فاطمة جبران - بطريقة ماذا تريد؟

فاطمة جبران - بطريقة ماذا تريد؟

سؤال مثل هذا يطلق عادة عندما لا يفهم المطلوب... لكن أن يسأل بغرض تعجيزى، هذا الذى يتبع دوما عند الإحساس بأن الأسئلة منطقية والاجابات محرجة والمطالب "مخيفة" باعتبار التغيير، عادة، مصحوباً بخوف غير مبررخاصة فى الحالة العربية، فقد سئل هذا السؤال يوماً ما، فى أحد تقارير اللجنة الوطنية للمرأة عندما كانت أمة العليم رئيسة اللجنة وكان الطرح كالآتى "كذا.. كذا.. والمهم أن تعرف ماذا تريد المرأة!!" ديمقراطية ال 16 سنة وسؤال ماذا تريد مازال يطرح... هذا السؤال نقيض للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتغيير والاصلاح... والطموح، لأن الذى يريد أن يتحرك لا يضع الاسئلة التعجيزية عندما يطرح فى زاوية ضيقة.
< على هذا النهج أوجه سؤال ماذا تريد؟ لمن فجر قنبلة الحجاب فى ملحق الأسرة في صحيفة الثورة بعد أن انتظرت عدد ضحاياها لكنها جاءت "فشنكـ"!! لماذا جاءت "شنكـ" لأن الكل خائف من الكل وما حد يجرؤأن يتطرق للمواضيع التى تنضوى تحت مظلة ماذا يريد/ تريد؟ فاللعب بأوراق النوايا لايمكن يوصل لنتيجة والأذكياء كثر.
< ياسادتى الكرام! منذ العام 1928م قال قاسم أمين: "إن الفصل بين الجنسين هو وسيلة لحماية الرجال لا لحماية النساء.. وبدأ بسؤال من يخاف ماذا؟" (قاسم أمين تحرير المرأة 1928 م) آثرت أن أناقش من هذا المدخل لفهم كلمة حجاب التى ارتبطت بالملبس رغم العلاقة اللغوية لمعنى الكلمة إلا أن القرآن لم يقصد بها لباس المرأة فقد وردت فى القرآن فى ثمان آيات فقط والمعنى يشير الى الفاصل أو الحاجز أو الستارة، هنا تتجه القراءة فورا الى الفضاء محل النقاش فمن يناقش فى سويسرا غير من يناقش فى صنعاء؟
< هنا الحجب مضروبة على الفلل وعلى السيارات، جاءت فترة كانت معظم السيارات محجبة بزجاج عاكس لولا تنبه إدارت المرور لذلك، اما الفلل فتبنى بأسوار عالية كالسجون ولا يكتفى بذلك، بل تخضع لعملية امتداد قد تصل لطول عمارة فكل فرد يضرب عليه حجاب من الآخر، فالسؤال هو، هل لأن البناء خارج إطار التخطيط الحضرى، أم المسالة أمنية أم سيطرة هاجس زرقاء اليمامة هو السبب، والانكأ من ذلك وضع المركبات العامة، ضمنيا لا يجوز أن تركب المرأة مركبة عامة دون أن تتسلح بحاجز بينها وبين من متوقع أن يكون بجانبها: "ذكراً تحديداً" فى هذا الوضع لايمكن الحديث عن الحجاب بفهم الملابس إطلاقا.
< قبل قرن ونيف من الزمان نقشت ذات القضايا، التى نحن بصددها الآن؛ فقد رأى قاسم أمين بأن مفتاح الخلاص للمجتمع الاسلامى كامن فى التغلب على الجهل ونشر المعرفة والتنوير ولم يختلف تعاملة -رغم علمانيته- فى هذا المضمار كثيرا عن تعامل محمد عبده الإصلاحى النزعة، فكلاهما آمن بأن المسائل الاجتماعية يمكنها أن تحل، وأن النزاعات يمكنها أن تسوى اذا ما سلطت عليها الحقيقة، سواء فى المعنى الدينى أو العلمى، هل ياترى اذا كان أمين موجوداً بيننا الآن، أكان سيربط بين النقاب والجهل؟ - هو كان يعنى الجهل الابجدى حينها- كيف سيجيب على من تعلمت تعليماً غربياً وأجادت كل صنوف المعارف و"اختارت" ارتداء النقاب؟؟؟على اى حال "أمين" كان زمنه محجباً! وسويسرا زمنها مسطح. هل الزى/ الملبس هو الذى يحدد الهوية أم الهوية هي التى تحدده؟ سؤال فلسفى يستطيع الإجابة عليه كل من خبر أمر الثقافات، لأن فى جزء منه -أى الزى- تقاس الثقافة باعتباره محدداً من محدداتها... أتصورذلك!!