النظام العربي مشارك في حرب الإبادة ضد فلسطين!

آثار الخراب والدمار في غزة جراء القصف الاسرائيلي ( شبكات التواصل)
آثار الخراب والدمار في غزة جراء القصف الاسرائيلي ( شبكات التواصل)

إن السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، هو تأسيس سياسي كفاحي تاريخي لمرحلة نوعية جديدة، انتقالة من تاريخ سياسي إلى آخر.. انتقالة غيرت رؤية الفلسطيني والعربي لنفسه وللآخر، بل وبدون أية مبالغة، غيرت في الرؤية العالمية، تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه أشياء كثيرة، ولذلك يجمع كل القادة الصهاينة من أنه لا خيار أمامهم في هذه الحرب التي أعلنوها ضد الشعب الفلسطيني سوى "الانتصار/ بحرب الإبادة" أو بتعبير أدق "الانقضاض" على الشعب الفلسطيني في صورة "تطهير عرقي"؛ باتجاه اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وإعادة استيطان فلسطين ثانية بالكامل عبر التهجير القسري "نكبة ثانية".

إن ما يجري حقيقة، وكما يعلنها القادة الصهاينة صراحة، هي حرب وجود وبقاء، حرب حياة أو موت، بالنسبة لهم، إما نحن المستوطنين والمحتلين، أو هم أصحاب الأرض، وتؤيدهم بشكل علني وفاضح الإدارة الأمريكية، وحتى بعض دول أوروبا، وبصمت فاضح وعلني من النظام السياسي العربي الرسمي يصل حد المشاركة في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، لأنهم بصمتهم لا يمررون الحرب فحسب، بل يشرعنونها ضمنيًا. يكفي هنا أن جنوب إفريقيا هي من تبادر لرفع قضية ضد الكيان الصهيوني، أمام "محكمة العدل الدولية"، وليس "جامعة الدول العربية"، لمحاكمة الكيان الصهيوني، بقيامه بجريمة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، والنظام السياسي العربي كله صامت وخانع! فهل بعد ذلك من خذلان وهوان، وشرعنة لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وكأن دولة جنوب إفريقيا أرادت بذلك، القول بأن النظام السياسي العربي الرسمي مشارك فعليًا بجريمة حرب الإبادة بذلك الصمت، الذي يعني ضمنيًا الموافقة على كل ما يفعله الكيان الصهيوني بالشعب الفلسطيني.

إن النظام السياسي العربي لم يدرك أنه بصمته مشارك في قتل ومحاولة اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، على أن الأسوأ هو أنهم لم يستوعبوا أن وجودهم نفسه كنظام، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، أصبح مهددًا وفي دائرة الخطر، فسهم تفكيك وتدمير المنطقة العربية قد انطلق ولن يعود إلى قوسه، إلا بانتصار القضية الفلسطينية، وليس تصفيتها كما صورها لهم عقلهم السياسي الخانع والتابع.

إن أمريكا والكيان الصهيوني من بعد السابع من أكتوبر، دخلوا مرحلة إدارة المعركة ضد الفلسطينيين سياسيًا وعسكريًا بعقلية الصراع والحرب "الصفرية"، ولذلك تجمع أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني بالقول إنهم أمام معركة بقاء ووجود، ولا خيار أمامهم سوى تصفية و"اجتثاث" منظمة "حماس" من غزة نهائيًا، وهذا الخطاب يذكرني بالحرف، بخطاب الأمريكان والبريطانيين، بذريعة أسلحة الدمار الشامل، التي سبقت غزو واحتلال العراق، وبضرورة "اجتثاث البعث"، وهم كانوا عمليًا يجتثون ويفككون ويدمرون الدولة العراقية، تمهيدًا لإخراج العراق من المعادلة الوطنية والقومية، ولفرض نظام "المحاصصة الطائفية".

إن النظام الصهيوني، بالدعم الأمريكي غير المحدود، إنما يحاولون اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، تمهيدًا للتأسيس لـ"النكبة الثانية"، ولذلك يرفض الرئيس الأمريكي "بايدن" مطلقًا إيقاف الحرب، حتى لدواعٍ إنسانية، وعرقلة ذلك باستخدام "الفيتو" ضد قرار "لمجلس الأمن"، وضد قرار "للجمعية العامة للأمم المتحدة"، قرار صدر بالغالبية العظمى (١٥٣ دولة)، وفي المقلب الآخر الأوروبي يدعو الرئيس الفرنسي ماكرون لإنشاء و"تشكيل تحالف سياسي وعسكري أوروبي ضد حماس"! وكأن حماس دولة عسكرية ونووية عظمى، هكذا يعلنونها بأنهم أمام صراع وحرب وجودية (إما نحن الصهاينة، أو الشعب الفلسطيني)، ولا يقول النظام السياسي العربي التابع كلمة حق سياسية أمام وحشية وجنون ولاعقلانية مثل هكذا خطاب!

نجد أنفسنا تجاه هكذا سلوك وخطاب أمام لاعقلانية، تفتقر للحد الأدنى من الضمير الأخلاقي والإنساني، ومن المعقولية التاريخية، منطق تفكير استئصالي عنصري إقصائي لا مثيل له في تاريخ الفكر السياسي والإنساني، إلا في صور "النازية" و"الفاشية"، و"نظام الأبارتهايد"، وكل ذلك يتم إعلانه باسم "الديمقراطية" و"المدنية" و"الحداثة" و"حقوق الإنسان"، وفي محاولة جريئة ووقحة لإعطاء المستعمر، والمحتل حق الدفاع عن نفسه! وهي رخصة لقتل الفلسطيني المحتلة أرضه، وهو ذاته ما كرر ترديده محامو الدفاع عن الكيان الصهيوني، وبكل صلافة، أمام قضاة محكمة العدل الدولية، أمس.
لا معنى سياسيًا وعمليًا لكل ذلك سوى رفض لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفقًا للقرارات الدولية، حقه في بناء دولته الوطنية المستقلة في حدود الرابع من حزيران/ تموز ١٩٦٧م، الحق الذي يرفضونه جذريًا، ولا يقبلون به إلا على مستوى الخطاب الإعلامي والإعلاني، وهو الحق المطلق الذي أعطته الشرعية والقرارات الدولية، للشعب الفلسطيني، وهو ما يجعلهم يقولون في واقع الممارسة، إن حربهم ضد الشعب الفلسطيني هي حرب وجودية، "صفرية"؛ إما نحن أو هم.. حرب ضد أصحاب الأرض والسكان الأصليين، وليس شعار وخطاب "حل الدولتين"، الذي يكرره الرئيس "بايدن" على مسامعنا، سوى ذر للرماد في العيون.. شعار للاستهلاك السياسي المحلي والإقليمي والدولي، حتى يستكمل الكيان الصهيوني فرض "دولته الدينية" تحت الغطاء "القومي الصهيوني"، التي تقطع يوميًا وعمليًا الأرض الفلسطينية إلى مناطق جغرافية، وديمغرافية مبعثرة لا تصلح حتى "للحكم الذاتي"، وبدون أية صلاحيات، وكأننا أمام مناطق استيطانية فلسطينية مبعثرة في قلب "دولة دينية صهيونية قومية"، دولة للمستوطنين، وصولًا -حسب مشروعهم الصهيوني الديني والقومي والطبقي- إلى تقسيم وتفكيك أوصال المنطقة العربية كلها؛ من مصر إلى الأردن، إلى لبنان، إلى سوريا، إلى العراق، وصولًا إلى السعودية.

إن أول أبجديات ومبادئ "حل الدولتين"؛ هو أن القدس الشرقية، هي عاصمة الدولة الفلسطينية، ومع ذلك لم يتجرأ الرئيس "بايدن" على النطق بذلك، وممارسة هذا المعنى في الواقع، بل هو يكرس ويرسخ يوميًا تحويل "القدس الشرقية"، إلى عاصمة أبدية لدولة الكيان الصهيوني.. فعن أي "حل الدولتين" يتحدث الرئيس "بايدن"!
هذا هو المخطط الذي يفسر ويشرح المعركة والصراع الوجودي "الصفري" الذي تعلنه أمريكا، والكيان الصهيوني، كلًا بطريقته وأسلوبه الخاص، لتفكيك وتدمير كل المنطقة العربية، بذرائع مختلفة، ومنها بذريعة مكافحة الإرهاب "الحماسي الداعشي"! فعلى من تنطلي هكذا سياسة وخطاب؟!

ولا تكف أمريكا عن تهديد الجوار العربي المحيط بالقضية الفلسطينية، وتحديدًا ما يسمى "محور المقاومة"، من التدخل لصد العدوان الجاري على الشعب الفلسطيني، لأن ذلك يعني توسيعًا لنطاق الحرب الجارية، وهي الحرب المصيرية والوجودية ضد أطفال ونساء ومدن الشعب الفلسطيني.. حرب على المستشفيات، والطواقم الطبية؛ وقتل عشوائي للمدنيين، وتدمير لكل البنية التحتية، حتى الآبار والألواح الشمسية، حرب ضد الصورة الكاشفة والموثقة لحرب الإبادة، والتطهير العرقي، في صورة اغتيالهم للعشرات (١٠٩)، من الصحفيين، ومع كل ذلك لا يكف الإعلام الغربي الاستعماري والصهيوني عن تصوير الشعب الفلسطيني في صورة "حماس"، من أنها المعتدية والإرهابية! ومن أن جيش الكيان الصهيوني في حالة دفاع عن النفس!
نحن حقًا وصدقًا أمام واقع خرافي، "فانتازي"، لاعقلاني في الفكر والممارسة.

وكأن العالم لا يرى ما يجري؛ مع أن القتل مشهدي وعلني وفاضح؛ قتل أمام عدسات وشاشات التلفزة العالمية؛ والاحتجاجات الجماهيرية العالمية تغطي شوارع ومدن العالم كله؛ احتجاجات تجري وتتم على مقربة من البيت الأبيض، وبجانب منزل الرئيس، بايدن؛ وأمام مصانع السلاح الأمريكية التي تقتل الشعب الفلسطيني.. احتجاجات شملت كل أوروبا، بل كل العالم.

فهل هناك أكثر من ذلك انحيازًا "للفاشية" و"العنصرية".. تتدخل أمريكا، بسلاح "الفينو"، وبأساطيلها وبوارجها وغواصاتها النووية؛ وبجنودها ومستشاريها؛ وبالدعم اليومي بجميع أصناف الأسلحة الفتاكة والمدمرة، التي تقتل في كل لحظة الشعب الفلسطيني، وتطالب العالم بألا يتدخل؛ بل إن أمريكا تناصب العداء المؤسسات الدولية كلها؛ من "مجلس الأمن"؛ إلى "الجمعية العامة للأمم المتحدة"، وهيئات حقوق الإنسان؛ بل حتى المنظمات الدولية الصحية والإغاثية والإنسانية والحقوقية؛ كل ذلك والنظام السياسي العربي الرسمي صامت؛ وكأن في فمه ماء التبعية يمنعه من استخدام العشرات من أوراق الضغط التي بيده (النفط والغاز، والموقع، والمصالح، والقواعد العسكرية)، والتي لم يتجرّأ حتى على التلويح اللفظي بها!

إننا أمام منطق سوريالي استعماري جديد، يريد تحويل عنصرية ونازية الأمر الواقع الصهيوني إلى حقيقة يجب أن تتكرس كواقع بديل. إنهم عمليًا إنما يحاولون تصفية واجتثاث القضية الفلسطينية من جذورها؛ وكأننا أمام عملية استيطانية إبادية لشعب من أرضه.. نظام فصل عنصري (أبارتهايد) بالصوت والصورة؛ ولذلك يعتبرون حربهم ضد الشعب الفلسطيني، حربًا وجودية "صفرية"؛ قاتلًا أو مقتولًا.
كانوا يقولون بعد أن تم توقيع اتفاق "أوسلو" المهين والمذل، وهم يدمرون منطقة "جنين" وغيرها من الأحياء والمناطق الفلسطينية، إن الرئيس ياسر عرفات هو العقبة الحقيقة أمام "السلام"؛ وأنه بذهابه ستدخل القضية الفلسطينية إلى "السلام المستدام"؛ وإلى "حل الدولتين"؛ ولذلك كان قرار التخلص من ياسر عرفات بالسم؛ ومايزال الاستيطان والعدوان و"الإحلال" جاريًا على قدم وساق؛ وصولًا إلى ما يجري اليوم من حرب إبادة، وتطهير عرقي؛ ومحاولات لا تتوقف للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة، بل حتى من الضفة الغربية؛ وكأننا أمام هندسة حربية "لنكبة ثانية"؛ ومع ذلك لم يتحرك النظام السياسي العربي التابع سوى خطوات أكثر للخلف، مكتفيًا بالشعارات السياسية المجردة التي لا تقول شيئًا له معنى سوى شرعنة لتصفية القضية الفلسطينية، حتى إنهم لم يلوحوا مجرد تلويح لفظي باستخدام سلاح النفط والغاز.

إن المشكلة الحقيقية ليست في أمريكا وأوروبا، ولا في الكيان الصهيوني؛ المشكلة والأزمة كامنة داخلنا نحن.. أي في النظام السياسي العربي المأزوم والتابع، الذي لولا صمته لما تجرأ وتمادى الكيان الصهيوني في ممارسة هذه العدوانية الوحشية والإبادة الجماعية لشعب بأكمله، وأمام شاشات التلفزة العالمية!
إن النظام السياسي العربي برمته؛ وتحديدًا أنظمة "التطبيع الإبراهيمية"، متواطئون ومشاركون في صناعة كل هذه المجازر؛ تلكم هي الحقيقة التي لا يريد البعض من المتعاطفين مع الأنظمة العربية المتصهينة، أن يقولوها ولو بالخطاب الموارب؛ فقط نقد إيران -وهذا حقهم السياسي- إيران التي تبحث عن مصالحها السياسية، و"هيكليتها المذهبية/ الطائفية"، والقومية؛ أمام فراغ سياسي كبير ترك النظام السياسي العربي للأطراف الخارجية أن تملأه؛ كلًا على هوى مصالحه الخاصة، من إيران إلى تركيا حتى الكيان الصهيوني.

وهنا تكمن المشكلة في نشر وتعميم خطاب الصمت والتبعية لشرعنة ما يجري على الأرض الفلسطينية.. كانت البداية في إعطاء النظام السياسي العربي للكيان الصهيوني مدة أحد عشر يومًا قبل انعقاد القمة العربية الاستسلامية الهزيلة، وهي المهلة التي توقع وتصور النظام السياسي العربي، أن الكيان الصهيوني سينجز خلالها مهمته في تصفية القضية الفلسطينية، دون ضجيج سياسي وإعلامي، وخاب فألهم وظنهم في تقدير قدرة المقاومة الفلسطينية الباسلة على الصمود، وفي الدفاع عن نفسها، وفي قدرتها على تكبيد الكيان الصهيوني خسائر عسكرية ومالية واقتصادية وبشرية باهظة.. في وقت كان رؤساء العالم اللاتيني، والإفريقي، وجنوب إفريقيا تحديدًا، وحتى بعض الدول الأوروبية، يعلنون قطع علاقاتهم السياسية والدبلوماسية مع الكيان الصهيوني؛ وأنظمتنا العربية التابعة والمتصهينة، مشغولة ومهمومة بتوفير شروط إفلات الكيان الصهيوني من المساءلة ومن العقاب، حتى لا يقفوا ويقعوا في موقف محرج أمام شعوبهم، وأمام العالم.. وقد ضاعفت دولة جنوب إفريقيا، ورئيسها وحكومته، في إذلالهم!

إن السابع من أكتوبر، لم يسقط ونهائيًا الدور الوظيفي السياسي، والأمني، والعسكري للكيان الصهيوني فحسب، بل أسقط دور أمريكا كوسيط غير نزيه، بل مشارك فعليًا في قتل الفلسطينيين، بل أكثر من ذلك كشف السابع من أكتوبر 2023م زيف شعارات مفاهيم "الحداثة" و"المدنية" و"الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، التي يتشدق بها النظام الاستعماري الغربي، الذي يطبق مبدأ الكيل بعشرة مكاييل، أمام وحشية وعنف النازية و"الفاشية العنصرية للصهيونية" التي يقعون ويقفون في القلب منها، تحت شعار وغطاء حق المحتل/ المستعمر في الدفاع عن نفسه أمام الضحية المحتلة أرضه، فمتى كانت القوانين الدولية تعطي المستعمر والمحتل، حق الدفاع عن نفسه، في صور حروب إبادة علنية، وجرائم ضد الإنسانية؟!

نحن أمام شعب أعزل ومحاصر ومحتل يدافع عن نفسه بأبسط الوسائل البدائية في القتال، وينتصر على كل الآلة الاستعمارية الصهيونية بإرادته الحرة المستقلة.

والسؤال: متى كان قصف المستشفيات المخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، دفاعًا عن النفس؟! متى كان قصف الكنائس والمساجد، والمناطق الأثرية التاريخية، دفاعًا عن النفس؟! وأي قانون يجيز ذلك؟! ومتى كان حصار الشعب المستعمر/ المحتلة أرضه، من الغذاء والماء والدواء والكهرباء والوقود، دفاعًا عن النفس؟! ومتى كان استخدام الأسلحة المحرمة دولية دفاعًا عن النفس؟! باختصار متى كانت حروب الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، دفاعًا عن النفس؟!
إن التراجعات الحاصلة في مواقف النظام السياسي والعسكري الرأسمالي تجاه الحرب الوحشية ضد الفلسطينيين، إنما كانت بفعل الضغط الشعبي والجماهيري العالمي؛ الذي أجبر حكومات اليمين الرأسمالي المتصهينة على التراجع النسبي في دعم الوحشية الصهيونية؛ بعد أن أكدت المقاومة الفلسطينية قدرتها الكفاحية الفائقة ليس على الدفاع عن نفسها فحسب؛ بل في تكبيد "الجيش الصهيوني الذي لا يقهر"، خسائر فادحة في الأرواح وفي الاقتصاد.

إن الكيان الصهيوني، كما قال هيكل: لا يحتمل هزيمة كبيرة، فتلك بداية نهايته، والسابع من أكتوبر، هي بداية النهاية لهذا الكيان.

إنها معادلة تفاؤل الإرادة حين تهزم تشاؤم الفكر "العقل"؛ وانحطاط الواقع، حسب تعبير هيجل.
وهنا تكمن أزمة النظام السياسي العربي التابع، الذي يعيش أزمتين مركبتين؛ أزمة تشاؤم فكره وعجزه وسقوطه الوطني؛ وأزمة انحطاط واقعه السياسي والاقتصادي المأزوم، الذي صنعته ورسخته عقود طويلة من "الاستبداد التاريخي"، ليستمر في الحكم رغمًا عن الإرادة الشعبية، وعلى حساب السيادة، والاستقلال الوطني.