كيف جدد البرلمان اليمني انتخاب رئاسته؟

كيف جدد البرلمان اليمني انتخاب رئاسته؟

*يحيى الراعي بعد يوم من انتخابه:
نحن نحترم الديمقراطية، ونشكر ذي انتخب وذي ما انتخب وذي دبجها يابسة
ويرد على من عملوا ضده، كتلة التضامن، في الانتخابات: الرسالة وصلت، بيّض الله وجيههم وزاد الرجال من أمثالهم
* هلال الجمرة
عاش المرشح لرئاسة مجلس النواب يحيى علي الراعي، 4 ساعات عصيبة في رحلة شاقة عاد بها إلى مقعد الرئيس مجدداً. تلقى خلالها رسائل نارية أخرجته عن طوره، وأوقعته في منعطف خطر نجا منه بتعاطف النوّاب وانسحاب منافسه الوحيد عبدالعزيز جباري.
وعقب فوزه صعد الراعي إلى المنصة وشكر النائب عبدالملك الوزير على إدارته للجلسة. وبفوز نواب رئيس المجلس شكر جميع النواب على الديمقراطية والتفاعل، وشكر النائب علي صالح قعشة، وفي النهاية شكر منافسه عبدالعزيز جباري. وفي الجلسة التي تليها ردّ الراعي على انتقاد جباري للمحضر وإغفاله للإعلان عن انسحابه، قائلاً: "بالديمقراطية نزلنا القاعة وانتخبنا، ونشكر ذي انتخب وذي ما انتخب وذي دبجها (أدخل البطاقة) يابسة".
يجمع كافة النواب بأن كتلة مجلس التضامن، التي يرأسها النائب المستقل صخر الوجيه، لعبت الدور الأكبر في انتخابات الاثنين لهيئة الرئاسة، وحددت الفائزين وفي أية جولة بالضبط. ومن اجتماعاتها في بوفية المجلس قررت أن يكون النائب عبدالعزيز جباري هو مرشحها لمنافسة يحيى الراعي. وبالرغم من علم المرشح، كما كتلة التضامن التي يبلغ عدد أعضائها نحو 75 عضواً من كافة الكتل البرلمانية الرسمية، أنه لن يفوز على منافسه، إلا أن الغرض من تلك المنافسة كان "لكسر شوكة الراعي وتعريفه بثقلنا وأهميتنا ووجودنا داخل المجلس".
كانت الرسالة واضحة لدى الراعي منذ مطلع الأسبوع الذي أجريت فيه الانتخابات، لكنه ربما قلل في نفسه من نتائج عمل "كتلة التضامن". وكان يقول لعلي العنسي، أحد البارزين في الكتلة، "بعد أصحابك.. قرروا ما تفعلوا". وكان العنسي يلتفت إلى شرفة الصحافة ويبتسم ويقول: هذه الأيام بيوجّه رسائل ويتخايل أي حركة إنها ضده.
جرت تحركات الكتلة بصورة واضحة من وقت مبكر من الانتخابات. إذ لم يطالب رئيس الكتلة صخر الوجيه بموضوع الانتخابات إلا بعد أن قرروا ما هم ماضون فيه. وقرروا أن يسقطوا الراعي في الجولة الأولى، والبطائق الملغية مؤشر قوي على هدف الكتلة. ومثلما قرروا أن يفوز الراعي في الجولة الثانية بأصوات قليلة، قرروا أن يكون فوز نائبه حمير الأحمر كاسحاً وقاهراً لرئيس المجلس ورسالة ضمنية لهدفهم. ومثلما أقنعوا جباري بالترشح أقنعوه بالانسحاب وفي الوقت الذي أرادوه، وقد أمسك به نائب رئيس مجلس التضامن محمد عبداللاه القاضي، ورافقه إلى المنصة ليعلن الانسحاب.
عقب إعلان الشيخ ياسر العواضي، نائب رئيس كتلة المؤتمر ورئيس لجنة الفرز، النتيجة: "الأخ يحيى الراعي 148 صوتاً، الأخ عبدالعزيز جباري 54 صوتاً، فيما بلغ عدد البطائق الملغية 23 صوتاً، ولم يصل أي من المرشحين إلى النسبة المطلوبة التي حددتها اللائحة الداخلية للمجلس، وهي 152 صوتاً ما يعني ضرورة إعادة الانتخاب مجدداً".
وعلى ما يبدو فإن رئيس كتلة المؤتمر كان لديه شعور بالخسارة، سلفاً، فعند إعلان النتيجة كان حاضراً إلى جوار الراعي. ومن شرفة الصحفيين لاحظنا الدور الذي لعبه البركاني في إثناء الراعي عن قرار انسحابه، وإقناعه بالبقاء وسيتم معالجة الخطأ، وبحسب نواب فقد اقترح عدم إجراء انتخابات لجولة ثانية، وسيتم تزكيته من قبل المجلس.
تشظت القاعة إلى مجموعات وحلّت الفوضى والصخب: كانت مجموعة من النواب ملتفة حول الراعي تواسيه على ما حدث وتحثه على البقاء، يتزعمها رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني، ومجموعة ثانية تلاحق منافسه لإقناعه بالانسحاب، يتزعمها النائب المؤتمري محمد عبداللاه القاضي، ومجموعة ثالثة تحث جباري على الاستمرار في الترشح للجولة الثانية، يتزعمها النائبان صخر الوجيه (مستقل) وعبدالرزاق الهجري (إصلاح)، فيما لزم الباقون مقاعدهم مبتسمين، أبرزهم النائب المؤتمري علي المعمري.
كان الراعي مستفزاً، فإلى شعوره بالعمل ضده من أجل إيصال رسائل وإخضاعه، كان يشعر أيضاً بالخذلان من الكتلة التي أقرته مرشحاً لها، كتلة المؤتمر الشعبي العام، التي يبلغ عدد أعضائها 227 عضواً.
صعد الراعي إلى المنصة وهو في ذروة الاستفزاز وقد جفّ حلقه، وتغيّرت ملامحه، لكنه كان يتظاهر بالثقة بالنفس والرضا بالديمقراطية عندما ردّ على من وصفهم بـ"المتجمّلين" قائلاً: الإخوة أعضاء مجلس النواب، أنا لن أقبل لا بانسحاب المنافس لي ولا الذي عيتجمّل معي. تعاد الانتخابات وأنا أحترم الديمقراطية.
شكره الشيخ ياسر على موقفه، فيما بقي محمد عبداللاه القاضي ممسكاً بجباري يطلب منه الانسحاب من المنصة لصالح الراعي. تعاطف غالبية النواب مع الراعي، لخسارته للجولة الأولى رغم حصوله على عدد لا بأس به من الأصوات مقابل منافسه، وظلوا يواسونه كشخص خسر الانتخابات. وفي مقدمة القاعة ظل جباري يلف على القاعة مبتسماً بشوشاً على غير عادته، يتعامل مع النواب بنشوة الفائز. ويصافح البعض ويتحدث إلى آخرين، وينظر إلى الراعي بنظرة تعاطف، فقرر لاحقاً الانسحاب بعد أن زادت الضغوط والإحراجات.
اعتلى المنصة وخلفه عدد من النواب، وأعلن للنواب انسحابه قائلاً: "تقديراً واحتراماً للزملاء وللشيخ يحيى الراعي، أعلن لكم عن انسحابي له، وأؤكد لكم أني سأصوّت لصالحه، في الجولة الانتخابية الثانية". هلّل النواب وصفقوا فرحاً لإعلان جباري انسحابه، وبدأ يتلقى الشكر ويتعامل كشخص منقذ. فيما تدخّل النائب مختار صادق أبو رأس (مؤتمر)، بصورة اعتراضية، وعلّق على انسحاب جباري: الكلام مرفوض. وهو ما لم يعره النواب أي اهتمام.
تنبّه الراعي للرسالة، التي يعتقد أن مجموعة محمد عبداللاه القاضي وحسين الأحمر أرادوا إيصالها، أو بالأصح كتلة التضامن التي يتزعمانها ويرأسها النائب صخر الوجيه، وتحرك من مقعده في الصف الثاني باتجاه المنصة وهو "مكبود"، وقال: علينا كلّنا أن نحترم الديمقراطية، والذي عملوا الرسالة قد وصلت، بيّض الله وجيههم وزاد الرجال من أمثالهم، أمّا أنا فلن أقبل الانسحاب، ولن أمشي رحمة حد (أحد) لا اليوم ولا بعده، وإذا ما نجحت بالانتخاب وصوتوا لي الرجال أروح بيتنا.
علت أصوات في القاعة تطالب بتأجيل الانتخابات إلى اليوم الثاني، وقد عارض ذلك عديد من النواب، فيما تنبّه ياسر العواضي إلى مخالفتها الدستورية، حيث شدّد على ضرورة إكمال الانتخابات وخاطبهم: أيها الإخوة، طالما شرع المجلس في الانتخاب اليوم لا يجوز أن نرفع الجلسة إلا وقد تم انتخاب الرئيس... ما لكم اجلسوا". وبحسب جباري فإنه قد شعر بارتباك الجماعة واهتزازهم، فقرر أن يعيد إعلانه للانسحاب لطمئنتهم. وبالرغم من الردّ الشديد للراعي، بعدم قبوله لانسحاب منافسه، إلا أنه تراجع حينما أعلن جباري انسحابه للمرة الثانية، إذ تلقاه الراعي بدم بارد وتعامل كأن لم يسمعه، وقال جباري: الإخوة الأعزاء، أعلن أمامكم انسحابي من الترشح. وأنا بالنسبة لي سأرشح الشيخ يحيى الراعي.
لزمت القاعة الصمت حيال عدم وجود منافس للراعي، فيما سارت الانتخابات بالشكل المطلوب، وتقدّم المرشح المنسحب إلى منافسه (الراعي) لتطمينه على أنه فعلاً سيرشحه، وأمسك الراعي ببطاقة الاقتراع وراقب جباري حتى انتهى من تسجيل اسمه.
عاد جباري إلى كرسيه متحرراً من عقدة النقص. ووفقاً لحديثه إلى "النداء" قال: "كنت أعتقد أن منافسي يتعامل بصدر رحب، وهذا حق دستوري، ولم أكن أعرف أنهم يحيكون لي كيف يستفزونني عندما قالوا إني لم أنسحب من الترشح، وهذا كلام غير صحيح وافتراء".
ونصّب النائب الإصلاحي محمد الحزمي نفسه مندوباً للبطائق الملغية، فهو الذي بدا أكثر قلقاً من الراعي، وكان يلف أمام الصندوق كما لو كان على باب غرفة الولادات. وكان النائب يحيى القاضي، وهو الذي كان يشد من أزر الراعي منذ الجولة الأولى، يراقب لجنة الفرز، ويعود إلى الراعي ليبشره، بأنه لا خوف من النتيجة، وأن المنافس، وهي البطائق الملغية، لم تحصل سوى على أصوات قليلة.
وكانت النتيجة النهائية أن: حصل الراعي على 164 صوتاً، عبدالعزيز جباري على 8 أصوات (رغم أنه أعلن انسحابه مرتين متتاليتين، ومن المفترض أن تعلن ضمن البطائق أو الأصوات الملغية، لأنه لم يعد مرشحاً)، وبلغ عدد الأصوات الملغية 37 صوتاً. ووفقاً لأحد أعضاء لجنة الفرز، فضل عدم ذكر اسمه، فإن النتيجة الحقيقية التي حصل عليها الراعي هي "153 صوتاً، وزيدت له اللجنة 11 صوتاً".
 
 
************************************
عبده بُشر يعود إلى البرلمان عقب رفض إستقالته
عاد النائب المؤتمري عبده محمد بشر إلى منصة البرلمان، السبت الماضي، ليقرأ المحضر بعد أن أعلن تقديم استقالته من المجلس في جلسة الاثنين الفائت. وقد أعلن تقديم استقالته من عضوية المجلس بعد أن انسحب عن الترشح لعضوية هيئة رئاسة المجلس.
وقال رئيس المجلس يحيى علي الراعي، السبت، إن بشر كان قدم استقالته من المجلس إلا أن زملاءه لم يقبلوا الاستقالة، وتم إقناعه بالعودة لحضور الجلسات.
وكان بشر انسحب من الترشح لنيابة رئاسة المجلس غاضباً، إثر تلقيه ضغوطاً بالانسحاب لحساب الشيخ حمير الأحمر نائب رئيس المجلس، الذي يخشى إخوانه أن يلاقي نفس المصير الذي لاقاه الراعي في الجولة الأولى. ومع إعلانه الانسحاب من الترشح أعلن تقديم استقالته من المجلس. وخلال مغادرته للمجلس لحق به عدد من النواب لمراجعته، وكان الراعي يدعوهم للعودة ويقول لهم: "خلوه يمشي ما لكم، ما أحد قال له ينسحب ولا أحد طلب منه يترشح".
كانت الفرصة سانحة بالنسبة لنائب يحظى بشعبية عند زملائه أمام منافسين مثل أكرم عطية الذي أكد لـ"النداء" أحد أعضاء لجنة الفرز ونواب آخرين أنه حصل فقط على 134 صوتاً، واللجنة وفّت له النصاب، وأعلنت أنه حصل 155 صوتاً، خشية أن تطبق اللائحة ويعاد النظر في المرشح الفاشل وفقاً للائحة التي لا تجيز إعادة الانتخابات أكثر من مرة.
سطع اسم النائب عبده محمد بشر في مجلس النواب الحالي كنائب مؤتمري ملتزم بالحضور ومعروف بمواقفه المستقلة لا سيما في ما يتعلق بقضايا الفساد. واشتهر بين النواب بـ"حامي حمى اللائحة الداخلية للبرلمان".
ويعتمد بشر في مداخلاته في قضايا عدة بالتحضير الجيد للرد على "مغالطات الحكومة، وفضح ممارساتها الخاطئة" بالقانون وبالدستور وبالتقرير المقدم من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، علاوة على تقارير أخرى يحصل عليها من المؤسسات المعنية في الوقوف أمام البرلمان.
وبرز بشر كبرلماني شديد الاهتمام بالقضايا الأمنية، وهو صاحب الاستجواب الوحيد في جدول أعمال الدورة الحالية لوزير الداخلية مطهر رشاد المصري، على الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد.
 
*************************************
 
ما حكاية وجود 37 بطاقة ملغية؟ وما الذي كُتب فيها؟
هناك أميوّن كثر داخل مجلس النواب، لكن لم يحضر منهم، الاثنين الماضي، سوى نائب واحد. لكن البطائق التالفة تتعدى رقما قياسياً لأول مرة. لقد بلغت في الجولة الأولى لانتخاب رئيس البرلمان، 23 بطاقة. عندما حصل المرشح يحيى الراعي على 143 صوتاً، ومنافسه عبدالعزيز جباري على 54 صوتاً. فيما كشف الشيخ ياسر العواضي، رئيس لجنة الفرز، عن وجود 10 بطائق مزورة عقب إعلانه مباشرة عن أن يحيى الراعي حصل على 148 وليس 143 صوتاً.
وقد ارتفع عدد البطائق الملغية في الجولة الثانية من اقتراع رئيس مجلس النواب، إلى 45 بطاقة، وانخفضت إلى بطاقتين عند اقتراع نوّاب رئيس المجلس. ومن بين البطائق ال45 الأولى كشفت لجنة الفرز فقط عن 8 بطائق ملغية سجل فيها اسم عبدالعزيز جباري المرشّح الذي أعلن انسحابه في وقت مبكر من بدء الجولة الانتخابية الثانية، وتعتبر لاغية لأنه لم يعد مرشّحاً. ويبقى السر في ما كتب في ال37 البطاقة الملغية.
منذ انتهاء الانتخابات بدأ النواب يتناقلون في ما بينهم ما كتب في البطائق بضحك. وعلى ما يبدو فإن مضمون ما كتب كان رسائل "كتلة مجلس التضامن"، بل وسائل فاضحة، لذا فقد فضّلوا التكتم على غالبية التعليقات، ولم يظهروا منها سوى الجزء اليسير.
وما ظهر من تلك التعليقات، وفقاً لعدد من النواب، كلمة "دماااار" بدلاً عن ذمار. وهي كلمة تحمل في باطنها عدداً من الرسائل المبطنة. فإلى كون المرشحين يتحدران من محافظة واحدة؛ ذمار، كان رئيس المجلس يحيى الراعي يردّ على منافسه، قبل أسبوع من الانتخابات -عندما كان (جباري) يطالب بتطبيق اللائحة وينادي هيئة الرئاسة بالنزول من المنصة لأنها أصبحت غير شرعية، قائلاً: "هذا الكرسي حق ذمار".
وإلى التعليق السابق، كتب 4 من النواب خلف بطائقهم. وأفاد نواب من لجنة الفرز، بأن عدداً من البطائق كتب فيها كلام غير لائق. وطبقاً لأعضاء اطلعوا على عدد من البطائق فإنهم رأوا اسم المرشح جباري مكتوباً بالخط الكبير يليه اسم المرشح الراعي مكتوباً بخط صغير لا يكاد يقرأ. وأضاف عدد من أعضاء لجنة الفرز أن بطائق أخرى كتب فيها كلمة "كارثة".
وترجم أحد النواب في الجلسة التالية للاقتراع ما عبّر به الراعي. وقال إن عدداً من البطائق الملغية وجدت فارغة ولم يكتب عليها إطلاقاً، أو كما قال الراعي "دبجها يابسة".
حقاً لقد حملت رسائل مبطنة كما فهم الراعي. فنسبة الرضا عن شخصية رئيس برلمان يطلب التمديد، أصبحت ضئيلة جداً إن لم تكن منعدمة، وإلا لماذا حصل نائبه حمير الأحمر على النسبة المرتفعة جداً مقابل الراعي. لكن ما ساعد الأخير على الفوز كان مؤثراً خارجياً: "إنها اتصالات الرئيس. ولولا أن النواب يحترمون الرئيس لما رشحوه"، وفقاً لجباري. ومعلوم أن الراعي يعلم هذا جيداً.

*******************************
 
جلسة حذرة تخلى فيها جميع النواب، باستثناء النقيب والهجري، عن زميلهم جباري
الراعي يتنكر لفضل جباري في عودته إلى المنصة من أول جلسة
الجلسة التالية ليوم الاقتراع، كانت حذرة بامتياز، وظهر فيها النواب كما لو أنهم واقفون على أطراف أصابعهم. بدا يحيى الراعي في أول جلسة له في الولاية الثانية، عابس الوجه، وعلى عكس حالته تماماً بدا نائبه حمير الأحمر بشوشاً ومتوجاً بنشوة الفوز.
قد يكون لهذا الأثر أسبابه، فقبل يوم فاز الراعي بمقعد رئيس المجلس بالكاد، خلافاً لحمير الأحمر الذي حصل على 187 صوتاً، ومن الجولة الأولى، وهو رقم يفوق ب23 صوتاً النتيجة المعلنة التي حصل عليها الراعي.
ومن مقدمة القاعة قام النائب عبدالعزيز جباري، المرشح الذي أعلن انسحابه قبل الجولة الثانية من الانتخابات، ليشارع على الخبر الإعلامي للنتيجة النهائية، وينتقد إغفال خبر "تقديم استقالته".
وأسف جباري من أن ينقل القائمون على الخبر الإعلامي في المجلس الخبر بتزييف للحقائق. واعتبر الهدف من نقل الخبر بتلك الصورة المشوّهة، "أي القول بأن الراعي حصل على 164 صوتاً وحصل جباري على 8 أصوات، مع إغفال خبر تقديم جباري لاستقالته"، من شأنه "التقليل من الآخر، وهذا كلام معيبـ".
وطالب هيئة رئاسة المجلس "بتصحيح المحضر الرسمي وأيضاً الخبر الإعلامي". معتبراً ما حدث "مصادرة لحق من حقوقه القانونية وتزويراً للحقيقة".
صمت كل النواب، ولم يتضامن مع جباري سوى عيدروس النقيب، رئيس كتلة الاشتراكي، والنائب الأبرز في كتلة الإصلاح عبدالرزاق الهجري. وبالرغم من حضور عدد من النواب البارزين، إلا أن غالبيتهم كان يخشى غضب الراعي، الذي لم يفق وقتها من صدمة النتيجة الأولى.
وقال عيدروس: أنا أعلم أن الأخ عبدالعزيز جباري قد انسحب قبل الجولة الثانية، لكني أستغرب أن محضر الجلسة لم يشر إلى أن الأخ عبدالعزيز قد انسحب للأخ يحيى الراعي، وأعلن بأنه سيصوّت للراعي. وهذا كلام غير صحيح.
نفى الراعي أن يكون جباري قدم استقالته، وردّ كشخص يريد الانتقام من خصمه: بالديمقراطية نزلنا القاعة وانتخبنا. وعبدالعزيز قدّم الانسحاب وقلت لن أقبل الانسحاب وأطلب إعادة الانتخابات. إذا قال المحضر، الذي وقعوا عليه زملاؤه أمس، إنه ظل مترشح فهو مترشح. وأضاف في لهجة ساخرة من منافسه: بيّض الله وجه من صوت لك ال8 الأصوات، وبيّض الله وجه من صوت لي.
ولفت عبدالرزاق الهجري إلى أن ما حدث أمس عملية إيجابية. واستنكر أن يأخذ البعض "كل شيء بالقِمْر". وأضاف: "لكن يبدو لي أن هناك من يريد أن نظهر بمظهر غير لائق".
وتطرق إلى ممارسة نواب لعملية التزوير تحت قبة البرلمان، واعتبرها "إساءة للتجربة وعملا قليل حياء وقليل أخلاق". وزاد: وما حدث أننا في المجلس التشريعي، نمارس التزوير إساءة لنا.
وأعلن عن تضامنه مع جباري قائلاً: أنا فعلاً ممن تألم للكلام لسماع ما بثته وسائل الإعلام بشأن تغييب انسحاب جباري". ووصف القائمين أو المشيرين بصياغة الخبر بهذا الشكل بأنهم: "دعاة فتنة ويريدون أن يحولوا المسألة إلى مسألة شخصية بين المرشحين ويشوهوا العملية الديمقراطية". وشدّد على ضرورة تعديل الخبر وكذا المحضر، وقال: "أنا الذي أعلمه وأشهد لله أن عبدالعزيز جباري أعلن انسحابه أكثر من مرة".
قاطع الراعي حديث الهجري وقال: "أمّا من زوّر فأنا وانته داريين من هم الذي زوروا ولمن ومن بيشتغل مع من".
كان مقترح النائب نبيل باشا جاهزاً للخروج من مشكلة التزوير، فقال: تغيرت قيم الناس، وهناك من يثير الوشاية، ونحن الآن بحاجة لتعديل نص لائحي كي نخرج من مشكلة التزوير ولا تتكرر مستقبلاً. وعقّب الراعي: "اللائحة لا نريد أن نغيرها، باقي لنا سنة والمجلس الجديد يجي يغير وإلا ما اشتهى".
بعدها كان جباري يرفع نقطة نظام، إلا أن رئيس المجلس اليوم، ومنافسه بالأمس، رفض إعطاءه الحديث متذرعاً بأنه تم التصويت على المحضر، بينما تحدث كافة النواب السابقين بعد التصويت على المحضر.
والسرّ الذي قال الراعي لعبدالرزاق إنهما يعلمانه ونجهله نحن: وهو من هو المزور؟ كيف تم دسها في صندوق الاقتراع؟ ومتى حدث ذلك؟ وكيف تغافل الجموع عنها؟ ووفقاً لبرلمانيين، فإن لجان التصويت والفرز كانت تصل إلى رئيس الجلسة جاهزة من رئيس كتلة المؤتمر، وعليه فقط أن يعلنها. وكان أعضاء كتلة المشترك قد رفضوا المشاركة في تلك اللجان دون الإفصاح عن سبب.
لم يسلم الراعي على منافسه حتى اليوم، وبدأ يتعامل معه بغلظة وقسوة. وكأنه الخصم اللدود.