الحراك الجنوبي يتحدث عن مخطط أمني لضرب مناطق انتشاره بذريعة «القاعدة»

الحراك الجنوبي يتحدث عن مخطط أمني لضرب مناطق انتشاره بذريعة «القاعدة»

* السلطة تتراجع عن اتهام ناصر النوبة بالتورط في عملية «يشبم»
* أحمد عاطف يستغرب بيان الداخلية ويؤكد أنه يقيم في رداع منذ 4 سنوات
التطورات الأمنية التي حدثت نهاية الأسبوع الماضي في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة، عززت الشكوك حول الأهداف الحقيقية للحملة الأمنية على «تنظيم القاعدة» في بعض المديريات بمحافظات جنوبية وشرقية.
بعد يوم من استهداف موكب لمسؤولين أمنيين ومحليين في بلدة يشبم بمديرية الصعيد بعد ظهر الأربعاء الماضي، وجهت وزارة الداخلية الاتهام للعميد ناصر النوبة أحد أبرز قيادات الحراك الجنوبي، لكنها تراجعت أمس الأحد عن هذا الاتهام الذي أثار استنكار قوى الحراك واستغراب الرأي العام المحلي.
وقع الكمين في منطقة «المحضرة» التي تبعد حوالي كم واحد من منزل اللواء سالم علي قطن نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوى البشرية، والذي كان استضاف في منزله ظهر الأربعاء محافظ شبوة علي حسن الأحمدي، ومدير أمن محافظة شبوة أحمد علي المقدشي، والعميد محمد الجماعي قائد اللواء 21 ميكا، وقيادات محلية وأمنية وعسكرية أخرى، وبعد دقائق من مغادرة الضيوف المنزل، وفي منطقة المحضرة، بادر مسلحون مجهولون بإطلاق النيران على الموكب مستخدمين قذائف آر. بي. جي ما أدى إلى سقوط قتيل وإصابة 4 آخرين بجروح بينهم مدير أمن مديرية الصعيد. وتمكن الجناة من الفرار بينما سادت الفوض والشلل المشاركين في الموكب ومرافقيهم الذين لم يسارعوا إلى إسعاف الجرحى ما أدى إلى وفاة أحدهم لاحقاً.
وتقول مصادر محلية أن «يشبم» تعيش وضعاً اعتيادياً بعد الحادث، ولم يلحظ انتشار قوة عسكرية فيها، لكن شهود عيان أكدوا لـ«النداء» وجود انتشار لقوات عسكرية ودبابات ومضادات طيران على الطريق العام المؤدي إلى عاصمة المحافظة عتق، وفي منطقة «الضلعة»، فضلاً على 12 طقماً عسكرياً تم نشرها تحت جسر السلام بمنطقة «النقبة» وهي المنفذ الوحيد إلى وادي يشبم من جهة النقبة.
وتراجعت وزارة الداخلية أمس عن توجيه الاتهام إلى العميد ناصر النوبة الذي يقيم في يشبم، وقال موقع وزارة الدفاع إن المشتبه بهم في تدبير الكمين هم عشرات بعضهم من اعضاء القاعدة وآخرون من المحسوبين على الحراك الجنوبي.
 وفي رد فعل من قوى الحراك على اتهام النوبة، قال بيان صادر عن المجلس الوطني الأعلى لتحرير الجنوب (وهو أحد مكونات الحراك، أسسه حسن باعوم قبل عامين) إن ادعاءات السلطة تستهدف إلصاق تهمة الإرهاب بالحركة الشعبية السلمية في الجنوب، وشدد على أن هذه الأساليب صارت مفضوحة للعالم أجمع الذي يعلم أن نضال الشعب، الجنوبي هو نضال سلمي وحضاري.
إلى ذلك، أعرب أحمد محمد علي عاطف الذي اتهمته السلطات مساء الخميس بالتورط في تدبير الكمين باعتباره قيادياً في القاعدة، عن استغرابه بيان الداخلية، وقال لـ«النداء»: «لم أعلم بهذا الاتهام إلا من خلال اتصالكم بي، وهذا أمر مثير للاستغراب والدهشة».
وأوضح قائلاً: «أنا أقيم في مدينة رداع بمحافظة البيضاء منذ 4 سنوات، وتعيش أسرتي معي هنا، ولم أزر يشبم إلا في مناسبات أسرية أو في الأعياد».
وتابع: «إذا أرادت وزارة الداخلية التأكد من هذه المعلومات فيمكنها الاتصال بإدارة الأمن السياسي أو إدارة الأمن العام في مدينة رداع حيث يقع مقر عملي بالقرب منهم».
ويقيم عاطف في رداع بعد اطلاق سراحه قبل 5 سنوات بضمانة تجارية، وهو يعمل في مكتبة خاصة برداع حسبما ذكر لـ«النداء». وكان أدين قضائياً بتهمة المشاركة في جريمة خطف 16 سائحاً أجنبياً في أبين عام 1997. وسقط 4 سواح قتلى أثناء محاولة قوات الأمن والجيش تحرير الرهائن. وقُدِّم عاطف إلى المحاكمة في صنعاء رفقة أبو الحسن المحضار قائد جماعة جيش عدن- أبين الاسلامي، وآخرين. وحكم على المحضار بالإعدام، وعلى عاطف بالسجن 20 عاماً على الرغم من أن المحكمة -حسبما أفاد- استمعت إلى إفادات شهود أكدوا عدم مشاركته في عملية الخطف، وأن وجوده في منطقة العملية كان بسبب محاولته إقناع شقيقه الأصغر بالتخلي عن الجماعة المتورطة في اختطاف السواح.
ولم تتمكن السلطات من إلحاق خسائر نوعية بشبكة تنظيم القاعدة خلال الأشهر الماضية، وغالباً ما يدفع المدنيون ثمن الإخفاق الأمني والعملياتي كما حدث في منطقة المعجلة في أبين في ديسمبر الماضي، إذ أدت ضربة جوية يُعتقد أن طائرات اميركية نفذتها، إلى مصرع 45 شخصاً أغلبهم من النساء والأطفال من أهالي قبيلة باكازم في العوالق السفلى، وفي سبتمبر الماضي نفذت السلطات اليمنية حملة على مدينة لودر في أبين أدت إلى نزوح مدنيين ومقتل بعضهم، من دون أن تتمكن من القبض على أي ممن تصفهم بالمطلوبين من اعضاء «القاعدة».
وقبل أسبوعين حاصرت قوات أمنية وعسكرية مدينة الحوطة في شبوة واشتبكت مع مسلحين متمركزين داخل المدينة من دون أن تتمكن من القبض عليهم. وقد أدى القتال إلى نزوح الآلاف من السكان إلى مديريات مجاورة، وسقوط قتلى من المدنيين أحدهم اسمه عبدالواحد علي منصور50 عاماً، كان على متن سيارة نقل (دينا) هو وأسرته وعدد من معارفه، في محاولة منه لمغادرة المدينة المحاصرة. وقد رفع راية بيضاء على السيارة لكي لا تستهدفه وحدات الأمن والجيش، إلا أن رصاصة اخترقت قدمه، ونظراً للتأخر في إسعافه فقد أدى النزيف إلى وفاته لاحقاً في المستشفى العسكري بصنعاء.
 مصادر في الحراك الجنوبي لفتت إلى وجود مخطط أمني لضرب المناطق التي يتواجد فيها الحراك بقوة، مشيرة إلى أن مدينتي لودر والحوطة هما من المناطق التي يتمتع فيها الحراك بزخم كبير.
وعمدت السلطات منذ عام ونصف إلى محاولة ربط نشاط الجماعات الإرهابية بالحراك الجنوبي السلمي، وغالباً ما تصف وسائل الاعلام الرسمية الحراك بـ«الحراك القاعدي»، لكن هذه المحاولة لم تقنع الرأي العام المحلي والخارجي.
ومعلوم أن حكومات عديدة في أفريقيا وآسيا استفادت من تحالفها مع واشنطن في الحرب على الإرهاب من أجل ضرب حركات معارضة وجماعات محلية لها مطالب حقوقية ووطنية.
وتعتقد مكونات رئيسية في الحراك -حسبما قالت لـ«النداء» مصادر قيادية فيها- أن دوائر أمنية في السلطة تحاول ضرب الحراك بالقوة عبر تصوير بعض المحافظات مثل لحج والضالع على أنها مناطق تعبث فيها عناصر تخريبية مسلحة، وتصوير محافظات جنوبية أخرى مثل أبين وشبوة باعتبارها مرتع لعناصر تنظيم القاعدة.
مصادر الحراك تضيف بأن الهدف من هذا التقسيم للمحافظات الجنوبية والشرقية هو التأثير المعنوي على مؤيدي الحراك السلمي، ونشر المزيد من القوات العسكرية والأمنية في هذه المحافظات، وتكريس النهج القمعي ضد ناشطي الحراك.