لم يكن الخروف خروفًا.
كان قلبًا يمشي على أربعٍ،
يحمل في نبضه دهشة الكائن الأول، ذلك الذي وثق بالسماء فلم تمطر،
واقترب من اليد فلم تعرف كيف تكون حضنًا إلا حين قتلت.
يُقادُ مطأطئ الرأس، لا لأنّه خان،
بل لأنّه وثق.
كأن الثقة ذنبٌ لا يُغتفر،
وكأن البراءة تُكفَّر بالدم.
الخروف، لا يُذبح فقط،
إنه يُعرّى، يُسلب من اسمه، من ذاكرته، من علاقاته،
يُنسى أنه كان يومًا كائنًا يُحب، يُفرح، يُغنّي لنفسه حين يستلقي في ظلّ أمه.
السكاكين لا تلمع وحدها.
الخذلان أيضًا يلمع.
يبرق في عينيك كوميضِ فهمٍ متأخر،
حين تكتشف أن الحياةَ لم تكن أكثر من إعدادٍ هادئٍ لمذبحة ناعمة.
وما أشدّ الخيانة حين تأتي باسم الأمان.
حين يبتسم قاتلك، لا لأنه يكرهك، بل لأنه لا يعرف معنى ما يفعل.
اليد التي تفصل الرأس، لا ترتعش،
لأنها لم ترَ فيك روحًا، بل عادة.
وهكذا يُقتل الإنسان — لا حين يسيل دمه،
بل حين يُحوَّل إلى شيء، إلى وجبة، إلى رقم،
حين تنظر إليه العيون ولا ترى فيه سوى اللحم،
حين تُمحى فردانيّته، ويُعاد تدويره تحت اسم: "الضرورة"، "العادة"، "المقدّس".
فماذا يبقى من الخروف بعد الذبح؟
ليس اللحم.
بل السؤال الذي لا يموت:
متى تحوّل الحنان إلى سكين؟
متى أصبح الحب طريقًا إلى الفقد؟
ومن أوهمنا أن الأمان لا يذبح؟!!!!