شجون وحدوية!

نزلت من صنعاء إلى عدن في اجازة ايام الوحدة، وعند رجوعي حمّلني إبني طلب استخراج نسخة لعينة من أصل نهاية دراسته؛ لأغراض البلاوي التي كانت محتمة على عباد الله في البيروقراطية والروتين العظيم الذي ليس له مثيل في دنيا البشر التي تحترم انسانية الانسان.

قالوا في فرع عدن انه غير مخول لهم بصرف او تصوير وثيقة نهاية التعليم؛ ولابد من استخراجها من وزارة التربية والتعليم بصنعاء، وكنت اعرف وكيل وزارة التربية اللعينة تلك، بل يمكن القول ان بالإمكان اعتباره صديقًا.. هو من الغوانم، ولن أبوح بكامل اسمه. طلعنا من عدن معًا، وسكنا معًا في فندق رمادة حده، وقدمني لزوجته الكريمة، وكانت بصحبته وهي مُدرسة ممتازة، يعني نقول اني انا وهو أصدقاء، كان يصدر مجلة فصلية اسمها التربية وطلب مني الكتابة فيها فكتبت له مرة باختصار. الشخص يمكن اعتباره صديق فكلنا طالعين من عدن، قلت له: اريد خدمتك في صرف نسخة تخص انتهاء تعليم ابني قيل في عدن انها لا تصرف الا من عندكم! فهل يمكنك خدمتي بهذا الشأن؟
كان رده جميلًا قال: "ماعزك ومن العين دي والعين دي" واشار بإصبعه إلى عينيه واحدة بعد واحدة! "تعال الى مكتبي بكره الصبح بالوزارة، ولا لك الا اللي يرضيك!
اخذت ما يلزم من اوليات تلك القضية اللعينة، وسألت عن مقر تلك الوزارة اللعينة ايضًا، وكانت في أصعب مكان في العاصمة صنعاء الحبيبة، ورحت.. كانت الوزارة داخل سور تاريخي يشبه نوعًا ما سور الصين العظيم، وعلى الباب شوكيدار(حارس يعني بالزنة وكامل اللباس الصنعاني اللطيف وبيده بندقية الية من نوع كلاشينكوف) اشتي وكيل الوزارة يا خبرة؟ قال:" ماشي..اليوم ما بيقابلش حد".
قلت له: "بيني وبينه وعد نلتقي اليوم".
قال: "والله انهو كذب عليك، اليوم ما بيقابلش حدا، تشتي تجرب اطلع.
وطلعت.. وقالت لي سكرتاريته المهيبة انه اليوم مافيش مقابلات! وليده عدنية حبوبه قالت: "تعال بكره".
ورجعت بكره، وبعد بكرة لما استأنس بزياراتي الشوكيدار الصنعاني صاحب الزنة والكلاشينكوف..

قال لي:" انت يا فندم ما تشتي؟! شرحت طلبي بصورة من شهادة نهاية تعليم ابني، وعرضت عليه الاوليات من الأوراق، رآها وقال:" سهل سهل! انا عاد اخارجك هذه مسألة بسيطة، ادي مئة ريال حق التصوير، اما انا والله ما اشتي منك ولا قرش با اخدمك هكذا ذكارة؛ لأني رحمتك من السرحه والبرحة.. ترجع لي غدوة، ولا لك الا خبر يرضيك.
سلمته الورق ومئة ريال فقط رفض يأخذ غيرها، ويا سلام عليه رجعت في اليوم التالي وكل شي تمام وعلى أحسن ما يرام.. سلمني صورة الشهادة واوراق التعريف وعانقته شاكراً شهامته ومشيت، اما الوكيل صاحبي صاحبنا وابن بلادنا فقد قال:" من عيوووووني.. من عيوني.. من العين دي قبل العين دي" واشار بالتوالي الى عينيه اليمنى أولا وبعدها اليسرى.. من عيوني الثنتين!
هذا الموقف من اشجان الوحدة اليمنية وضعني في محك فتح عيوني الثنتين، العين دي قبل العين دي على الفرق بين الرجال... وال... واشباه الرجال