العقد الفريد

العقد الفريد ذي قيمة ودلالة تاريخية تخدم ظرفًا طارئًا على حياتنا
العربية الراكدة تمامًا، كما كان عقدًا فريدًا عند صياغته.
ما هي دلالة الفرادة هنا؟ ومن صنعها وصاغها؟

العقد الفريد في فرادتها التاريخية، كتاب لغوي قيم كتبه العلامة ابن عبد ربه الأندلسي، عام 328 هجرية.
مع فارق الزمن وما جرى تحت النهر من مياه غيرت ما غيرت، تظل للأشياء التي شكلت أو تشكل ضمن السياق فرادة في المعنى وفي الجوهر، بل إنها تذهب أبعد مما يقال لكل فعل رد فعل، لكن الأمر هنا يذهب أبعد من بعيد!
هنا تكمن القيمة التاريخية للعقد الفريد، فحين صاغه صاحبه جوهرة سحرت حينها أرباب اللغة، وحركت أذهان الحكاة.. عقد فريد لفت أسماع من كان بعيدًا أو قريبًا، ليسمع ليقرأ كل الحكم والأشعار والأمثال ضمن ذلك العقد كما صاغه صاحبه وأبدعه، مما جعل من العقد الفريد حلة يرتديها الزمان بتقلباته، ويقبلها، ويقبل عليها مع مرور الأيام، يقبلها حكمًا، أمثالًا، أبيات شعر، تهدي السبيل. تلك فرادة العقد الفريد الذي ظل محافظًا على رونقه مع تحولات وتغيرات الظروف والمكان والزمان، مكن للعقد مكانة وقيمة منحتها الفرادة على حيازة مكانة وقيمة تحظى بالإقبال عليها زادًا للعقول استيعابًا ونفعًا، لأن العقل الراسخ فعلًا يدرك معنى الفرادة، يميز الفريد من غير الفريد الذي سيظل خارج المقارنة... إن لم تكن جل عناصره من عناصر الفرادة والإبداع، تلك التي تجذب وتلفت الأنظار أولًا، وثانيًا تشكل حالة من الفرادة تطغى على ما كان سائدًا، وثالثًا أثره يقلل الموازين رأسًا على عقب، تمامًا كما قلبت المقاومة الفلسطينية بغزة ميزان المعركة رأسًا على عقب، كانت مفاجأة لمن كانوا يغطون في نوم عميق لذيذ، ذاقوا مرارته القاتلة صبيحة السابع من أكتوبر 2023. مفاجأة العصر كما صاغتها غزة بعقدها الفريد.
ابن عبد ربه الأندلسي حين رمى بعقده الفريد لمن يريد أن يصير صاحب رأي سديد، يصنع على الأرض فعلًا، على الأرض عقدًا فريدًا، كما صاغه صاحبه. هذه الفرادة بعينها أبدعها عقل غزة بالضبط. إنه العقل الذي ازداد نضوجًا ومعرفة ومكرًا ودهاء. الحرب خدعة. بات عقلًا قادرًا على الإبداع خارج سجون العذاب لشعب عانى الأمرين كما عانى شعب فلسطين... شعب لم يقتله اليأس.... ظل ثابتًا صامدًا، ظل يحمل حلم استعادة وطن، حلم شعب له حق أن يعيش حرًا على أرضه. هكذا صنعت فلسطين غزة، مقاومة وشعبًا، عقدهما الفريد من طراز يقرأ الأمور والسياسة وخدع الحروب خارج الانتظار المميت المفروض عليها للبقاء داخل الصندوف.
بات قادرًا على التفكير خارج الصندوق
نعم نقولها بملء الفم:
العقد الفريد
صناعة شعب الجبارين
هم شعب فريد صنعته المعاناة.
أعادوا قراءة تاريخ الصراع. اعتمدوا على رهان العقل الإرادة. لم يقعوا تحت مظلة الهزيمة التي تقول الخروج من نفق الهزيمة مستحيل. لم يقتنعوا بحكايات ليل القهر. يشدهم للخلف، يكسر عزيمتهم بقوة لشمشون التي لا تقهر.
قرأوا جيدًا جوهر العقد الفريد بلغة العصر، تلقفوا حكمة من صاغوه زمان. هم حينها حين أعملوا عقولهم سندًا لقوة الفعل، حكموا الأندلس.. وحين ضلوا السبيل، ضاعت الأندلس.. لكن لن يضيع العقد الفريد لمن يريد احترام العقل، لمن يمتلك الإرادة، لمن يلعب داخل النية الساذجة، فما لدى الغير لديه منه الأكثر، بل أكثر بكثير... ماذا نقرأ ثم متى وكيف نقرأ؟
كيف نفهم العقد الفريد؟!
يظل هذا هو السؤال والجواب، يقدمه من يريد أن يصير فريدًا، متجاوزًا ما يقال عن اختلال موازين القوى لصالح العدو، وغيرها من عوامل الإحباط، ليسود العق الخمول واللقاء بركن الجامع، ندعو الرحمن نصيرًا نصرًا مبينًا، إنما عقلنا خامل ليس بمكوناته ذرة من مكونات عقل عقد فريد.. هنا بداية الطريق للعقد الفريد.
هي ذي الحالة التي فكر بها العقل الفلسطيني المفكر المناضل المقاوم الذي تجلى إبداعُا ليصوغ إبداعًا يخالف المألوف، يحلق في الفضاء، إنجازُا.. خدعًا.. إظهارًا لشيء خارج المألوف، بعيدًا عن حالة الخوف والسكون بعيدًا عن تاليه شيلوك... شيلوك ليس آتٍ من خارج البشر، هو صناعة لعبة السوق، يسبق يسابق الزمن، حين ينام الآخرون على وسائد الأحلام.
هي ذي عبقرية العقد الفريد لغزة شعبًا ومقاومة... عبره استوعبت دروس التاريخ.. سدت ثغراته.. قلبت صفحاته، لم تخطئ ما بين الفواصل والسطور.. رتبت لساحة المعركة.. درست نفسية شيلوك، غروره، وتعاليه.

واستوعب جيدًا نقاط ضعفه، نقاط قوته، وصولًا لكيفية صياغة المفاجأة، مفاجأة العقد الفلسطيني... الفريد.
عبقرية تدمير خط بارليف.. لحظة امتلاك العقل العربي، عقله، إرادته، إصراره... عناصر عقد فلسطيني جديد صنع بغزة المعجزة، المفاجأة... مفاجأة العقد الغزاوي الفريد.
على خطى جمال حمدان... قرأت غزة عبقرية المكان الزمان، وكانت معجزة 7 أكتوبر 2023.. معجزة، مفاجأة عقد فريد... أخرج دولة الكيان عن طورها، لقنتها درسًا لا ينسى، صنعت حدثًا غير مسبوق، دحضت مفهوم إسرائيل دولة لا تهزم... لكنها هزمت في لحظة فارقة... بعدها هرعت كالجرذ المهزوم تطلب النجدة ممن أنشأ ومول ودعم هذا الجرذ اللعين... وها هو معه يصول يجول أساطيل وزراء زعماء.. وغزة صامدة... العالم لأجلها يعيد الحسابات، كيف المصير لما بعد غزة؟! ها هم يتوافدون يفركون الأصابع، يخططون بين متهالك.. متحفز... ها قد بدأ منسوب المياه تحت أقدام من يخططون لمخرج يحفظ ماء الوجه أمام صمود منظمة، وليس دولة، ها قد بدأ الشهيق الزفير.
ها هي دولة الاحتلال تحارب داخل الأراضي المحتلة، لا كما كانت تتوسع وتستولي... بدأ مسلسل الانكسار تراجعًا... رويدًا رويدًا عن موقع الإملاء... غزة صامدة تحارب.. تقاتل... تدافع بعقدها الفريد، والسادة المستمعون لما يطلبه سوق الرهانات يلوكون تحت ألسنتهم بصوت متلاعب كذوب...
نهاية حكم حماس
ضرب معاقل المقاومة
قوات دولية مزدوجة الجنسيات على غرار ما كان مازال قائمًا بعيد اتفاق كامب ديفيد.
انتهى زمن بقاء المارد سجينًا بقمقمه، بات طليقًا مالكًا عقلًا نظيفًا... إرادة فولاذية من حديد... وفوق هذا وذاك قد بات طليقًا يقرر، يرفض ما يطرحون من شروط بعد إنجازه صياغته عقدًا فريدًا... عقدًا فريدًا... فاجأ العالم، وفي مقدمه دولة الكيان..
انتهت لعبة الكون كان في ملاهي هوليوود... ملاهي شيلوك اللعين.
بات مهزومًا أحرقت غزة... أكاذيب بروتوكولات حكماء صهيون، والآن يعرض على الشاشات فيلم لطفل يقاوم، لشعب غير كوفية اللاجئ المقاتل امتلك عقلًا صاغ للعالم
عقدًا فريدًا!
مفاجأة هزت العالم من بيته الأبيض... لعشرة دواننج ستريت بلندن.
إنها مفاجأة أيام فلسطينية هزت العالم كما هزته ذات يوم عام 1917، مع اختلاف المؤلف والزمان والمكان.