تصحيح مسار الادارة والسياسة

اي قيادة جديدة للبلد تنبع من وسط الناس او تاتي عبر مسار التسوية الشاملة، عليها ان تضع نصب اعينها امرين مهمين، تصحيح مسار الادارة والسياسة، التي سارت عليه البلد منذ عقود، لاسيما منذ 2012 مرورا ب2105 وحتى اليوم.

في الادارة لا شي ثابت كما هو في السياسة، فالدول والأمم حينما تصل الى طريق مسدود وتداهمها مخاطر الفشل والتفتت والتمزق تهرع الى التصحيح والتغيير من منطلق وطني، ومن الغباء ان تستمر بنفس الوضع والاداء في نوع من الغرور والمكابرة او الاستسلام للخارج الذي لا يرى وسط هذا الحطام والفوضى الا مصالحه على حساب مصالح الاوطان والشعوب.

الادارة فاشلة بامتياز، وهي التي انتجت كل هذا الخراب والركام والفقر والجوع، وتنامت في ظلها المخاوف من المستقبل المجهول، لان فشل الادارة يعني فشل التنمية والاقتصاد، وتوقف مستوى النمو، واتساع رقعة الفقر والبطالة والارهاب،وضعف اجهزة الدولة الرقابية، وبروز جماعات النفوذ والمصالح السياسية والاسرية والقبلية المستفيدة من نهب المال العام ومن مقدرات الدولة، وفي هذه الحالة يبدا الصراع وتندلع الحروب التي تقود البلد الى الانقسام والتفتت والتمزق الذي سيغرق الجميع في ضياع وفوضى لا نهاية لهما.

بدون ادارة وطنية وكفوة ومؤهلة، لن تستطيع البلد تجاوز عقبة المخاطر وشبح التفكك الذي يراد لنا ان نقع فيه بفعل فاعل خارجي وداخلي، لم يحسب حساب ان هذا التفكك والتشرذم الذي تم هندسته منذ سنوات سوف يكون وبالا على الجميع، ولن ينجو منه احد، بما فيهم اصحاب الحصون والبروج المشيدة.

في السياسة البلد بحاجة الى تغيير سياساتها في التعامل مع الخارج وفق المصالح الوطنية للبلد والشعب، وليس وفق المصالح الذاتية للنخب السياسية والحاكمة، سياسة الانبطاح اغرقت البلد في الحروب والصراعات والازمات، وعطلت مقدرات البلد وامكاناته الاقتصادية الهائلة، التي لو تمسكنها بها واعتمدنا عليها، لما لحق بالنخب كل هذا الذل والهوان، والذي لم تشهد له اليمن مثيلا في التاريخ منذ غابر القرون.

ما الفائدة اذن من تسوية سياسية شاملة سوف تنتج نفس الوجوه والنخب والادوات التي هي السبب فيما تعانيه البلد والشعب جنوبا وشمالا؟ ما هو الجديد الذي يبعث على الأمل في التصحيح والاصلاح والبناء ان كنا نواصل عملية الانبطاح وغير قادرين على تغيير التوجهات السياسية الخارجية السلبية في التعامل مع البلد بكل ما فيه؟

على الذين يستلمون مرتباتهم وامتيازاتهم المالية من الخارج، وفوقها يستلمون المشاريع والتوجيهات، نقول ان حركة التصحيح في الدولة والمجتمع لاتاتي من الخارج، لان من يخرب ويفسد لا يمكن ان يصلح، ومن يهدم لا يمكن ان يبني، ومن يصنع ويزرع الباطل لا يمكن ان يكون مع الحق، لذا اذا لم تكن حركة التصحيح لمسار الادارة والسياسة نابعة من الداخل ومن حاجة البلد والشعب، فلا يمكن ان تنجح او يكون لها تاثير بين الناس، كما ان البناء للمؤسسات والوطن المحطم ان لم حاجة وطنية وانسانية قبل كل شي لن يكون هذا البناء مثمرا وايجابيا، ولن تستطع الاجيال القادمة الاستفادة منه كما ينبغي.

ادارة الاوطان والشعوب بالازمات كمثل الذي يلعب مع السلاح او يراقص الثعبان، فاما ان يقتل بسلاحه او يلدغه الثعبان، لان التاريخ يكشف لنا ان الشعوب والاوطان لا تستسلم مهما حدث لها من مكر وكيد ومؤامرات، وهي على مر التاريخ وتقلباته بين الخير والشر تبقى حية تقاوم بكل الوسائل، فلاتستهينوا بالاوطان والشعوب ولا تمعنوا اكثر في التدمير والخراب، فالعودة الى جادة الصوب والى الحق فعل حميد يباركه الله من فوق سبع سماوات، والله الموفق والهادي الى سوا السبيل.