مخاوف من تمرير مشروع قانون يفرض وصاية وزارة التخطيط على المنظمات الأجنبية ويحد من أنشطتها

مخاوف من تمرير مشروع قانون يفرض وصاية وزارة التخطيط على المنظمات الأجنبية ويحد من أنشطتها

اشترط اتفاق تعاون مبدئي، وعقداً إضافياً وشريكاً حكومياً لبرامج الديمقراطية والانتخابات وحقوق الإنسان والثقافة والإغاثة، وأنشطة سنوية بقيمة 250 ألف دولار، ورقابة على التقارير الإعلامية، وأخذ موافقة مسبقة للمنح، وعدم إجراء مسح ميداني أو إحصاءات دون إذن
"النداء" - سامي نعمان
يثير مشروع قانون مقترح من وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتنظيم عمل المنظمات العربية والأجنبية غير الحكومية، قلقاً واسعاً لدى كثير من المنظمات الدولية والمحلية، وحكومات بعض الدول الغربية والمؤسسات الدولية المانحة والمهتمة بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، والإغاثة، بما يفرضه من قيود تحد من أنشطتها، وتمس استقلاليتها بشكل مباشر
وقدم نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي عبدالكريم إسماعيل الأرحبي، مسودة مشروع القانون رقم 31 لسنة 2010 والخاص بتنظيم عمل المنظمات العربية والأجنبية غير الحكومية العاملة في اليمن. ويتضمن المشروع مواد تحد بشكل كبير من عمليات وأنشطة تلك المنظمات، بما يطلق من صلاحيات غير محددة لوزارة التخطيط في التأثير على أنشطة تلك المنظمات ومشاريعها وأهدافها.
واطلعت "النداء" على تحليل خاص لمقترح القانون، أجراه المركز الدولي للقانون غير النفعي، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أبدى تخوفه من تحجيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في اليمن بفعل هذا القانون، حال تم تمريره.
والمركز هو منظمة دولية تقدم مساعدة تقنية وبحوثاً وتعليماً لدعم تطوير القوانين الملائمة، والأنظمة الخاصة بمنظمات المجتمع المدني، في مختلف دول العالم، وقدم مساعدة في مشاريع إصلاح قوانين في أكثر من 100 دولة، بينها اليمن.
يشير المركز، في تحليله بتاريخ 5 أكتوبر الجاري، إلى أن مواد مشروع القانون المقترح تتعارض مع التشريعات المحلية، ومنها قانون الجمعيات والمؤسسات لعام 2001، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وغيرها من المواثيق التي صادقت عليها اليمن.
وبمقتضى مشروع القانون المقترح، يُحظر على المنظمات الأجنبية القيام بأية أنشطة في اليمن ما لم توقع "اتفاق تعاون" مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ويمنح المشروع الوزارة صلاحية مطلقة لرفض التوقيع على الاتفاق، بما قد يهدد استمرار عمل المنظمات الأجنبية، وهو الشرط الذي قد يكون له تأثير غير مناسب على الجماعات الناشطة في مجالات حقوق الإنسان.
وفقاً لتلك المسودة، فإن وزارة التخطيط لن توقع اتفاقية تعاون وستحظر نشاط أية منظمة أجنبية تنفذ أنشطة سنوية بأقل من 250 ألف دولار، باعتبارها غير مؤهلة، وبذلك فإن المشاريع الصغيرة مهما كانت مجدية، وبعثات المساعدة التقنية والفنية، وبعثات المساعدة التقنية، وحتى الزيارات البسيطة لجمع المعلومات بواسطة المنظمات الأجنبية، لن تكون متاحة، استناداً إلى مواد مشروع القانون.
وسيتعين على المنظمات العاملة في مجالات الديمقراطية والانتخابات، وحقوق الإنسان والثقافة، والعلوم، وتقديم المساعدات وقت الكوارث أو أية أنشطة أخرى، أن تبرم اتفاقية خاصة إضافية، وأن تكون مرتبطة بجهة حكومية لتنفيذ أنشطة ومهام في اليمن.
وهذا القرار لا يتضمن المعايير أو الإجراءات المتبعة لمنح هذه "الاتفاقات الخاصة"، ويبدو أنه يمنح مختلف الوكالات الحكومية صلاحيات غير محدودة لتقويض أنشطة الجماعات المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وغيرها من الفئات المتأثرة.
ويتجاوز مشروع القانون القيود المحجمة لنشاط المنظمات إلى إضفاء المزيد من الرقابة على حرية التعبير، إذ تطالب المنظمات الأجنبية بالحصول على موافقة الوزارة، قبل نشر أو إصدار مواد إعلامية أو تقارير متعلقة بأنشطتها، وهذا الشرط من شأنه أن يضيق الخناق على المنظمات التي تراقب وتتناول انتهاكات حقوق الإنسان والتستر على المعلومات التي يتكتم عليها المسؤولون الحكوميون.
ويحظر المشروع ممارسة المنظمات الأجنبية لأية أنشطة ذات طابع ديني أو سياسي، دون أن يوضح ويحدد طبيعة هذه الأنشطة، تاركاً الباب مشرعاً أمام إمكانية الحد من الأنشطة السياسية والخيرية للمنظمات الدينية.
ويشترط مشروع القانون على المنظمات الأجنبية التي تنفذ برامج في اليمن بتمويل خارجي، كالمنح المقدمة من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، أن تحصل على موافقة الوزارة قبل الدخول في اتفاقات مع جهات داخل اليمن، وتركت صلاحية الوزارة مشرعة على قبول أو رفض أي عقود أو اتفاقات، فاتحة المجال أمام تدخل كبير في حقوق الأفراد المحليين والأجانب في التعاون مع بعضهم.
وإضافة لذلك، فلن يكون بمقدور أية منظمة أجنبية أن تنفذ أي مسح ميداني أو إحصاء دون تنسيق مسبق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وهذا الشرط يتيح للحكومة التدخل في مهام المنظمات الحقوقية والمنظمات الأخرى في العمل على جمع بيانات واقعية لتقديم تقارير مستقلة، أو تنفيذ مهام الرصد ومراقبة الانتهاكات.
وسيتم منع المنظمات غير الحكومية الأجنبية من "تنفيذ أي مسح ميداني أو إحصاءات" ما لم تكن منسقة مع الوزارة. وهذا التقييد تسمح بتدخل الحكومة في قدرة منظمات حقوق الإنسان وغيرها لجمع البيانات لإعداد تقارير مستقلة أو الرصد.
وتحذر المنظمات اليمنية غير الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان من أن القانون المقترح من نائب رئيس مجلس الوزراء (مشروع القانون رقم 31 لعام 2010) لتنظيم عمل المنظمات العربية غير الحكومية والأجنبية العاملة في الجمهورية اليمنية، والذي من الممكن أن يتم مصادقته وتنفيذه دون العودة إلى مجلس النواب، قد يتم إقراره مطلع الشهر القادم.
وعبر المركز عن تقديره لإتاحة الفرصة له للتعليق على مشروع القانون رقم 31 لسنة 2010 والمقترح من قبل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، مبديا سعادته بتوفير مرجعيات إضافية ومساعدة تقنية بما يسهم في مساعدة قادة المنظمات اليمنية والأجنبية والحكومة اليمنية.
والمركز هو منظمة دولية تقدم مساعدة تقنية وبحوثاً وتعليماً لدعم تطوير القوانين الملائمة، والأنظمة الخاصة بمنظمات المجتمع المدني، في مختلف دول العالم، وقدم مساعدة في مشاريع إصلاح قوانين في أكثر من 100 دولة، بينها اليمن والبحرين والعراق وأفغانستان وفلسطين. وعمل المركز بشكل كبير مع وزارة الخارجية الأمريكية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، ومعهد المجتمع المفتوح، والمؤسسات الخاصة، وعشرات الأفراد في داخل البلدان.