في 6 نوفمبر 2022م، تم الإعلان عن "مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في اليمن"، وفي الـ7 من نفس الشهر والسنة، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، العمل بالمدونة الوظيفية، لتصحيح مسار أداء مؤسسات الدولة وكادرها الوظيفي، باعتبار أن ما كان من أداء جهاز الدولة الوظيفي، منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، وثورة 14 أكتوبر 1963م، إنما هو خطأ استراتيجي مطلوب تصحيح مساره، من خلال مدونة أيديولوجية/ مذهبية تعكس الذهنية الطائفية/ السلالية للجماعة في علاقتها بناس المجتمع، وتحديدًا بموظفي الدولة.
علمًا أنه، حسب رأي عبدالله البردوني، "لم يكن هناك أي روتين وظيفي، لا موروث ولا مستحدث، سوى شكليات تخضع للأوامر الإمامية، كقوة فوق القوانين"(١)، أي فوق الدولة، بعد أن أتت الإمامة في كل تاريخها السياسي السلطوي، على كل ما كان يتراكم من تجارب ومن خبرة ومعرفة، في الإدارة ونظم الحكم، والقوانين، ذلك أن تاريخ الصراعات والحروب، بين الأئمة أنفسهم على الإمامة، وبينهم وبين الدويلات المستقلة القبلية، وشبه الإقطاعية، كان هو القاعدة، والاستثناء هو الاستقرار والسلام.. وبالنتيجة لا وقت لديهم لبناء النظم الإدارية، والقانونية، ولا للعمران، ولذلك غابت الدولة، وتعملق الإمام في صورة حضور كثيف غطى فضاء جغرافية المكان كله.
ومايزال فعل حضور الأيديولوجية الإمامية -مع الأسف- قائمًا في السياسة والاجتماع والثقافة، في صورة ما يحصل على الأرض اليوم، تعبير عن "ثورة مضادة"، لثورة ٢٦ سبتمبر، وثورة ١٤ أكتوبر.
فبعد سيطرة الجماعة الحوثية، الاحتكارية المطلقة، على جميع مفاصل مؤسسات الدولة: السياسية، والمالية، والإدارية، والاقتصادية، وعلى مفاصل بنية المجتمع، وقمع الحريات، ومصادرة الصحف والصحافة حتى الأهلية منها، لم يتبقَّ أمامهم سوى احتكار الوظيفة العامة في جماعتهم الخاصة، أقصد "الهاشمية السياسية المعاصرة"، مع بقية قليلة من الوظائف "للزبائنية" الملحقة بهم سياسيًا ومصلحيًا.
والدليل أن التوظيف العام في جهاز الدولة متوقف منذ عشر سنوات، وهي سياسة ممنهجة ومقصودة، تترافق مع طرد أو الاستغناء عن العديد من موظفي الدولة من وظائفهم بحجج مختلفة، وانحصار التوظيف في جماعتهم من "المجاهدين أولاد المجاهدين"!
بعد أن حولت "مدونة السلوك الوظيفي" الوظيفة الإدارية المدنية إلى "أيديولوجية إيمانية/ هوية دينية/ طائفية"، وجميعها: "قانون الزكاة المعدل"، و"مدونة السلوك الوظيفي"، حتى آخر صرعة سياسية لهم في قرارهم التمييزي/ العنصري/ الطبقي في صرف الراتب بصوره تمييزية بين موظفي الدولة ضمن لعبة توزيع موظفي الدولة، ضمن ما سموه الفئات (أ، ب، ج)، اختراع حوثي ما أنزل الله به من كلام، ولا من سلطان، وليس له أية علاقة بمنطق بناء الدولة، ولا بالقوانين النافذة، وهو ليس فحسب عدوانًا على حق قانوني ودستوري، بل ممارسة صارخة للتمييز الاجتماعي والطبقي، بل والعرقي، بين موظفي الدولة بصورة مزاجية، استكمالًا لتغييب دور الدولة في واحدة من أهم وظائفها المركزية، وهو صرف الراتب، كحق قانوني ودستوري.
وهو إجراء لا علاقة له -كذلك- بقانون الخدمة المدنية، فقط مزاج وإرادة هذا الوزير أو ذاك، والسبب هو عقلية وضع الإمامة، والإمام بديلًا عن وجود الدولة المركزية.
حيث المركزية، والمركز هنا، هي للإمام، والإمامة، وليس للدولة المركزية المصادرة والمغيبة في جب الإمام في سياق العملية السياسية التاريخية.
وهو ما يفسر ويشرح، في واقع الممارسة، سياسة تغييب الدولة ودورها، ومصادرة الراتب، وقمع الحريات كتحصيل حاصل.
لقد تحولت الجبايات -كما سبقت الإشارة- إلى قانون ونظام حياة مع الجماعة الحوثية "أنصار الله"، علمًا أن من أهم وأجمل وأصدق نصائح "هيئة كبار علماء صنعاء"، قبل نحو تسعة وسبعين عامًا، للإمام يحيى بن محمد حميد الدين، للسير نحو الإصلاح السياسي والاجتماعي والوطني، ولتلافي التمردات والاضطرابات، إنما كانت كما وردت في نصيحتهم: تحسين أوضاع الموظفين على محدوديتهم، وإزالة أسباب الرشوة، والأهم جعل الزكاة أمانة.
لاحظوا: جعل الزكاة أمانة، كما عهدناها في غالبية تاريخنا الإسلامي، وإسقاط كل الجبايات غير الشرعية... إلخ. ولم يستمع الإمام يحيى بن حميد الدين -ومن قبله المتوكل على الله إسماعيل الذي حول الضريبة العشرية، اإلى "خراجية"، على أبناء مناطق الجنوب والمشرق، وهو صاحب أيديولوجية "التكفير بالتأويل"- لتلك النصائح، فكانت الحركة السياسية الانقلابية الدستورية، ١٩٤٨م، وبالنتيجة تتالي الانقلابات والاغتيالات والإعدامات، مثلما لا تستمع سلطة صنعاء اليوم لأية نصائح سديدة إصلاحية من رموز الفكر السياسي الوطني من "المكون الهاشمي الكريم"، ومن غيرهم، كما هو الحال مع نصيحة المستشار أحمد علي جحاف، التي افتتحنا بها مقالتنا هذه.
من يعود إلى اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة -التي سبقت الإشارة إليها- التي صدرت قبل خمس سنوات (2020م)، سيجد التفسير الأيديولوجي والسياسي والفقهي الطائفي/ السلالي، لما يجري اليوم، بعد فرض "الخُمُس" لأبناء الجماعة، وليس "مدونة السلوك الوظيفي" سوى محاولة بائسة لمذهبة وتطييف جهاز الدولة والوظيفة العامة، لصالح جماعة المشرفين، "الهاشمية السياسية المعاصرة"، وزبانيتهم. وجاء القرار الأخير لوزير المالية، أو للجماعة، ليستكمل تعميم حالة فرز سياسي واقتصادي وطبقي فاضح ضد عموم موظفي الدولة أو غالبيتهم العظمى، لصالح جماعة فئوية صغيرة من ناس المجتمع.
وهي سياسات أيديولوجية لا علاقة لها بالاقتصاد، بل أضرَّت بالاقتصاد وبأعمال البنوك والمصارف، وبالتجارة والصناعة، وأدت إلى هروب رؤوس الأموال للخارج، أو تجميدها في الداخل، والجزء الأساسي والأكبر من المال الفائض عن حاجة الجماعة الخاصة، يوجه لتمويل العمليات العسكرية، ولاقتصاد الحرب، والاستثمار في السياسة، والحرب، ضدًا على المصلحة الاجتماعية والمعيشية للناس الذين يموتون من شدة الجوع والفقر الصفري.
فبدلًا من تقديم معالجات سياسية، اجتماعية، اقتصادية، قانونية، ودستورية، بالاستمرار في صرف الراتب مع جميع الحقوق المالية لموظفي الدولة، مع العلاوات، والمرتبات المصادرة لعشر سنوات عجاف، وعموم التسويات، ومعالجة الاختلالات بين الأجور والأسعار بتحسين أوضاع موظفي الدولة، نجدهم مستمرين في الإصرار على إذلال وإهانة كرامة مئات الآلاف من موظفي الدولة.
إنه عقل اللادولة/ المليشيات من يتحكم بالقرار، صياغته وإصداره، ولذلك فإن كل ما يجري هو تجسيد وتعبير عن سيطرة وهيمنة عقلية اللادولة، " النظام الأمني المليشياوي الطائفي"، في صورة من الهيمنة شبه المطلقة لجماعة/ تمييزية/ عنصرية.
ولا أستبعد بسبب حالة وواقع مصادرة الحريات، وقمع الرأي المغاير/ المختلف، في مثل هكذا أوضاع، من أن توجه لي -وأمثالي كما هو حاصل- تهم الخروج على النظام، والدين، وصولًا للعمالة لقوى العدوان الخارجي، كشكل من أشكال الإرهاب الفكري والسياسي.
وهنا أجدني متفقًا -جزئيًا- مع رأي الأستاذ حسين الوادعي، من أن "الحوثية ليست حركة طائفية كما يظن الأغلبية، بل هي حركة عرقية/ عنصرية، وهي لا تهدف إلى نشر وعي طائفي أو مذهبي معين، بقدر ما تهدف إلى نشر الأفكار التي تدعم سيطرة السلالة على السلطة والثروة".
وفي الحقيقة والواقع، وحتى لا نعمم القول والحكم في صورة أحكام مطلقة، فنقع في المحذور/ الخطأ، ليست سيطرة السلالة على السلطة والثروة، كما ورد في خطاب الوادعي، بل سيطرة نخبة "الهاشمية السياسية المعاصرة".
هذا للتوضيح والتدقيق وفقًا لما أراه من قراءة لما يجري.
ذلك أن المذهب الزيدي في معظم قواه، وقواعده الاجتماعية والجماهيرية، لا يتفق مع السياسات القائمة.
إن المذهب الزيدي بمفهومه ومعناه الاجتماعي والوطني الواسع -مذهب زيد بن علي- يشمل جميع أبناء المذهب الزيدي، "عدنانية، وقحطانية"، وأغلبيتهم من غير طبقة، أو جماعة "الهاشمية السياسية المعاصرة"، إن لم يكونوا على النقيض منهم، سياسيًا، بمن فيهم أغلبية "المكون الهاشمي الكريم"، المعارض لأيديولوجية صفوة "الهاشمية السياسية"، ولذلك هم خارج معادلة الحكم القائمة.
وهنا من المهم التفريق وعدم الخلط بين "الهاشمية السياسية"، وبين المكون الهاشمي الكريم، فذلك الخلط فيما بينهما، يضعنا أمام قراءة لا واقعية ولا تاريخية، قراءة لا صلة لها بالعقل الموضوعي النقدي التاريخي، ولا بالعقل السياسي والوطني اليمني المعاصر.
فليس جميع أبناء المكون الهاشمي الكريم، هم من يقولون اليوم بالحق الإلهي، وبـ"الهاشمية السياسية"، والدليل ما يكتبه ليس العشرات، بل المئات من أبناء المكون الهاشمي الكريم، ضدًا على السياسات القائمة، ومنهم من يتعرض للقمع والسجن، ومن هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر، الكاتب والباحث الفدائي، د. إبراهيم الكبسي، والمستشار أحمد علي جحاف، والكاتب الوطني والتقدمي، شرف الويسي، والباحث القدير، الأستاذ حسن حمود الدولة، والأستاذ الباحث، الجليل زيد محمد يحيى الذاري، الذي رحل بجمال روحه وعقله المستنير، يوم الجمعة، الثاني من مايو، والباحث حسين الوادعي... إلخ، ومن يعود لتصفح الأسماء البارزة من قيادة "تنظيم الضباط الأحرار"، الذين صنعوا فجر يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، سيجد أن الكثيرين منهم كانوا من أبناء المكون الهاشمي الكريم، ومن أجمل وأنبل وأبرز قياداته المركزية في التنظيم، وفي "القاعدة التأسيسية"، وليس الشهيد البطل محمد مطهر زيد، وعلي قاسم المؤيد، وأحمد الكبسي، وعباس المضواحي، وهاشم الحوثي، وشرف محمد الشامي، والعديد من الأسماء الكبيرة في قيادة التنظيم، سوى نموذج واضح وصارخ لضرورة التفريق بين "المكون الاجتماعي والثقافي والوطني الهاشمي"، وبين جماعة "الهاشمية السياسية المعاصرة". كان لا بد من هذا الاستطراد، الضروري في هذا السياق لمن يحاول الاصطياد في المياه الطائفية والعنصرية المريضة.
إن ما يتجاوزه البعض أو يقفز عليه، وهو يتحدث أو يكتب عن حالتنا اليوم، هو أن الجماعة الحوثية "أنصار الله"، ومنذ 21 سبتمبر 2014م، قد تحولوا من خلال المشرفين، والجماعات "الجهادية"، الحربية، إلى دولة داخل دولة "هاشمية سياسية معاصرة"، دولة بديلة عن النظام الجمهوري، وعن الدولة في صيغتها الجمهورية الوطنية، لأنك حين تقول بـ"الولاية"، أنت سياسيًا وفعليًا تلغي وتنقض النظام الجمهوري، وتصادر فكرة المواطنة، وحق الناس في الانتخابات الديمقراطية، لا يعدو معه وبعده شعار "الشورى"، الذي يرفعونه سوى من لزوم ما لا يلزم من القول، بخاصة وأن الشورى لم تكن في يوم من الأيام ملزمة للخليفة/ أمير المؤمنين في كل تاريخ النظام السياسي الإسلامي ؛ أموي، وعباسي، وفاطمي، وعثماني، وصولًا للإمامة السياسية الزيدية الهادوية.
فما بالكم حين تقول إن الإمامة "أصل من أصول الدين"، ومن أنها وصية إلهية؛ بنص خفي أو معلن! ومن هنا تمتلك هذه الجماعة الطائفية/ السلالية ليس فحسب حق تغييب الدولة، ومصادرة الراتب، وقمع الحريات، بل حق مصادرة الحياة كلها، يغدو معها مصادرة الراتب تفصيلًا بسيطًا صغيرًا من تفاصيل الهيمنة المطلقة لـ"الهاشمية السياسية المعاصرة"، يصبح معها وبعدها تحويل 21 سبتمبر 2014م، إلى ثورة بديلة عن ثورتي 26 سبتمبر 1962م، و14 أكتوبر 1963م، مجرد تحصيل حاصل أمام هكذا عقل أيديولوجي/ سياسي مأزوم/ لاتاريخي، لا يرى في مرآة الواقع والفكر والتاريخ، بل حتى الدين، سوى صورة نفسه، وأيديولوجيته الخاصة، وهو وجه آخر من أوجه النرجسية السياسية الطائفية/ السلالية/ العنصرية.
إن العنصرية/ السلالية، في العصر الراهن، هي حالة من الفقر الوحشي "للمعنى الإنساني"، ناهيك عن العداء للمعنى الوطني، وكراهة لفكرة وقضية المواطنة.. هي اليوم تدخل في عداد التاريخ الظلامي الغابر، ما "قبل القروسطي".
وما ساعد، ويساعد فعليًا على انتشار واستمرار حضور دويلة "الهاشمية السياسية المعاصرة"، ليس قوة ومهارة الجماعة الحوثية، وإنما هو حالة ووضع ما تسمى "الشرعية"، المأزومة والبائسة، التي -مع الأسف- تقدم أسوأ وأبشع مثال سياسي ولا أخلاقي، لمعنى السلطة والدولة، في الفساد والنهب واللصوصية، وهو ما يعطي قوة دعم سياسي ومعنوي للطرف الآخر.
إن من أهم أسباب عجز وفشل الإمامة المتوكلية الحميدية (من ١٩٠٤ إلى ١٩٦٢م)، إلى جانب الأسباب العديدة التي ذكرتها المصادر التاريخية، وهي تتحدث عن أسباب ظهور وبروز المعارضة للإمامة، من داخلها ومن خارجها، هو أن الإمام يحيى، وابنه أحمد، لم "يدركوا استحالة الإمامة في هذا العصر، وأسطورة تأسيس الدولة، وأسطورة المظهر الشرعي للحكم (...)، ومن أن دعامتي النسب والشرع كافيتان لتأسيس حكم متماسك"(٢)، وهو -مع الأسف- ما تحاول إعادة إنتاجه، الجماعة الحوثية "أنصار الله"، اليوم، والعالم يقتحم فضاءات سماوات ملكوت القرن الحادي والعشرين، وستكون معه العاقبة وخيمة، وكارثية على الحاضر والمستقبل، إذا ما استمر هذا الإصرار العبثي والمجنون على حكم البلاد بهكذا منطق من التفكير ومن الحكم "أحكمك أو أقتلك".
فقد أعلنت ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م، وثورة ١٤ أكتوبر 1963م، الإنذار السياسي التاريخي، بنهاية قيادة عصر الإمامة، والأئمة، وبداية عصر الشعوب، وما يحصل اليوم من هذه الجماعة، هو معاندة عبثية لفكرة التقدم الاجتماعي التاريخي، وما يجب أن يكون واضحًا ومفهومًا، أن الانكسار أو الهزيمة هنا ستكون هزيمة للشعب، وللوطن كله، وعلى رأسهم الحالمون بإعادة ما كان قبل قرون.
ومن هنا قولنا، إن ما جرى في 21 سبتمبر 2014م، ليس انقلابًا سياسيًا أو عسكريًا، بل هو محاولة عبثية واعتباطية (معاندة لحركة التقدم التاريخي)، لفرض شكل ومحتوى جديدين للنظام السياسي، ولمعنى الجمهورية.
إعادة صياغة للتركيبة الاجتماعية للمجتمع، تعيدنا قرونًا للخلف؛ السيد، والتابع، السيد/ والرعوي، السيد/ والقبيلي/ و"العكفي" المجاهد، في سبيل استكمال السيد "علم الهدى"، لسلطته الإمامية التاريخية، "الهاشمية السياسية"، هذا والعالم يدخل -كما سبقت الإشارة- عتبات العقد الثالث من الألفية الثالثة، ويؤسس لإنسانية دولة المواطنة المفتوحة ولاقتصاد المعرفة، والذكاء الاصطناعي للعودة باليمنيين إلى حديث "غدير خم"، و"الولاية"، والحق الإلهي في فرض العبودية القهرية على الأغلبية العظمى من أبناء المجتمع، في شروط عصر مغاير، وكأننا نعود للقرن الثالث الهجري، كما أشار محقًا أمين الريحاني، في كتابه "ملوك العرب".
ومن هنا لا نستغرب أن تُغيبَ الدولة، وتصادر المرتبات وتقمع الحريات، ولا نجد من يقول يا سبحان الله، بل نرى ونسمع البعض -مع الأسف- يحسبنون ويحوقلون للضرورة السياسية والوطنية لاستمرار هكذا أوضاع، مسؤول عنها في التحليل الأخير جميع السلطات القائمة وقيادات الأحزاب المأزومة، التي استقالت عن دورها السياسي والوطني، والتاريخي، وهي ذات القيادات القائمة، في الشمال والجنوب.
إنهم -جميعًا، يا رفاقي وأصدقائي- يصعدون بنا إلى الهاوية، سلطتي صنعاء وعدن -بدرجات متفاوتة وصور مختلفة ولأسباب مختلفة- ومعهم قيادات الأحزاب المرتهنة للخارج.
فهل يعلمون ما يعملون بنا وبالبلاد؟!
سؤال مقدس وبريء لجماعات مدنسة وغير بريئة عن كل ما يجري في أرض الوطن.
الهوامش:
١- راشد محمد ثابت: "ثورة ١٤ أكتوبر اليمنية من الانطلاقة حتى الاستقلال"، ط٢٠٠٧م، مطابع التوجيه المعنوي/ صنعاء، ص٧٩، نقلًا عن عبدالله البردوني، من كتاب "قضايا يمنية".
٢- د. أبو بكر السقاف، الجمهورية بين السلطنة والقبيلة، ص٢٨.