكثر من غيره، في التواجد العسكري المعزز بسيطرة السلفيين على مساجد معظم مديريات صعدة واستمرار حالات الاعتقال ومصادرة حريات وحقوق مواطني صعدة. ووصل الأمر كما جاء في رسالة الوساطة الأخيرة الموجهة للرئيس، حد ان يفرض على الناس ان يعيدوا صلاة الجمعة يوم السبت في مران، إضافة إلى المضايقات التي لم تسلم منها حتى العرائس عند مرورها بالنقاط.
الحرب لم تشتعل بسبب امتلاك «جماعة حركة الشعار» أو «المكبرين» كما يسميهم الشيخ عزان، للأسلحة، ولم تستمر بسبب عدم اقتناعهم بتسليم الاسلحة لأن امتلاكهم للسلاح في الأصل هو نتيجة للإضطهاد الذي تعرض له الزيدية في صعدة وأعني بالزيدية الناشطين فيهم، وفي المقابل منح الوهابية حرية الدعوة والتمدد على حساب الزيدية.
ويكفي ان يتذكر الشيخ عزان أن علماء صعدة فرض عليهم ان يدرسوا في المعهد العلمي اليتيم بصعدة منهج المعاهد العلمية المتأثرة بالوهابية، وكان نشاط الأمن الوطني منذ ما قبل الوحدة وتحديداً منذ ان انتصرت الثورة الاسلامية في إيران ، ملاحقة وقمع أي ناشط زيدي.
ويتذكر الشيخ عزان إخوانه الذين اعتقلوا وعذبوا في أقبية الأمن الوطني كما حُرم هو وأمثاله من حق العمل. وكانت التربية: إدارة ومدارس ومعلمين، حكراً على غير الزيدية إلا إذا كان الزيدي غير ناشط أو غير مهتم وملتزم.
وألا يتذكر الشيخ عزان محاولات الاغتيال التي تعرض لها العلامة بدر الدين الحوثي والمكافآت التي نالها المباشرون لمحاولات قتله؟!
فهل كان بدر الدين الحوثي مسلحاً بأسلحة تهدد الأمن والسلم؟ وهل كان بدر الدين مجرماً أو مطلوباً للعدالة عندما اضطر إلى مغادرة اليمن؟
لقد كنت من المعجبين بالشيخ محمد عزان ولا أزال أعتبره موسوعة معرفية نادرة ولكني صدمت عندما سمعته يبرر بدم بارد المجازر التي يتعرض لها إخوانه في ضحيان والطلح وبني معاذ وآل سالم ومران والجمعة وساقين، يبرر سفك دماء طاهرة زكية ويحمل الوساطة مسؤولية استمرار الحرب.
ليته حدّد أي وساطة! هل هي الوساطة الأولى التي استخدمت للغدر بمران وصمتت صمت الأموات على جريمة حرب وغدر وخيانة؟
أم الوساطة الثانية التي أوقفت الحرب الأولى وأدخلت بدر الدين الحوثي وعبدالله الرزامي مع عبدالكريم أمير الدين ومحسن صالح الحمزي إلى صنعاء وتنفيذاً لشرط السلطة إيقاف الحرب على نشور والنقعة في مقابل التوقف عن ملاحقة الزيدية واعتقالهم، وتنفيذ قرار العفو ومعالجة آثار الحرب.
بدر الدين, المكلوم الذي قتل من ابنائه أربعة ومثلهم وأكثر من أحفاده وأبناء إخوته، والعشرات من تلاميذه، وعلى رأسهم «حسين» الذي قتل صبراً بعد ان استسلم وهو جريح غير مسلح، وصل صنعاء وعاش عشرة أسابيع دون أي مورد، وعالة على من فتح له بيته، ولم يقابل فعله هذا بأي بادرة تدل على الشعور بالمسؤولية من قبل المسؤولين.