حينما يفكر الناس بأقدامهم

الأيديولوجية تعني أن الناس يفكرون من أقدامهم، فإن أردت أن تفهم أيديولوجية جماعة من الجماعات، فانظر إلى الأرض حيث يضع أفراد هذه الجماعة أقدامهم، وكل جماعة قوى ومصالح تتلفح بالسماء، وتستدعي المقدس لتأكيد مشروعيتها وتبرير ذاتها.

وحيثما تختلج "نحن" و"هم"، تكون أيديولوجيا، وحينما توجد أيديولوجيا توجد مصالح وغايات ومنافع يمكن رؤيتها وتعيينها بوضوح، في عالم الممارسة الاجتماعية الحية، حتى وإن ادعت هذه الجماعة أو تلك بأنها أنصار الله أو حزب الله أو أنصار الشريعة أو إخوان الله... الخ، وأكدت أن كل ما تفعله هو خالص مخلص لوجه الله العلي القدير الرحمن الرحيم، وما أسهل التأويل وما أسرع التبرير، وكل يرفع المصحف راية حرب وعقيدة شرع وشعار احتشاد، وحينما يكون الداعي باسم الله الواحد الحق، فاعلم أن الشرخ قد اتسع، وأن الفأس وقعت بالرأس.

فمن هو ذلك الذي يستطيع إقناع أنصار الله في صنعاء أنهم لفيف من قبائل اليمن الأعلى، تحركهم مصالح وأهداف وشهوات أرضية، وليسوا الشعب بألف ولام التعريف الكبيرين؟ ومن يستطيع إقناع الإخوان المتأسلمين أنهم لفيف من المصالح والأهواء والشهوات، يستخدمون الدين والقرآن الكريم لتحقيق مصالح سياسية بشرية، في مجتمع معظم سكانه أميون وجهلة وفقراء ومساكين؟ والناس لا يضحون بحياتهم إلا في سبيل الأمور التي يجهلونها!