نافذة.. عن صناعة الحكومة وابتكار الوزراء!

نافذة.. عن صناعة الحكومة وابتكار الوزراء! - منصور هائل

يحق للحاكم ان يستمتع بنا كلما عنَّ له أن يقتطف أزهار نشوته من مشتل غيبوبتنا ومن استمرار انكشاف تورطنا في لعبة «الاستغماية» والتفكير اللاعقلاني الذي يسوغ له الالتزام بنهج اللامعقول وتدويخنا في الدوران حول المربع المسكوت عنه في السياسة، وهو ذلك المربع عندما يعلن الحاكم عن تكليف احدهم -مثلاً- بتشكيل وزارة جديدة وننجرف، بإملاء منطق العادة وقوة سلطتها، إلى تخمين اسماء الوزراء بضوء فانوس التوازنات الهشة، وعلى قياس ميزان الجهة والقرابة وشبكة العلاقات المتوارية عن الضوء، وعن السطح المرئي للمؤسسات الرسمية الظاهرية، المعلنة.
ويحق للحاكم أن يضحك علينا ومن انشغالنا بالتخريف والتجديف والتحويم حول مربع المسكوت عنه بانذهال يمنعنا من التقدم خطوة واحدة نحو استنطاقه وتظهره وإطلاقه إلى العراء لكي نتحرر من الانحباس في اسر الحسابات القاصرة، الباطنية، والمضمرة، ونخرج إلى منطقة الاسئلة:
كيف يتخذ القرار بتشكيل الحكومات في اليمن؟ وهل ينبغي البحث عن كيفية صناعة القرار في الاطار المؤسسي المعلن؟ أم يتوجب العبور إلى منطقة العتمة والحفر في الطبقة الاعمق حيث تقيم القوى الخفية الفاعلة والصانعة للقرار؟ وكيف يصل الفرد إلى كرسي الوزارة وينخرط في قوام نخبة الحكم/ الحاكم؟
هذه الاسئلة وما يتفرع عنها تستوجب المواجهة بدلاً من التكهن بصاحب الحظ من حضرموت، او بحصة اصحاب تعز، أو بنصيب عدن وأبين!
وإذا ما أفضى البحث إلى نقطة اكتشاف ان السلطة لا تبحث عن الجدوى في الأداء، والكفاءة، وأن مؤسسات القطاع العام لم تعد أكثر من اقطاعيات توهب من قبل الرئيس «الزعيم» كهدايا وعطايا، فسوف يكون من العبث الانهماك في ضبط معايير تكليف رئيس الوزراء وتنصيب الوزراء من زاوية الكفاءة ورأس المال المعرفي ورصيد الخبرة، لأن حظوظ الصعود، والهبوط ايضاً، مرتبطة بـ«الاستزلام» والقرب من صانع الحكومات والوزراء ومبتكر السياسات والمبادرات في الحوار أو في اعلان الطوارئ، والمالك المطلق لحقوق المنح والمنع، وصاحب القرارات المصيرية (التي قد تفاجئ رئيس الحكومة).
ولأن السلطة تتركز بصورة هائلة بيد الرئيس فإن مسألة الحد من الشخصانية عبر إرساء التشارك بين رئيس الدولة و الحكومة ستظل قضية مفصلية، ومن غير حسمها سوف يبقى الالتباس كثيفاً في امر حكومة اليوم والأمس، بما هي حكومة «لا تحمل صفة الحكومة البرلمانية ولا حكومة الاغلبية، انها حكومة الرئيس هو الذي يختارها، يعفيها، يكلفها، يعزلها».
وإذا ما اصاب رئيس الحكومة فإن الفضل يرجع للرئيس. أما إذا اخطأ فهو المحاسب والمعاقب.
ولما كان النظام السياسي المعلن هو نظام جمهوري تعددي فإن واقع تجسيمه واختزاله بالرئيس ينفي طابعه المعلن، وينسحب هذا الامر على الوحدة، اذا كانت مترادفة مع إحكام القبضة الواحدة، وما يعنيه ذلك من اسكات لأي صوت مخالف بذريعة «الخيانة» والخروج عن «المصالح العليا»: الحاكم.
وأخيراً ان الحالة تستوجب المزيد من الاسئلة والتناولات الموسعة الكاشفة لمنطقة المسكوت عنه وما فيها من عوائق تقف في طريق دولة المؤسسات.
mansoorhaelMail