طلاب آداب عدن.. بين تلافيف التشرد وخطر الانهيار

طلاب آداب عدن.. بين تلافيف التشرد وخطر الانهيار

- فواز الشرعبي
إنها إحدى كليات جامعة عدن (!!). هي على شفا انهيار وشيك، تقودها إليه صروف الدهر، مسترشدة بتضاريس التسيب والفساد الذي ظهر «في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس».
ليس المبنى مناسباً -بحسب د. ابو بكر بارحيم، مدير مركز الاستشارات الهندسية بالجامعة- لأن يكون مبنى جامعياً، ولا هو أقيم لكي يكون كذلك أصلاً. هو كان «مدرسة» (معهد باذيب للعلوم الاشتراكية).
أما أن يصبح المبنى كلية آداب، وإحدى كليات جامعة عدن، فذلك ما يفضي وبلا ريب، إلى وضع 1000 طالب وطالبة تحت سقف وشيك السقوط والانهيار.
أولى بوادر الانهيار كانت قد بدأت في أعوام سابقة. لكن أولى بوادر التحرك لدرء الخطر لم تظهر حتى اللحظة.
التشققات تتخلل سقف وجدران المبنى: اقسامه، قاعاته، وممراته.. تزحف كالأفاعي، تتسع، يتوالى تساقط القطع الاسمنتية... وعلى وجه الإجمال فإن المبنى «يريد أن ينقض»!!
ما زال من بقية الشباب شيء في عظم الجزء الشمالي من المبنى، لكنه الجزء المخصص لمكاتب الأقسام. وماذا في ذلك؟! فليكن!! وانحشر في كل مكتب بعض من طلبة المحاضرة الواحدة. ليتم إعطاء المكاتب للمحاضرات بالتداول، ويمتد الجدول الزمني حتى الثامنة مساءً، ولبعض الطلاب فقط، أما من لم تسعهم المكاتب، فلا مكان لهم إلا بين تلافيف التشرد.
لم تكن المكاتب كافية.. فاحتضنت ساحة «الكلية/ المدرسة» جزءاً آخر من المحاضرات...
وضع لا يحسد عليه
* ماجد الداعري (طالب)، وصف الوضع بـ«مؤلم، لا يحسد عليه» وبأنه وضع «اكلينيكي» (سريري). وأشار إلى غياب المجلس الذي يمثل الطلاب (إتحاد الطلاب)؛ إذ لم تجر انتخابات منذ انتخاب الاتحاد السابق الذي مر على تخرج بعض اعضائه عامان.
واختتم بالقول: «كفى إهداراً للوقت وللمال، وكفانا (الطلاب) التشرد وضياع الجهد على دراسة معطلة وانهيار وشيك اصبح يهدد ارواحنا وأعمارنا».
* طالب آخر (فضل عدم ذكر اسمه) تعرض لما أسماه بـ«التسويقات والكلام الاستهلاكي عن خطط خمسية واستراتيجيات لا نجد لها أثراً على أرض الواقع..».
ويتساءل: «أيعقل أن يتم طلاء المباني تحت ما يسمى ترميم؟!».
ثم يضيف: «الشيء الوحيد الذي تغير بالفعل في هذه الكلية هو: البوابة».
لا حياة لمن تنادي
* «ن. أ. د» (طالبة) تقول: «تم وضع جدول دراسي لا يتفق مع ظروف الطالبات، فنحن في بعض الأيام نلجأ للدراسة في أوقات خلو قاعة غير مهددة، غير وشيكة السقوط، وفي حوالى الساعة الثامنة مساءً»، مضيفة أنها ستتوقف عن الدراسة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مبررة ذلك بعدم سماح الوضع الاجتماعي بالبقاء خارج المنزل حتى أوقات متأخرة.
وقالت: «شكونا كثيراً لعمادة الكلية ولشؤون الطلاب، ولكن لا حياة لمن تنادي».
* (م. ر) (طالب) أوضح أن تواصلاً تم مع رئيس اتحاد الطلاب -قبل شهر- ليقوم بعد ذلك بالتواصل مع الجهات المعنية في الجامعة لوضع حل للمشكلة. وبالفعل تم إيجاد قاعة آمنة هي المخصصة للدراسات العليا، وكذا مكاتب الأقسام، وكذا بعض الأماكن المفتوحة خارج مبنى الكلية. و مع ذلك فالمسألة بحاجة إلى حل جذري، بحسب (م.ر) الذي شدد على ذلك نظراً للكثافة الطلابية التي تحرم -مع هذا الوضع- الكثير من الطلاب من التحصيل العلمي المناسب والمطلوب.
ترميم المكاتب وإهمال القاعات
* مدير مركز الاستشارات الهندسية بالجامعة، د. ابو بكر بارحيم، أوضح أن المبنى لم يكن مخططاً له هندسياً لأن يكون كلية بل مدرسة.
مشيراً إلى أن مبالغ كبيرة تم صرفها قبل فترة قصيرة لغرض الترميم. وتم ترميم الجزء الشمالي من المبنى، وهو الجزء المخصص لمكاتب الأقسام. أما الجهة الجنوبية فلا تنفع معها أي عملية ترميم، وإنما تحتاج إلى هدم وإعادة بناء من الأساس. والجامعة بصدد الإعداد لبناء ست قاعات وسيبدأ العمل قريباً.
إهمال وتباطؤ
* من جهته أكد نائب العميد لشؤون الطلاب، محسن بافضل، أن تفاقم المشكلة ليس مفاجئاً، فمنذ اربع أو خمس سنوات لاحظ الجميع تشققات وتصدعات في الأعمدة الخرسانية لممرات الكلية، وتم تدعيمها بمواصير حديدية ما تزال حتى الآن.
وأضاف: «أبلغنا رئاسة الجامعة بالمشكلة، لكن يبدو أن التباطؤ جعلها عاجزة عن زيارة المبنى والتداول السريع للمشكلة».
ختاماً
* هنا يحق لنا أن نتساءل: أين تذهب الرسوم والنفقات التي يتكبدها الطلاب للتعليم «المجاني» وللتعليم الموازي؟! أين تذهب إيرادات الجامعة، بعد أن تحولت الجامعات، ككثير من المرافق غيرها، إلى مؤسسات إيرادية؟
ألا ينبغي أن يتم -على الأقل- الاهتمام بهذه المرافق من إيراداتها غير المعقولة أصلاً؟!
أخيراً وليس آخراً، هل لذلك كله من مبرر؟!