هتـ ـلر اليهودي

هتلر اليهودي
هتلر اليهودي - علي محسن حميد

لا مبالغة في أن ما يفعله بنيامين نتنياهو من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وليس ضد الفلسطينيين وحدهم سبقه إليه أدولف هتلر في ألمانيا النازية (1939-1945). الحركة الصهيونية التي تعاونت مع النازية، وغضت الطرف عن جرائمها ضد اليهود، لم يسجل لفرعها في المانيا اعتراض على قتله لليهود بالغاز أو بالتجويع في معسكرات الاعتقال في ألمانيا وبولندا وبلجيكا، لأنها كانت تريد ان يُجبر من يبقى منهم حيًا على الهجرة إلى فلسطين لإقامة دولة غير مشروعة لهم فيها. كانت الحركة الصهيونية قلقة جدًا من فشل مشروعها الاستعماري في فلسطين، وكان ديدنها هو أن الغاية تبرر الوسيلة. سارت دولة الاحتلال على هذا النهج في تعاونها الشامل مع دولة الأبارتهيد في جنوب افريقيا وكل الأنظمة الديكتاتورية في قارت الجنوب الثلاث. إعترف الإرهابي إسحق شامير اعترف في مذكراته بهذه الحقيقة، ثم حذفها في الطبعة التالية

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي 18 أكتوبر 2023 (لقطة شاشة من فيديو لGPO)

أما نتنياهو فيشبه مثله الأعلى هتلر في العديد من السياسات، ومنها العنصرية، واحتقار كل الأجناس الأخرى، الأغيار، Gentiles، بدون استثناء، بمن فيهم الأمريكيين والأوروبيين، والانعدام الكلي للحدود الدنيا للإنسانية والتوسع الخ... هتلر اليهودي لا ينقصه سوى الشارب القصير والبدلة العسكرية والصليب المعقوف وقليل من المكياج. من حيث المظهر، أما من حيث الجوهر فهو في وحشيته ودمويته وانتهاكه للقانون الدولي الإنساني، صورة طبق الأصل لسلفه هتلر الألماني. ارتكب هتلر المحرقة “الهولوكوست” بدم بارد، وكذلك يفعل نتنياهو. يشكك كثيرون بدقة أرقام المحرقة بالنظر إلى عدد اليهود وقتذاك، وبحسب رقم متواضع ذكره حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية آنذاك، في مذكراته، ثم رفعه إلى ستة ملايين في نفس المذكرات. يتساءل مجرد التساؤل عن دقة الرقم، فالقوانين الغربية له بالمرصاد. الرقم الذهبي، ستة ملايين الستة مليون أصبح مقدسًا ويعلو على الأنجيل وكل القيم الديمقراطية التي لا تنطبق علينا نحن الأغيار الملونين.
وما نعلمه بالكلمات والأصوات، والصور قريبًا، أن هتلر الجديد يريد استخدام الغازات السامة في أنفاق غزة، وهو نفس ما فعله هتلر ضد اليهود في معسكر أوشوتز وغيره. من قال إن التاريخ لا يكرر نفسه، وإذا فعل فمهزلة، كان مصيبًا في حينه، لأنه كان يتحدث عن أفعال بشر سويين وكيانات طبيعية، ولم يكن يتوقع فظاعة الجرائم التي يرتكبها كيان غير طبيعي، هو النازية الجديدة التي ترى بدعم كامل من واشنطن أنه فوق القانون.
التجويع والحصار الشامل مع القصف الجوي الذي لم يتوقف لأكثر من ثلاثة أسابيع سياسات وأفعال نازية. وقد رأينا صورًا لليهود من رجال ونساء وأطفال وكبار في السن، وهم جلود على عظام نتيجة تجويع هتلر الأول لهم، وحرمانهم من كل الخدمات التي تليق بالبشر،

وقد وثقت ذلك أفلام عديدة أشهرها “قائمة شيندلر” أرتنا صورًا بالأبيض والأسود لفظاعة هتلر الأول ولا إنسانيته. هتلر الثاني لا يختلف ولن يرعوي، إذا لم يهب ما يسمى “المجتمع الدولي” لشل حركة إسرائيل، وتجريمها، وتهديدها بالعقوبات والعزلة وقطع العلاقات الدبلوماسية، وإلا فإنها ستتمادى لاستغنائها عن العالم كله، واكتفائها بالتأييد الأمريكي المفتوح، وبالمشاركة الأمريكية الفعلية تخطيطًا وتنفيذًا وتسليحًا في الحرب على غزة، وفي حصارها.

 

دور عربي لابد منه:

ومن باب التمني، يا ليت تقوم الدول العربية التي أقامت علاقات مع دولة الاحتلال، بالتهديد بتجميد علاقاتها بإسرائيل، كخطوة أولى قبل قطعها إذا لم يوقف هتلر الثاني جنونه. أعرف خطورة ذلك على علاقات هذه الدول بأمريكا وبالغرب كله، وعلى مصالحها واستقرارها، ولكن ليجتمع قادتها أولًا للتهديد بأنهم جادون في إعادة النظر في علاقاتهم بدولة الاحتلال إذا لم تعلن فورًا وقف غاراتها وإنهاء حصارها الشامل لشعبها، وتدعو مجتمعة إلى مؤتمر قمة عربي يدعمها سياسيًا وماليًا، ويرفض دعوة هتلر اليهودي لتغيير خريطة المنطقة التي ستغير بالتبعية على غرار ما فعله سلفه في أوروبا. هل نحن جمهوريات موز تفعل بنا إسرائيل ما تشاء ونلوذ بالصمت؟
الخطوة التالية هي
تُكوِّن مجموعة من هذه الدول يضاف إليها قطر وتركيا والسلطة الفلسطينية للتفاوض مع دولة هتلر الثاني للإفراج عن كل الأسرى من الجانبين، وتبييض السجون الإسرائيلية من المناضلين الفلسطينيين المقاومين للاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، من كل الفصائل، ومن لا ينتمون إليها، ووضع الدولة الفلسطينية على طاولة التفاوض مع نظام إسرائيلي جديد يراهن على السلام الحقيقي ونبذ الاحتلال والتعايش بسقف زمني معلوم.
على العرب، إذا أرادوا حفظ كرامتنا والكرامة غالية الثمن في تراثنا ووجداننا العربي، وان لا نهان ونذل، دعم صمود غزة ومقاومتها المشروعة، وفتح خطوط اتصال مع حماس والجهاد. فتح خطوط الاتصال سيسهل المصالحة الفلسطينية، وقد يعدل رؤى الحركتين نحو قضايا كثيرة في المنطقة وعلاقاتهما الإقليمية. أن عزلهما وشيطنتهما ليس في صالح قضية فلسطين، ايضًا يجب على وجه السرعة اتصال رؤسائنا بالرؤساء الغربيين جميعًا للتعبير عن موقف عربي واحد وقوي ضد حرب هتلر الثاني لمنع انتشار الشرارة التي قد تحرق دول الجوار القريبة والبعيدة، والتحذير من الخطر المؤكد على المصالح الغربية التي لحسن الحظ التي تتراجع بفضل النمو الصاروخي لمصالح الصين والهند، وصعود أرقام علاقتهما التجارية مع المنطقة العربية.
أما الأمنية الأخرى فهي إعلان الدول النفطية، زادها المولى غنى وكبرياء، عن حزم مالية لدعم مصر وسوريا ولبنان، لتخفيف الضغط الغربي عليها، ومساعدتها على تخفيف أزماتها المالية.
الخلاصة: إذا لم يخدم المال، بعض الفائض منه عن الحاجة فقط، قضايانا، ويعزز ويحمي عزتنا واستقلالنا، فتبًا له ولنا. إن إسرائيل قوية بضعفنا، ولا يهمها ان وتعاني من عزلة دبلوماسية ولو مذلة بعد أن صوتت 120 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح فلسطين والسلام طالما بقيت واشنطن في صفها. إسرائيل تنفس عن عزلتها الخانقة بالنار والدمار والموت في غزة. وفي ظل الضعف العربي المزمن، تجاوزت أمريكا وبريطانيا وألمانيا وكندا وفرنسا، كل الحدود، بدعمها السافر لعدوان هتلر الثاني. هذه العنصرية البيضاء والاستهانة بمصالح الفلسطينيين والعرب، لن يضع حدًا لها إلا موقف عربي رجولي لا يهاب امريكا وغيرها. أمريكا في أفول، وهذا من مصلحتنا، وعلينا التسريع بأفول هذه الدولة، دولة الشرور.