عيوب

عيوب

* نعمان قائد سيف
ظاهر الأمر يبدو كأنه سلوك ديمقراطي مرن من الحزب الحاكم في تعاطيه مع قضية تزويج القاصرات، ويحاول تصوير المواجهة بين المتعارضين كـ"إشكالية" ترجح كفة الظلاميين، ولكني أرى في موقفه استخفافاً بالمشكلة لغرض في نفسه السلطوية المريضة، مثلما فعل مع مشروع قانون توحيد التعليم قبل تدمير مصنع "صيرة" في عدن، وكذلك بعد إقراره، وأبقاه سنوات طويلة حبيس الأدراج، ويتلاعب به إلى اليوم!
المؤتمر الشعبي العام لم يعد فقط يمتلك الأغلبية المريحة في البرلمان الموجه، فقد قاده الطمع إلى اكتساح الجميع، وصار بمستطاعه اعتماداً على أعضائه المطيعين، تمرير أي تعديل لقانون بلمح البصر، مثلها فعل في مناسبات عديدة، بل بمقدوره -كسباً للمانحين- إصدار تشريعات كاملة، تتماهى مع الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها كحاكم، وتنص صراحة على ضمان حقوق الأطفال في كل المجالات، بما فيها الحفاظ على عوراتهم!
حزب الإصلاح بدوره أقدر -وهو يلعب سياسة بروح دينية- على إحراج حليفه السابق دون لف أو دوران، فكل ما عليه إثبات ليبراليته الظاهرة، وذلك بدفع كتلته إلى تغليب لغة العقل والمنطق والأخلاق، وإلزام أغلبية نوابه على الأقل برفع أيديهم وأرجلهم من خلاف، تأييداً لمنع هتك أعراض الأطفال، وتدمير نفوس فلذات أكباد الفقراء والمستضعفين، وكذلك المبهورين بفتاوى المشعوذين السياسيين، الذين يبتزون المجتمع روحياً، اتساقاً مع أهوائهم المهووسة بتقديس ذواتهم، وإشباعاً لشهوات من يهابون الندية، ويتخوفون من الانكسار في مضاجعة الناضجات على كتاب الله وسنة رسوله!
رفع راية الدين في وجوه من يعارضون مهزلة وحقارة اغتصاب القاصرات بعقود (شرعية) باطلة، إرهاب بكل معنى الكلمة، ولن يردع السلوك الفاجر غير قانون مدني واضح المعاني، يحصن براءة الطفولة من كل عدوان همجي، وأمر تشريع القانون المطلوب وتسريعه مرهون بإرادة من هرعوا في لحظة انتقام إلى فرض الشريعة اعتسافاً، وكما يفهمونها -خلافاً لسنة التطور وحكمة الله في خلقه- كمصدر وحيد لكل القوانين، فجعلوا الدين السمح أسير لحى من باسمه يتكسبون وينافقون، والله المستعان على ما يفعلون!