الرياضة الجامعية.. حضور أكاديمي خاص.. وغياب رسمي!

الرياضة الجامعية.. حضور أكاديمي خاص.. وغياب رسمي! - طلال سفيان

تشكل الرياضة داخل الأسوار الجامعية، في العالم أجمع، حراكاً رياضياً عالي المستوى، ورافداً اساسياً تنهل منه كيانات الألعاب المتنوعة، ومتنفساً فسيحاً بنيوياً للهواة والمحترفين.
فيما تظهر الرياضة الاكاديمية الرسمية الوطنية بنشأتها العقيمة منذ البداية؛ إذ لا ترتكز على اساس تستند عليه اعمدتها الهشة التي تزحف بها انشطتها وبنيتها الرياضية نحو جزر سلبي أمام مد إيجابي لرياضة قرينتها الاهلية المولودة منذ عقد ونصف.

تحظى الأنشطة الرياضية الجامعية بشكلها المفعم والحيوي، في مختلف أقطار العالم، باهتمام شديد، وذلك على نحو الصورة التي تطبع بها الجامعات الأمريكية المؤلفة لأقوى واشهر البطولات الرياضية والمتمثلة بالبطولة الجامعية الامريكية لكرة السلة والتي تحتل الترتيب الثاني بعد رابطة دوري المحترفين الامريكيين للسلة المعروفة بال(NBA). كما تلعب الكثير من الجامعات في الدول المتقدمة دوراً أساسياً في صقل وتأهيل الكوادر الرياضية من خلال الحوافز التشجيعية كالمنح الدراسية لنجوم الالعاب التي تقدمها الجامعات، الصينية والاسترالية والامريكية والبريطانية، والتي تسجل في الاخيرة اقدم مسابقة رياضية تاريخية على المستوى الجامعي العالمي والمتمثلة بمنافسات الزوارق النهرية، منذ اكثر من قرن ونصف بين طلبة جامعتي هارفرد واكسفورد.
قوالب جامدة
لا تزال الانشطة الرياضية داخل مساحات الجامعات الوطنية الحكومية ضمن قالب جامد منذ نقطة البداية لعدة عوامل اثرت بها تقادماً بشكل سلبي، وذلك تحت معطيات عدم الاهتمام والتشجيع، إلى جانب الزحف التنموي الاكاديمي (البناء) على الكثير من المنشآت الرياضية الفقيرة والمهملة داخل اسوار الجامعات التي تحتوي داخلها الاجيال الشابة المتقدة نشاطاً في اطر اكاديمية عليا تفتقد الهوية الرياضية منذ نشأتها وحتى اليوم ونزلت «النداء» في ميدانها للتحقيق في هذا المجال الذي أخذ الانطباعات التي بدت متناقضة ومعبرة عن صدقية السخط والرغبة والتفاؤل.
كانت ركلة البداية مع الأخ محمد باشا، الطالب في المستوى الثاني بقسم الميكانيكا، كلية الهندسة، جامعة عدن، والذي ابدى سخطه من الأنشطة الرياضية في جامعة عدن والتي لا تمارس إلا بشكل شديد الندرة، والغير المستقرة والمركزة فقط في ألعاب كرة القدم والسلة والطائرة.
توافقه الرأي الأخت إيناس السقاف، الطالبة في السنة الرابعة، قسم صيدلة، كلية الطب، جامعة عدن، بقولها: «إن الانشطة الرياضية التي تزاول في الجامعات الحكومية، تلبس ثوباً قشيباً وخجولاً بالنسبة لزملائها الذكور وحالة غياب كلي بالنسبة للفتيات».
فيما يشير إياد دماج، (مستوى رابع آداب انجليزي -جامعة صنعاء) إلى أن النشاط الرياضي كان شبه معدوم خلال سنوات دراسته الجامعية وأرجع ذلك إلى عدم اهتمام إدارة الأنشطة في الجامعة وعلى الإطلاق برغبة ابنائها الطلاب في مزاولة الألعاب داخل إطار الجامعة. مؤكداً بالوقت ذاته أن حالة الغياب الكاملة للأنشطة الجامعية هي جزء من حالة الغياب الكاملة لوظيفة الجامعات تجاه طلابها الذين ينظمون بعض الفعاليات الرياضية فيما بينهم بمجهوداتهم الذاتية.
وهو ما يؤكده ايضاً زميله في نفس المستوى غالب القطامي، والذي تحدث بنبرة ملؤها الأسى، عن انحدار الأنشطة الرياضية الجامعية، مناشداً القائمين على هذا الصرح العلمي الاهتمام بالنشاط الرياضي وتغذيته لخلق جيل شاب جامعي رياضي.
وعلى نفس مسار رفقاء الدرب التعليمي يضيف أحمد المهذلي، الطالب في مستوى ثالث آداب انجليزي -جامعة صنعاء، أن هذا العام فقط حصلوا على فانيلات رياضية لمنتخب الكلية من قبل إدارة النشاط الرياضي بالجامعة، وهو ما يعكس إهمالاً متراكماً في الجامعة التي تشارك فيها أقسامها المختلفة بانشطة رياضية يتيمة دون أى اشراف فني، خلال الفصلين الدراسيين.
وعلى خلاف ذلك يرى عصام شائف، الطالب في نهائي علم اجتماع -كلية الآداب، جامعة صنعاء، أن اختياره في صفوف منتخب جامعة صنعاء لكرة القدم أتاح له شحنة معنوية من خلال مشاركته لزملائه في إحراز اللقب على المستوى الرياضي الاكاديمي الوطني لثلاث مرات، مؤكداً إنطباعه الجيد عن تفاعل إدارة الآنشطة الرياضية في الجامعة.
وهو ما يتفق معه تفاؤلياً الطالب علاء الدين الكندي - سنة أولى آداب انجليزي- جامعة صنعاء، والذي اعتبر أن مستوى النشاط الرياضي في جامعة صنعاء يرتقي نوعاً ما نحو الأفضل وذلك من خلال البطولات الرياضية المتنوعة.
نجومية خاصة
هكذا إذاً كانت آراء المنتمين لجيل رياضي شاب، في أروقة صرح علمي رفيع توجد ضمن كواليسها إدارة متواضعة اسمها إدارة الأنشطة الرياضية الجامعية، والتي التقينا فيها بنجم سلة «الزهرة» سابقاً الكابتن/ عبدالرحمن الرصين، رئيس قسم الملاعب في إدارة الآنشطة الطلابية بجامعة صنعاء، والذي أكد الاهتمام بالمجال الرياضي، داخل الجامعة، وذلك بإقامة اربع بطولات خلال الفصل الدراسي الأول لهذا العام في ألعاب كرة القدم والطائرة وتنس الطاولة والشطرنج والتي شهدت مشاركة 21 كلية إلى جانب إدراج مشاركة موظفي وحرس أمن الجامعة وفروعها في المحافظات الأخرى ضمن هذه الانشطة. مضيفاً أن النشاط الرياضي داخل الجامعة يحظى بدعم وتشجيع الكادر الاكاديمي الممثل برئيس الجامعة الدكتور خالد طميم والدكتور عبدالكريم السماوي، وذلك من خلال تدشينهما، هذا العام، العديد من المنشآت الرياضية المتعددة الأغراض داخل كليات اللغات والشريعة والهندسة والطب، تحت شعار: «الرياضة جزء مهم في حياة المجتمع».
وعلى الطرف الآخر يبرز مدى الاهتمام بالمجال الرياضي داخل أروقة فضاء الجامعات الأهلية (الخاصة) والذي يحدده الاهتمام بالبنية الرياضية التحتية ذات الانشطة المحدودة في مجال الألعاب الرياضية للجنسين في عالم الجامعات الأهلية الوطنية والتي تسجل فيها اكاديميات العلوم والتكنولوجيا والعلوم التطبيقية واليمنية أعلى درجات التفوق الجامعي الخاص في المجال الرياضي، والذي يقول عنه الأستاذ عبدالحكيم الصباحي -مدير عام وحدة الأنشطة الرياضية في جامعة العلوم والتكنولوجيا، أن للجامعة العديد من الأنشطة في الحقل الرياضي ضمن اطارها الداخلي الذي يشارك فيه 15 قسماً بألعاب كرة القدم والطائرة والشطرنج والبليارد المؤهلة إلى دوري الكليات للعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى قيام الجامعة بالعديد من الرحلات والمعسكرات الرياضية لطلابها.
وأوضح أن الجامعة تقوم بإصدار العديد من الصحف والنشرات والدوريات الرياضية التي تزخر بها الجامعة من خلال شعار «صالة رياضية داخل كل كلية». مضيفاً أن جهود جامعة العلوم والتكنولوجيا في حقل النشاط الرياضي يتعزز بمجال التعاون بين الاكاديميات الحكومية والأهلية والمتمثلة بتنظيم الجامعة للبطولة الجامعية الشاملة منذ ثلاثة أعوام. مؤكداً كذلك أن مجال التعاون الرياضي بين مختلف الجامعات ما زال طفيفاً ولا يرقى إلى المستوى المطلوب وهو ما تسعى العلوم والتكنولوجيا لتفاديه من خلال فتح قنوات للتواصل مع كافة المؤسسات الاكاديمية اليمنية.

مشهد احتفائي
عصر الخميس الماضي جمع الملعب الصلصالي الخاص بالمعهد التقني بصنعاء، لقاء رياضياً كروياً كان أبطاله نجوم أقسام كلية الآداب بجامعة صنعاء، وذلك في مشهد احتفائي أكثر من رائع لرسم سيناريو التكريم على الطريقة الرياضية المتسمة بروح المبادرة الشخصية لتوديع أحبابهم السائرين على درب التخرج النهائي من الآداب الانجليزية بالجامعة التي احتفت بذلك اللقاء الكروي الذي قاده شاب مفعم بالحيوية سليل أسرة عريقة في الحقل الأدبي المتمثل بدمج نوعي بين إبداع القلم ومهارة القدم التي يتمتع بها ذلك الرياضي الخريج إياد أحمد قاسم دماج.
talalsofyanMail