الاستثمار في اليمن.. بيروقراطية وتحديات تنتظر الإصلاحات

الاستثمار في اليمن.. بيروقراطية وتحديات تنتظر الإصلاحات

الاستثمار في اليمن.. بيروقراطية وتحديات تنتظر الإصلاحات
* أشرف الريفي
للاستثمار في اليمن واقع بأس رغم توفر فرص استثمارية متعددة تحيط بها مناخات غير إيجابية وعوائق كثيرة ليست التعقيدات والبيروقراطية الشديدة أولها، كما أن مشاكل الأراضي والأوضاع الأمنية ليست آخرها.
وهنا نناقش قضية الاستثمار ومشاكله، وآثار الإصلاحات الاقتصادية عليه، مع عدد من المختصيين وذوي العلاقة.
ولأن الاستثمار دافع رئيسي للتنمية، ويعول عليه إيجاد مصادر دخل إضافية للاقتصاد، كان الاهتمام به ضرورة ملحة علنا نقدم تلخيصا مبسطا لمعظم مشاكله وكيفية التغلب عليها.
لن نسهب في سرد قصص توضيحية لمشاكل الاستثمار المعقدة في البلد، وسنورد قصتين معروفتين تلخصان مأساة الاستثمار وتعقيداته غير المبررة.
ربما لا تغيب عن الذاكرة قصة رجل الأعمال اليمني أحمد بن فريد (الصريمة) رئيس مجلس إدارة شركة خط الصحراء العمانية، الذي كسب حكماً دولياً ضد الحكومة في العام 2007، تعويضا عن الخسائر التي تكبدها بسبب حجز معدات شركته لفترة طويلة بدون مسوغ قانوني، بالإضافة إلى إجراءات أخرى تعرض لها الرجل من نافذين وسماسرة، تضمنها ملف قضيته.
الحكم الدولي الصادر حينها بهذا الخصوص في العاصمة الفرنسية باريس، قضى بإلزام الحكومة اليمنية بدفع مبلغ 25 مليون و130 ألف دولار تعويضا لرجل الأعمال أحمد بن فريد (الصريمة).
هذه الواقعة قدمت صورة سيئة لواقع الاستثمار في اليمن، والأمر لا يختلف كثيرا في قضية سيدة الأعمال أروى الهمداني التي منعها نافذون من استثمار أراضٍ تملكها في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، ولم تشفع لها حينها توجيهات رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة.
واقع معقد
مشاكل الاستثمار في اليمن معقدة، وطرق المعالجة تحتاج لإرادة جادة وإصلاحات فعلية تُلمس آثارها في الواقع.
قبل توجهنا للجهات الحكومية لطرح مشاكل الاستثمار على طاولاتهم، ومعرفة ماذا تحققت من إصلاحات، وماذا في أجندة الحكومة لتحسين بيئة الاستثمار ورجال الأعمال، استقصينا آراء اقتصاديين متخصصين لتشخيص المشكلة وتوضيح علاتها.
البداية كانت مع الدكتورة لبنى حسين المسيبلي، وهي أستاذة اقتصاد بجامعة صنعاء، التي تحدثت عن الاستثمار الخاص، ومحدداته من ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية ومؤسسية وإجرائية. وقالت إن المستثمر العربي والأجنبي عادةً يعتمد بشكل كبير على المؤشرات التي تصدر عن مؤسسات إقليمية ودولية، وتقرير التنافسية العالمية يصدر مؤشره حول التنافسية سنويا، وهو صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يعد من أهم المؤشرات العالمية ذات المصداقية التنافسية الدولية. موضحة أن تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية أشار إلى أن هذا التقرير يعتبر بمثابة أداة لدى صانعي السياسات في مختلف الدول لتحديد أولويات الإصلاح، وخريطة تسلط الضوء على نقاط القوة والضعف، علاوة على أنه إطار عام للحوار بين الحكومات ومجتمع الأعمال ومؤسسات العمل المدني، ويعمل كحافز على انتهاج الإصلاحات الهادفة لزيادة الإنتاجية، ورفع مستويات المعيشة لشعوب العالم.
واعتبرت د. لبنى أن المفاجأة كانت في أن اليمن ليست مشمولة في هذا التقرير الذي يشمل 133 دولة، منها 14دولة عربية. والأمر نفسه في تقرير جاهزية البنية الرقمية، حيث تبرز أهمية هذا المؤشر في أنه من خلاله يتم تحديد نقاط قوة وضعف الدول في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، وكذلك تقييم مدى تقدمها في هذا الاتجاه، فتطبيق التقنيات وتطورها، له دور هام وأساسي كمحفز للنمو والازدهار الاقتصادي.
وتواصل أستاذة الاقتصاد حديثها بلغة الأرقام، وتشير إلى أن هذا التقرير لعام 2009/2010 شمل 133 دولة، منها 14 دولة عربية، معتبرة أن عدم تضمين اليمن في مثل هذا التقرير يوحي بأن اليمن لا يوجد بها تقنية الهاتف النقال والانترنت.
وتشير إلى أن تقرير التنافسية العربية 2009، الذي يصدره المعهد العربي للتخطيط، والذي يستند إلى مؤشر مركب لقياس مستوى التنافسية ومقارنة أداء 16 دولة عربية مع 8 دول أخرى هي تشيلي، التشيك، كوريا الجنوبية، ماليزيا، المكسيك، البرتغال، جنوب أفريقيا، وأيرلندا، جاء ترتيب اليمن في ذيل القائمة، وهذا يعني أن الجهود الإصلاحية المبذولة للنهوض بالتنافسية في اليمن غير كافية لتغيير الوضع التنافسي.
وقرأت المسيبلي تقرير أداء الأعمال 2010، الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، قراءة تختلف عن قراءة المسؤولين في الحكومة، وعلى رأسهم نائب وزير التخطيط للشؤون الاقتصادية ورئيس الهيئة العامة للاستثمار، اللذان أشادا بالتحسن الكبير في مؤشر أداء الأعمال، الذي احتلت فيه اليمن المرتبة 99 من 183 دولة، حسب الدكتورة لبنى.
وقالت إنها لا تقلل من الجهود المبذولة، لكنها طالبت بالتقليل من التهليل والتسبيح حول هذه المرتبة، وعليهم النظر في ترتيب رواندا الدولة الخارجة من الصراع والحروب، وكيف قفزت من الترتيب 143 عام 2009، إلى الترتيب 67 العام 2010، بينما اليمن كان ترتيبها عام 2009، 103، أي تقدمت 4 رتب فقط.
وحول قضايا الأراضي قالت لبنى إن لدينا الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، التي من مهامها "تخصيص الأراضي للمشاريع الاستثمارية بمجالاتها المختلفة، وحصر وتحديد الأراضي المخصصة للمشاريع الاستثمارية على مستوى الجمهورية اليمنية بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار"، كما جاء على لسان رئيس الهيئة يحيى دويد في حوار صحافي بصحيفة "26 سبتمبر" في العدد 1341، إلا أن الهيئة العامة للاستثمار رأت أن تحول هذا التنسيق إلى استثمار من خلال تأسيس المؤسسة العامة القابضة للاستثمار (شبام)، التي عن طريقها يتم الشراكة مع المشاريع الاستثمارية التي أطلق عليها المشاريع الاستراتيجية بنسبة قيمة الأراضي المملوكة للدولة. متسائلة: كيف يمكن للمشاريع غير الاستراتيجية أن تحصل على أراضٍ لمشاريعها..؟ وكيف إذا كانت هذه المشاريع لا ترغب بالشراكة مع الدولة..؟ وكيف يتم سحب الأراضي من المشاريع الوهمية..؟
وفي ما يخص عوائق الاستثمار تقول الدكتورة لبنى إنها تتمثل بعدم استقرار السياسات الاقتصادية الكلية، والتي تتمثل في عجز الموازنة، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، ناهيك عن ارتفاع معدل التضخم، وعدم استقرار سعر الصرف، وعدم استقرار قانون الاستثمار الذي كان آخر تعديل له في 2002، إلا أن هناك مشروعاً جديداً لقانون الاستثمار حاليا جاهز لمناقشته في مجلس النواب، معتبرة إياه اغتيالاً رسمياً لقانون الاستثمار رقم 22 لعام 2002.
ومن العوائق أيضا الفساد وعدم كفاية البنى التحتية، وارتفاع تكاليف الطاقة المستخدمة لتشغيل المشاريع الاستثمارية وتحديداً الصناعة والزراعة، وعدم كفاءة العمالة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وارتفاع تكلفة المعاملات المرتبطة بإجراءات الاستثمار كالإفراج الجمركي.
فشل
الدكتور واعد عبدالله باذيب، أستاذ السياسة النقدية والمصرفية المساعد بكلية الاقتصاد بعدن، تحدث عن المظاهر الأساسية التي تقف عائقا لتحفيز وتنشيط الاستثمار وجذبه، سواء الداخلي أو الخارجي المباشر. ويرى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المالي والاداري الذي اعتمدته الدولة منذ مطلع 1995 بالشراكة مع صندوق النقد والبنك الدوليين، فشل في الوصول للاهداف المتوخاة منه.
ويرى باذيب أن تحفيز الاستثمار وجذبه، وخلق حالة من التوازن ما بين الاستثمار والادخار أو تخفيف الفجوة بينهما شرط أساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل بيئة سياسية طاردة ينخرها الفساد والمحسوبية والشخصنة والكانتونات العائلية المغلقة هنا وهناك، وعدم وجود الاستقرار والبنية التحتية التي لابد من توفرها كشرط أساسي يرتكز عليه بناء القاعدة الاستثمارية التي كان من الممكن أن توفر حلاً كبيراً للمشاكل الاقتصادية الاجتماعية السياسية المحدقة بالبلد؛ كظاهرة البطالة المتفشية تماما بكل صورها والمؤثرة تأثيراً مباشراً على وجود الفجوة الكبيرة بين الطلب الكلي والعرض الكلي. مشيرا إلى أن المشاريع الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة ذات الطاقة الإنتاجية الكبيرة والمردود الإنتاجي الملح تساهم في تلبية حاجتنا، والتي كان من الممكن أن توفر فرص عمل للآلاف أو مئات الآلاف من العاطلين.
وقال إن عمل الدولة لا يقتصر على تحديد المحفزات بالقوانين والتصريحات الرنانة، وإنما بخلق عوامل ومحفزات للاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات الاقتصادية الواعدة، مثل الزراعة والأسماك والسياحة، بحيث تؤمن تنمية المناطق الريفية وتخلق فرص عمل وتبني قاعدة اقتصادية تحد من تبعية الاقتصاد للخارج بكل احتياجاته، وتوفير موارد نقدية ضخمة تتسرب خارج البلد في قيمة الواردات، وكذا توفر فرص عمل واسعة، وتعمل على تحقيق التوازن في الميزان الخارجي قدر الإمكان.
وأضاف أن التدابير الحكومية للنمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لا يمكن أن تتحقق في ظل هذا التواضع الاستثماري. منتقدا غياب التخطيط والإرشاد الحكومي لتحديد قوة العمل وإعدادها بما يتناسب وحاجة السوق المحلية، وهو الذي يتطلب التخطيط الحكومي لمدخلات الجامعات والمعاهد والمخرجات التي ستدخل في سوق العمل، والتي يجب أن تكون -أي هذه المخرجات- جاذبة لاحتياجات سوق العمل في السوق الخليجية.
وانتقد باذيب الخصخصة التي نفذتها الحكومة دون دراسة، مشيرا إلى أن النظام في الجنوب كان يؤمم حق شخص ويعطيه ل20 أسرة، أما عملية الخصخصة فقد منحت أصولاً عقارية وإنتاجية ضخمة مثل بعض عقارات مرافق الدولة لأشخاص مقربين وبالمجان، ومصانع كان يمكن لها أن ترفد ميزانية الدولة كما رفدت مثلا في الجنوب، ولمدة 27 عاماً، خزانة الدولة بإيرادات ضخمة، لكن ما تم هو بيعها والتصرف بها كأرض وخردة، وهي التي كانت تمتلك ميزة نسبية بأنها مشغلة بعمالة محلية 100%، فكانت النتيجة أن تصرف وتخصخص (العام) الذي يمتلكه 25 مليوناً لشخص أو جهة محسوبة، وبالمجان.
نجاحات
وخلافاً للمسيبلي وباذيب، يرى عيسى الحنو أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة إب، أن نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الذي نفذته الحكومة في جانب الاستثمار وبيئة الاستثمار حقق عدداً من الإنجازات والنجاحات، خاصة في الجوانب القانونية والإدارية، غير أن ما تحقق في الجوانب المؤسسية الأخرى (القضاء، حماية حقوق الملكية، المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع المستثمر، ... الخ)، وهي الأهم بالنسبة للمستثمر، ما يزال محدودا وبحاجة الى الكثير من الجهد في مختلف المجالات.
وقال الدكتور عيسى إنه تم تعديل عدد من القوانين وفي مقدمتها قانون الاستثمار باتجاه تقديم المزيد من الحوافز والضمانات وتسهيل الإجراءات، وهي خطوة هامة بحاجة الى خطوات أخرى لتفعيل تلك الحوافز والضمانات.
هناك قضايا أخرى تعد أساسية وحاسمة بالنسبة للمستثمر المحلي أو الأجنبي في نظر الدكتور عيسى، مثل وجود نظام قضائي يتسم بالفعالية والاستقلال والشفافية، والتزام الجهات التنفيذية بتنفيذ أحكامه، وكذلك حماية حقوق الملكية، وتفعيل المؤسسات في هذا الجانب، خاصة قضية الأراضي والنزاعات عليها. كما تحتل مسألة رفع الكفاءة وتحقيق المزيد من الشفافية في المؤسسات الحكومية التي يتعامل معها المستثمر أهمية بالغة لدى المستثمر.
وأضاف أنه تم إنشاء محاكم تجارية للفصل في المنازعات التي تهم المستثمرين، غير أنها لا زالت محدودة في عدد من المحافظات، وبحاجة إلى المزيد من التفعيل والتطوير. كما أن هناك الكثير من الإصلاحات التي تمت داخل جهاز القضاء والنيابات في إطار برنامج إصلاح النظام القضائي، والمطلوب الاستمرار في هذه الإصلاحات وتعزيز ما تحقق منها.
كما تم تنفيذ برنامج لإصلاح الخدمة المدنية، تمثل أحد أهدافه في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة بشكل يضمن رفع مستوى الأداء وتحسين مستوى معيشة الموظفين بشكل يشجع الاستثمار ويسهل إجراءاته، ولا يزال هذا البرنامج مستمراً، وإن كان يسير ببطء لأسباب قد يكون أهمها صعوبات التمويل، خاصة ما يتعلق بتحسين مستوى معيشة الموظفين، حسب الدكتور عيسى الحنو.
تحديات كبيرة
بعد مناقشة جوانب الاستثمار وما تحقق فيه من إصلاح، وضعنا كل هموم الاستثمار على الطاولة الحكومية، فأحلناها إلى الأخ نبيل علي شيبان رئيس وحدة توثيق المساعدات الدولية بوزارة التخطيط، ومدير عام التعاون الدولي، الذي قال إن تحسين بيئة الاستثمار والأعمال تحتل أولوية خاصة في أجندة الإصلاحات، ومحوراً رئيسياً من محاور الإصلاحات الوطنية، لما للاستثمار من دور كبير في تحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل واستثمارات في مجالات مختلفة، وبالذات في البنية التحتية والمشاريع كثيفة العمالة.
وعن الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال الاستثمار قال شيبان إن ترتيب اليمن في مؤشر بيئة الأعمال، وبالذات في ما يتعلق ببدء الأعمال، شهد تطورا كبيرا في ما يسمى بفهرس بيئة الأعمال وأداء الأعمال الخاصة بالبنك الدولي، حيث قفزت قفزة كبيرة في مجال بدء الأعمال والتسهيلات والإجراءات التي تمنح لتمكين رجال الأعمال للبدء بأعمالهم من خلال تسهيل إجراءات الأعمال وغير ذلك.
وحول موضوع الأراضي قال إن الخلافات والنزاعات في اليمن سببها الأراضي، ولا يزال تحدياً كبيراً لعدم وجود نظام للسجل العقاري دقيق ومبني على أفضل الممارسات الدولية، ولذلك سعت الحكومة منذ عام إلى مناقشة قانون جديد للسجل العقاري، وتمت الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء العام الماضي، وأحيل لمجلس النواب، متوقعا أن تتم مناقشته والمصادقة عليه خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
وتحدث شيبان عن حزمة من الإصلاحات التي ستعطي دفعة في مجال تحفيز الاستثمارات سواء الإقليمية أو الدولية، وهي: القانون الجديد للاستثمار المحال إلى البرلمان، وقانون ضريبة الدخل، والتعديلات التي أضيفت على قانون الجمارك. وستعمل دفعة قوية في مجال الاستثمار.
وقال إن الحكومة تسعى بشكل جاد لتمرير هذه الحزمة من الإصلاحات في مجال الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال.
ويقول نبيل شيبان إن التطبيق هو الأهم، فاليمن من الدول التي يشهد لها بامتلاكها أفضل القوانين الخاصة بالاستثمار، إلا أن جانب التطبيق هو المحك والتحدي الكبير، فلابد أن تكون هناك مجموعة من الإجراءات لتفعيل هذه القوانين وتطبيقها على مستوى الواقع. لافتا إلى سياسات أخرى تتخذها الحكومة في ما يتعلق بتحفيز الاستثمار بدرجة رئيسية، مثل الجانب الأمني الذي يعد التحدي الكبير بالنسبة للاستثمار، مؤكدا أن لدى الحكومة أولويات ملحة في ظل الظروف التي تمر بها اليمن، تحتل فيها الأجندة الأمنية الأولوية، ناهيك عن جهود وخطط تعملها الحكومة للتعامل مع الملف الأمني، لأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية بدون أمن.
شيبان يقول إن هناك تحديات كبيرة جدا، والموارد قليلة، والقدرات ضعيفة، وإننا نعيش في وضع لا نحسد عليه، إضافة إلى التغيرات الدولية التي أثرت على اليمن وأضافت عليه عبئاً ، مثل الأزمات الإقليمية سواء كانت أمنية أو سياسية أو اقتصادية.
ويضيف أن اليمن تتحمل عبئاً كبيراً لا يقتصر على التحديات الهيكلية التي يعيشها الاقتصاد اليمني، ولكن هناك تحديات خارجية طرأت على اليمن سواء كان التدفق المستمر للاجئين أو الأزمة المالية العالمية، وضعف تدفق الاستثمارات والتحويلات إلى اليمن، وعوامل أخرى متعلقة بالجوانب المناخية، وتأثر اليمن بأزمة ارتفاع الغذاء العالمي التي لم تتغير بشكل كبير، وهناك توقع بأن تستمر.
وقال إن الحكومة تدرك أنه إذا لم تكن هناك إصلاحات إيجابية لن يحدث أي تغيير، والحكومة تعكف على وضع أجندة وطنية للإصلاحات في الفترة القادمة تتزامن مع الاستراتيجية الجديدة 2011 – 2015.
تطرق شيبان إلى وجود نية جادة لإحداث تغيير، وتنفيذ حزمة من الإصلاحات لتحسين بيئة الاستثمار والأعمال، ناهيك عن إصلاحات تهدف لإيجاد تنوع لموارد الدخل للبلد من خلال القطاع النفطي الذي يعتمد عليه الاقتصاد كمورد رئيسي.
وقال إن هناك توجهاً في إطار الإصلاحات إلى فتح باب الاستثمار في الاستخراجات بالذات في قطاعات النفط والغاز، إضافة إلى وجود أجندة واضحة في ما يتعلق بتعزيز المساءلة والشفافية، واتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وتفعيل دور الهيئة، والحكومة وبالذات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تعكف على غربلة خطة مكافحة الفساد، وتمتلك قانوناً لمكافحة الفساد والذمة المالية.
وأضاف: ما نفتخر فيه في اليمن كحكومة هو وجود أفضل نظام للمناقصة، كون أكثر الفساد هو في المناقصات.
وحول البيروقراطية قال إن الإصلاحات وقانون الاستثمار الجديد، ستحول الهيئة العامة للاستثمار إلى هيئة ترويجية وليست هيئة للتصاريح، والإجراءات الرتيبة والتعقيدات، وسيُحدث ذلك تطوراً إيجابياً.
منتهى
وتبقى قضية الاستثمارات في البلد بانتظار استكمال الإصلاحات وتذليل التحديات، وإيجاد الإرادة الجادة لتأهيل الاستثمار، وإيجاد مناخات مناسبة تجعل منه رافدا غزيرا للتنمية في البلد.

*************
الريال يواصل انهياره أمام الدولار مفاقماً الأزمة الاقتصادية
يواصل الريال اليمني انهياره مقابل الدولار الأمريكي منذ حوالي أسبوعين، مسبباً أعباء إضافية على كاهل المستهلكين من خلال ارتفاع أسعار السلع، وتفاقم ظاهرة التضخم السعري.
ورغم استمرار البنك المركزي اليمني في ضخ ملايين الدولارات إلى السوق بهدف تثبيت سعر العملة، إلا أن قيمة الدولار بلغت  225 ريالاً خلال اليومين الفائتين.
وعبرت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك عن قلقها البالغ من تدهور سعر الريال أمام الدولار، والتداعيات التي ينذر بها هذا المستوى الحاد من التدهور في سعر العملة الوطنية.
وقالت الجمعية في بلاغ صحفي إنها تراقب التأثيرات المباشرة على أسعار السلع الأساسية، وتفاقم ظاهرة التضخم السعري، والذي سيضيف أعباءً غير محتملة على كاهل المستهلكين في اليمن، خصوصاً وأن أسوأ ما يرافق حالة التدهور الحادة في سعر العملة الوطنية، المحفزات السلبية على عدم الثقة بالعملة الوطنية وبالاقتصاد الوطني التي تأخذ أبعاداً سياسية وأمنية، يزيد من تأثيراتها السيئة، استشراء انتهازية المضاربين، وضعف الوازع الأخلاقي لدى المؤثرين في بنية السوق.
وطالبت الجمعية الحكومة بسرعة التدخل لوضع حد للاضطراب والارتفاع غير المسبوق وغير المبرر في أسعار الدولار. معتبرة أن التذبذبات في أسعار الصرف ستعطي مؤشراً سلبياً كبيراً لأي مستثمر خارجي يرغب بالاستثمار في اليمن حين يدرك أن استثماراته ستكون عرضة للتآكل نتيجة الارتفاعات المستمرة لسعر الدولار مقابل العملة الوطنية.
والسبت الفائت؛ أقرت لجنة الإدارة النقدية في البنك المركزي اليمني رفع سعر الفائدة على ودائع الادخار بالريال اليمني من 12 في المائة إلى 15 في المائة.
وحسب تصريح محافظ البنك المركزي أحمد عبدالرحمن السماوي لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، فإن البنك يسعى من خلال القرار إلى تشجيع المدخرين بالريال اليمني، وأن تكون الفائدة على الريال (موجبة) أكثر من التضخم بنسبة كبيرة.
ولفت السماوي إلى أن البنك يهدف أيضا من وراء رفع الفائدة إلى حصول المودعين على نسب فائدة أعلى.
ونص قرار البنك المركزي اليمني على أن يكون الحد الأدنى لسعر الفائدة على ودائع الادخار بالريال هو الحد الأدنى لسعر الفائدة على الودائع بالريال لدى البنوك، وأن يترك تحديد سعر الفائدة على الآجال المختلفة للبنوك شريطة ألا يقل عن الحد الأدنى الذي حدده البنك البالغ 15 بالمائة.
واعتبر المحافظ السماوي أن أسعار الفائدة الواردة في القرار ملزمة لكافة البنوك باستثناء البنوك الإسلامية التي لها أدواتها الخاصة.. مؤكدا أن البنك المركزي سيتخذ إجراءات صارمة ضد البنوك التجارية المخالفة لهذا القرار.
والأسبوع الماضي؛ وقفت أحزاب اللقاء المشترك أمام الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي كان أبرز مظاهرها التدهور المخيف للعملة الوطنية (الريال) أمام العملات الأجنبية كأهم وأخطر مظهر للتدهور الاقتصادي والمالي، حسب بيان صادر عن المجلس الأعلى للمشترك.
وقالت أحزاب المشترك في بيانها إن تدهور سعر صرف الريال يضيف عبئاً كبيراً على كاهل المواطنين بسبب ما يقود إليه هذا التدهور في العملة الوطنية من آثار سلبية وخطيرة على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.
واعتبرت أن التدهور الخطير في سعر صرف الريال يضع حياة المواطنين ومعيشتهم في طريق المجهول، فالغلاء الذي يطحن المواطنين في معيشتهم سيزداد حدة وخطورة، حيث إن القيمة الحقيقية للأجور والمرتبات ستنخفض إلى أدنى معدلاتها، مما ينذر بكوارث اجتماعية، خاصة وأن إصلاحات الأجور والمرتبات التي كان على الحكومة أن تسير فيها إلى النهاية قد توقفت عند المرحلة الثانية من استراتيجية الأجور، وبلامبالاة بالاستحقاقات التي ترتبت على رفع الدعم عن المواد الغذائية، وإطلاق حرية الأسعار العشوائية المنهكة والمهلكة للمواطن، والتي فاقت قدرة تحمله.
**************
مسؤولون لا يحبون الصحافة
كتب – المحرر:
بنظرتها المعادية للإعلام والصحافة بشكل عام، تثبت الحكومة عدم جديتها في ما تدعيه من شفافية وانسياب للمعلومات، والتعامل اللائق مع وسائل الإعلام.
الأسبوع الماضي صدمت وأنا أجول في دهاليز الهيئة العامة للاستثمار باحثا عن مسؤول يزودنا بمعلومات عن واقع الاستثمار، وما تم تحقيقه من إصلاحات في هذا الجانب.
سكرتارية رئاسة الهيئة اعتذرت عن أخذ تصريح أو حديث مبسط مع رئيس الهيئة صلاح العطار، بحجة توجيهه بعدم إدخال أي شخص، وتجهيزاته للسفر خارج اليمن الأربعاء الفائت.
ليتم إحالتي إلى مدير عام الهيئة الذي لم نستطع اللقاء به، لتعتذر السكرتارية أيضا، ولكن بعذر دائما يغضب الصحافة كان مفاده أن المدير لا يحب الحديث للصحافة.
توجهت بعدها إلى إدارة الترويج في الهيئة لألتقي بنائب مدير الإدارة الذي واجهني ببيروقراطية معقدة، وطلب مني أن أضع الأسئلة لدراستها، ومن ثم تحديد الفترة الزمنية للرد عليها، معتبرا ذلك عملا مؤسسيا.
كان ذلك يوم الثلاثاء الفائت. طلبت منه الرد على الأسئلة يوم السبت، إلا أنه اعتذر متذرعا بحججه الواهية السالف ذكرها. كان ذلك في هيئة تدعي أنها تسهل إجراءات الاستثمار.. تصوروا!
المؤسف أن الحكومة لا تتعامل مع الصحافة بشفافية، وتصر على عدم تسهيل إجراءات الحصول على المعلومات والتعامل الجيد مع وسائل الإعلام.
الأربعاء الفائت، توجهت إلى البنك المركزي اليمني لجمع معلومات ومعرفة رأي البنك في إطار تحقيق صحافي حول السياسة النقدية. وعند استئذان استعلامات البنك رد الموظف المختص بأن المحافظ وجه بعدم التصريح للصحف المعارضة، والاكتفاء بالصحف الرسمية، حاولت إقناعه أن "النداء" ليست صحيفة معارضة، فرد: حتى المستقلة..
تشعر الحكومة بالزهو وهي تتحدث عن تقديمها مشروع قانون خاص بالمعلومات إلى مجلس النواب، رغم عيوبه، لكن ما يحصل على الواقع يؤكد أننا نعيش في ظل نظام ديكتاتوري ترعبه الصحافة وتخيفه المعلومات.