المال الخليجي.. شريان رئيسي لقاعدة اليمن

المال الخليجي.. شريان رئيسي لقاعدة اليمن

* محمد عايش
بدون المال الخليجي، السعودي بشكل خاص، ما كان للقاعدة في اليمن أن تكون بهذا الحضور. وبدون الفساد المطلق لحكومة صنعاء لم يكن لأموال ما وراء الحدود أن تصنع للإرهاب كل هذه السطوة.
هناك تدفق هائل للأموال من جمعيات ومؤسسات وشخصيات شبه رسمية وغير رسمية، ومن أفراد عاديين أيضا من السعودية وبعض بلدان الخليج؛ تجتاز الحدود اليمنية يوميا، وتمول كل مناشط القاعدة.
شق من هذه الأموال موجه بشكل مباشر لتمويل القاعدة، وشق آخر لدعم جماعات ومراكز تعليم دينية سلفية ذات نزوع متطرف، وهذه الجماعات تشكل في العادة الرحم الذي يتوالد منه ناشطو القاعدة في اليمن.
التحقيقات الأمنية التي كُشف عنها في السعودية بداية الشهر، مع القيادية في تنظيم القاعدة هيلة القصير، توصلت إلى أن هذه المرأة وحدها مولت التنظيم في اليمن بحوالي مليوني ريال سعودي خلال فترة وجيزة، ومن أين جاءت بهذه الأموال؟ من أموال التبرعات الدينية تحت ذرائع مساعدات وصدقات وزكوات... إلخ.
النيابة الجزائية في صنعاء أثبتت العام 2006 أن قياديا صغيرا في القاعدة هو أبو عاصم الأهدل، الذي قُدم للمحاكمة في نفس العام، دارت على يديه مبالغ تفوق مليون ريال سعودي قادمة من رجال أعمال سعوديين، واستخدمها في تمويل عمليات وشراء أسلحة وتجنيد عناصر جديدة.
هذان نموذجان فقط لظاهرة مسكوت عنها بشكل مريب، إن في خطاب وإجراءات صنعاء ضد القاعدة، أو في خطاب وأداء حلفائها السعوديين والأمريكيين، ذلك أن بعض أكبر مصادر التمويل الديني هذا، هي جمعيات خيرية شديدة النفوذ في السعودية والخليج، أو قريبة من بعض مسؤولي ومؤسسات الحكم، رغم أن بعضها أيضا مصنف في بعض القوائم الدولية للإرهاب، لكنها معترف بشرعيتها من قبل حكوماتها ومن قبل الحكومة اليمنية التي تسمح لها بتفقيس ما لا يحصى من الجمعيات والفعاليات المتطرفة في معظم مناطق اليمن.
هل عرفتم الآن جانبا من سر قوة القاعدة في محافظة مأرب والمحافظات الحدودية الأخرى؟
حسنا، وما نعرفه أيضا أن الأدمغة الأمنية في البلاد لا تحاول الاستفادة من تجربة أدمغة خفيفة أخرى محيطة بالرئيس علي عبدالله صالح، أو أن عبده بورجي وحسن اللوزي يفضلان عدم استفادة مشاريع مكافحة الإرهاب من مشاريع "محاربة" مصادر دخل الإعلاميين المستقلين الذين حافظوا على احترام مهنتهم خلال عملهم في وسائل إعلام سعودية.
حافظ البكاري، نبيل الأسيدي، فكري قاسم، وصلاح الدكاك، تم الاستغناء عنهم كعاملين أو مساهمين في صحيفة "عكاظ" السعودية، لأنهم يشكلون إزعاجا إعلاميا لمسؤولي صنعاء، لكن لا أحد معنيا في دار الرئاسة بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب الذي تجاوز كونه إزعاجا ليصبح خطرا وجوديا على الدولة اليمنية وأمن واستقرار مجتمعها.. إنها مفارقة ساخرة جدا، وفساد النظام فقط يمنحها المنطقية المطلوبة.
Hide Mail