رحيل الكبوس: صنع البن وحول الشاي العجيب متعة صنعانية

بدأ المؤسس الحاج محمد حسن الكبوس مسيرته التجارية عام 1938م، بمحل تجاري، في سوق الملح، بالعاصمة صنعاء، وظل يزاول فيه نشاطه التجاري في بيع البضائع، أبرزها البن، بالطرق والوسائل التقليدية، في الحفظ والنقل والتحميص والطحن كما كان معروفًا إلى ذلك التاريخ.

وقد كان للصفات التي تمتع بها الحاج محمد الكبوس، وهي الصدق والأمانة وحسن المعاملة والتواضع المصحوب بالجدية واحترام المستهلك، كل هذه الصفات كان لها دور كبير في حسن سمعته وانتشار شهرته، فصارت له السمعة الحسنة في السوق، ليكتسب بها ثقة واحترام عملائه وأصدقائه وكل من عرفه، فأصبح محط أمانات الناس من مختلف المحافظات، وصار محله التجاري في صنعاء القديمة مستقر رسائلهم ومواعيدهم، ولما كان هو الأشهر بين أهله والأكثر احتراما جعلوه عميدًا للعائلة وهو مازال في سنه الباكرة.

الراحل الحاج محمد حسن الكبوس
الراحل الحاج محمد حسن الكبوس (صورة متداولة على شبكة المتواصل)

إن هذه السمعة الطيبة وما كان يحمله الحاج محمد في أعماقه من إيمان بتطوير تجارته وبمستقبلها الواعد بالخير، وعصاميته العالية ودأبه في بذل الجهد والعمل المتواصل في تقوية وتنمية تجارة البن وتوسيعها حتى ربت فنجحت واشتهرت، وذاع صيتها الحسن، هو الذي حفر اسم "بن الكبوس" في الذاكرة محليًا وإقليميًا وعالميًا. يكمن صدق هذا القول في ما كان يردده الحاج الكبوس على العاملين معه: "إننا سوف نكبر ونشتهر".

مع بداية أربعينيات القرن الماضي، بدأ الحاج المؤسس يوسع نشاطه التجاري مسافرًا إلى مدينة عدن، ليأتي بالبضائع المتنوعة، وأثناء وجوده هناك شرب الشاي السيلاني والكيني المستورد إليها، وهما من أجود أنواع الشاي العالمي؛ فأدهشه مذاقه الساحر، فأحبه وتعود على شربه، بل إن سر ذلك المذاق الرائع جعله يتشبث به كسلعة ساحرة يجب أن ينقلها إلى مدينته صنعاء، ليضيف إلى جمالها سحر وروعة مذاقه، ليحتسيه أهلها الذين لا يعرف أكثرهم إلا شرب قشرة البن، وقليلهم من يشرب البن.

فكان الحاج "الكبوس" هو أول من أدخل الشاي عالي الجودة إلى صنعا عام 1948م، وشرع في بيعه، بجودته العالية، إلى جانب بن "الكبوس" اليمني الأصيل، فكان الشاي بلونه الذهبي النقي، ومذاقه الرائع، مثار تعجب الناس، فانتشر صيت الشاي وشهرته بينهم، وصاروا يقبلون عليه بكثرة متنامية مع مرور الأيام، كان "الكبوس" في صنعاء الوحيد الذي ركز على بيع الشاي باهتمام وجهد بالغين، فأضيف الشاي إلى الكبوس؛ ليصير اسمه "شاي الكبوس"، كما عرف بالجودة العالية منذ البداية.

إن نجاح الكبوس الكبير في تجارة الشاي، دفعه إلى إنشاء أول مصنع في اليمن لتحميص وطحن البن بالمكائن الحديثة، وتم افتتاحه عام 1951، ليشكل، في اليمن، حينها نقلة نوعية في تجارة البن.

وفي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، أدخل الحاج المؤسس إلى السوق أبناءه حسن، إبراهيم، هاشم، أمين، ومأمون، ليسلمهم راية الإنتاج والتجارة، فأحدث الأساتذة الأبناء ـتحت رعاية وإشراف والدهمـ نقلات واسعة كبرى صارت تمثل الأساس لاستراتيجية نشاط "مجموعة الكبوس" الإنتاجية والتجارية.

* نشر على صفحة الكاتب في فيسبوك