إن كل ما نشاهده على الشاشة الفضية عبارة عن قصف ودمار متبادل بين إسرائيل وإيران في المدن، والمنشآت الاقتصادية والطاقوية، وقتل مدنيين، واستهداف لمسؤولين إيرانيين..
حرب توسعية ومشاريع جديدة بين جانبي الصراع في المنطقة، ولأول مرة منذ إقامة بريطانيا، من لا يستحق ولا يملك، كيانًا استعماريًا جديدًا، في عام 1948م، لمن لا يستحق ولا يملك في أرض فلسطين العربية، أرض التعايش بين الأديان.
وفي هذه الأجواء المحمومة، يردد محللون في القنوات الإعلامية وبنبرة تشاؤمية، أنه آن الأوان أن يوقف الجانبان الحرب، ليعم السلام والأمن والأمان في المنطقة.
ومن الجدير بالذكر، أن بنيامين نتنياهو - رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي- ما انفك يصرح بأن صراع إسرائيل مع إيران صراع وجودي، وسيضرب إيران وذراعها حماس بقوة حتى تتحقق أهداف إسرائيل، ولن يسمح بأن يكون عند إيران سلاح نووي وصاروخي يهدد الأمن والسلام، وسيغير، على حد قوله، وجه الشرق الأوسط. وبكل عنجهية، يستخدم العصا ضاربًا عرض الحائط بالحلول الدبلوماسية.
يقابل ذلك ردود فعل إيرانية، بأن إسرائيل شرعت في عدوانها الغاشم على إيران، انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وستقف إيران بالمرصاد، فالقصف والدمار سيقابله أيضًا بالمثل وأعنف، فضلًا عن كسر الردع الإسرائيلي، وأية مواجهة أخرى يكون مصدرها الكيان الإسرائيلي، وعلى الباغي تدور الدوائر...
وفي نفس السياق، تتصاعد الأحداث بين الجانبين يومًا بعد يوم، ويلوح في الأفق بارقة أمل في الوساطة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بالإمكان إعطاء أفق دبلوماسي للتوسط الروسي، والتركي، والمصري، والسعودي والإماراتي؟
مع العلم أن الوساطة الروسية بين جانبي الصراع، ربما تكون الأفضل أميركيًا، حسب الأوساط الأميركية الرسمية، وحتى الآن لم تتبلور، وتحتاج إلى مزيد من الوقت.
حقًا، إن سلاح الدبلوماسية، هو السلاح المهم للحؤول دون توسع الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية، وفي نفس الوقت، تجنب التهديدات الإيرانية المتعلقة بإغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، وضرب القواعد العسكرية والبوارج الغربية، كرد فعل.
في واقع الأمر، إن أي تدخل غربي مباشر في الصراع إلى جانب إسرائيل، سوف يؤجج الوضع، ويكلف أميركا والدول الغربية فقدان مصالحها في المنطقة.
على صعيد آخر، يرى مراقبون أن الهجوم الإسرائيلي السافر ما كان ليحدث لولا الموافقة الأميركية والدعم اللوجيستي، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تعلن على لسان رئيسها دونالد ترامب، أنها تساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولم تتدخل مباشرة في الحرب، لكنها ستفعل وبكل قوة في حال الاعتداء على الأميركيين، والمصالح الأميركية في المنطقة.
وفي خضم المعارك، بين إسرائيل وإيران، يتوجه الأسطول الأميركي من المحيط الهادئ إلى المنطقة، لينضم إلى الأسطول الأميركي المتواجد في الشرق الأوسط. ونأمل ألا يخرج الوضع عن السيطرة، وألا تكون المنطقة كبش فداء لصراعات آخرين.
إن الدعوة إلى الحلول الدبلوماسية، والعودة إلى طاولة المفاوضات والحوار، هي الأجدى سبيلًا. وإن الدول العربية ستظل ترفع صوتها عاليًا في الأمم المتحدة، والمنابر الإقليمية والدولية، وتدعو إلى شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية، والعسكرة المنفلتة التي تعم المنطقة. وقد حان للدول العربية، التراص والاتحاد، لأن ما يجمعها من أهداف مشتركة، ومقدرات، وإمكانيات، وموقع استراتيجي متميز، يجعلها في صدارة دول العالم مكانة ورفعة.
وأخيرًا، أنهي كلماتي كما بدأتها، إن الوضع في المنطقة "سداح مداح" (بدون ضوابط)، إلى أن يثبت العكس.