عودة "النوارس" المهاجرة

عودة "النوارس" المهاجرة

*حسين زيد بن يحيى
> الإهداء: للأحبة الخبجي والنوبة والشنفرة وشلال علي شائع.
الوطن كل واحد لا يتجزأ، وأرضه متساوية في القيمة المادية، معنويا يبرز التفاوت في خصوصية المكان من شخص لآخر. العبد لله -مثلا- يحب ويعشق كل الجنوب، لكن تظل "عدن" أم المدائن الجنوبية، لها مكانة خاصة بالقلب، تليها مكانة في الوعي والضمير "تريم" المقدسة، ولا تقل عنها مكانة مسقط الرأس "عصلة" زنجبار أبين الأروع بنظر الفقير لله والمحتاج لعفوه.
كجنوبيين نجمع على رمزية "عدن" وتربعها تاجا فوق الرؤوس، ولها نثور ونغضب ونسترخص الأرواح. فحتى تكون حرة عزيزة قدم شعبنا قوافل الشهداء ليتحقق الاستقلال الأول ويرفع علم الجنوب عاليا على القصر المدور التواهي -عدن. أيضا، رفضا لاستباحتها وإذلالها بحرب صيف 94 الظالمة التي أرادت تحويلها إلى قرية يتم بعد ذلك ضمها وإلحاقها بوحدة عودة الفرع إلى الأصل، انطلق الحراك الجنوبي دفاعا عن الهوية.
ولأنها كذلك وكل الأنظار مشدودة إليها لوحظ هجرة "النوارس" الحراكية عنها.. مما يطرح تساؤلات عده؟! دفاعا عن عدن، ليست وحدها من يخسر كما قد يذهب ظن البعض، لكنه أسف على رموز كانوا بحجم الجنوب، ارتضوا بهجرتهم أن يكونوا مجرد أمراء مناطق وزعماء قرويين. لا شك أن ذلك انعكس سلبا على مستوى قوة الحراك في الشارع العدني، واستمراره ينذر باحتمالية تحول في نظرة المجتمع الدولي وتراجع مواقفه من خلال التعامل مع ما يحدث في الجنوب كتمرد قبلي ومناطقي، وهو ما يعزز موقف نظام صنعاء ويجمله دوليا خاصة بعد تكفل الرجعيات العربية بتغطيته ماليا وإقليميا ومحاولة تسويقه خارجيا خوفا من رياح التغيير التقدمية التي يحملها "الحراكـ" واحتمالات انعكاساته المستقبلية على تلك الأنظمة الشمولية المتخلفة. وهنا مسؤولية نضالية وأخلاقية ملقاة علينا لإعادته للمدن وفي مقدمتها أم المدائن الجنوبية "عدن" باعتباره حراكا مدنيا بالأساس، وبما يؤصل طابعه السلمي.
أما حكاوي ومحازي سياسة القبضة الأمنية ما هي إلا شماعة يداري خلفها المرجفون والمؤلفة قلوبهم حقيقة أسباب انهزامهم مع الأسف. وكل مناضل حقيقي يعلم حق العلم أن طريق النضال السلمي محطات الشهادة والاعتقال فيه كثر، ووحدهم أصحاب المبادئ يؤمنون بأن لا أحد يموت ناقص عمر، وأن التحرر يبدأ بامتلاء سجون السلطة بأشراف الرجال.
انتهت استراحة المحارب، فلم يعد هنالك ما يبرر النزوح الجماعي لقيادات الحراك نحو قراهم، خاصة بعد عودة فارس الجنوب إلى عرينه شيخ المناضلين حسن أحمد باعوم، وموافقته على إجماع قوى الحراك ونشطائه على قياديته.
لذلك بصريح العبارة عندما يهجر الحراك "عدن" يفقد طابعه الوطني ومحتواه السياسي، وبالتأكيد هذه ليست دعوة لتحريم حراك المناطق والأرياف، لكن لا معنى وطنيا له إن انكفأ على تلك البؤر، حيث لعدن دلالتها الرمزية، وفيها فقط يرى العالم نضالنا ويتعرف على قضيتنا.
نأمل أن تشهد الأيام القادمة عودة تدريجية "للنوارس" المهاجرة للأرياف من عدن قسريا أو تخوفا، إلا أن يكون ذلك البعض قد استمرأ زعامته القروية المنسجمة مع تكوينه الثقافي، ذلك موقف شخصي لهم، وإن اختلفنا معه. ولنا في رمزية الرئيس الشهيد سالم ربيع علي "سالمين" القادم من الأرياف والمناطق إلى العاصمة "عدن" لقيادة نضال شعبنا الجنوبي حينها نحو الاستقلال الأول.. نموذجا.
 
                                                      منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن